أبوظبي  (الاتحاد)

نظم «التجمع الأوروبي لمكافحة التطرف والإرهاب» بالتعاون مع مكتب معالي الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي، نائب رئيس مجلس أمناء مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، ندوة على تطبيق «زووم» بعنوان «أمن منطقة الخليج العربي: التهديدات التداعيات والحلول». 
الندوة تأتي في إطار الحملة الأوروبية لمكافحة التطرف والإرهاب، شارك فيها أكثر من 500 شخصية من الدبلوماسيين والسياسيين والمختصين والأكاديميين ينتمون إلى أكثر من 45 دولة حول العالم، منها  الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا والمملكة العربية السعودية وفرنسا والصين والكويت ومملكة البحرين ومصر وإسبانيا وبلجيكا وإيطاليا والنمسا وألمانيا والسويد.
تحدث في الندوة معالي الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي، نائب رئيس مجلس أمناء مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية في أبوظبي، ومعالي الدكتور نايف فلاح مبارك الحجرف، أمين عام مجلس التعاون الخليجي، والشيخ الدكتور عبد الله بن أحمد آل خليفة، رئيس مجلس الأمناء في مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة، وديفيد شينكير، المساعد السابق لوزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط، ونتالي غوليه، عضو مجلس الشيوخ الفرنسي، ومعالي جوليو تيرزي، وزير خارجية إيطاليا السابق، والدكتور كينيث كاتزمان، الخبير في شؤون الخليج في مكتبة الكونجرس الأميركية، وآدم روزفيلت مستشار أمني أميركي، ومعالي الدكتور رياض ياسين، وزير خارجية الجمهورية اليمنية السابق، والسفير اليمني لدى فرنسا، وفريديريك فليتز، رئيس الأركان السابق لمجلس الأمن القومي الأميركي، والدكتور عبد العزيز بن صقر، رئيس «مركز الخليج للأبحاث». 

  • نايف الحجرف

قراءة معمقة للتهديدات
قدمت الندوة التي أدارها الدكتور نضال شقیر الاستشاري الحكومي الاستراتيجي وأستاذ التواصل الاستراتيجي والعلاقات الحكومية في باريس قراءة معمقة في شؤون أمن منطقة الخليج العربي، حيث ركزت الفعالية على موضوع التهديدات التي تواجه دول المنطقة، وتداعيات هذا الأمر على العالم، والحلول الممكنة لتعزيز حماية المنطقة الخليجية. 
وتضمنت الندوة ثلاث جلسات: الأولى بعنوان «التهديدات التي تواجه أمن منطقة الخليج العربي: ما هي طبيعتها؟ ما هو مصدرها؟ ما مدى خطورتها؟» أما الجلسة الثانية فكانت بعنوان «أمن منطقة الخليج العربي والعالم: ما أهمية الأمن في المنطقة؟ ما هي تداعيات استهداف أمن المنطقة؟» والجلسة الثالثة والأخيرة بعنوان «أمن الخليج العربي من أمن العالم: كيف يمكن حماية أمن الخليج العربي؟ما هو دور دول الخليج العربي؟ ما هو دور المجتمع الدولي؟».

حلول جماعية لأزمات المنطقة 
في البداية، وخلال الكلمة الافتتاحية أشار معالي الدكتور نايف فلاح مبارك الحجرف، أمين عام مجلس التعاون الخليجي، إلى أن أزمة كوفيد التي عاشها العالم في الفترة الماضية كانت مؤشراً مهماً وأساسياً للتوجه نحو مواجهة الأزمات بطريقة جماعية وليست فردية. وشدد على أهمية التعاون لمواجهة التحديات الكثيرة التي تواجهها الدول الخليجية، كالتحديات الداخلية من تنمية وتنوع الدخل إلى التحديات الخارجية، وخاصة مسألة الأمن المشترك. كما شدد الحجرف على ضرورة الحلول الجماعية في المنطقة، وضرورة جلوس جميع الأطراف في المنطقة على طاولة واحدة لحل كافة المشاكل، وعدد بعض الملفات المهمة بالنسبة للدول الخليجية كسد النهضة والقضية الفلسطينية. 
وأشار الحجرف إلى بعض التهديدات التي تواجه المنطقة كالتهديدات الإقليمية، والملف النووي الإيراني، واستهداف خطوط الملاحة والميليشيات «الحوثية». وبالنسبة للحوار اليمني الذي أعلن عنه مجلس التعاون الخليجي، فشدد الحجرف على أن هذا الحوار هو منصة تشاور يمنية خالصة، حيث تمت دعوة كافة الأفرقاء في اليمن للمشاركة فيها ومن بينها جماعة «الحوثي»، التي لم ترد حتى الساعة على هذه الدعوة.

أهمية التضامن الخليجي
من جانبه، أشار معالي الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي، نائب رئيس مجلس أمناء مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية في أبوظبي وخلال كلمته الترحيبية إلى أن أمن منطقة الخليج لطالما كان مهدداً ومنذ زمن بعيد من قبل بعض جيران السوء ولا يزال وذلك عبر محاولة تصدير أيديولوجياتهم المتطرفة لدولة وعبر ميليشياتهم الطائفية وصواريخهم الباليستية وطائراتهم المسيرة التي تصنع بأموال شعوبهم.

  • جمال السويدي

السويدي أكد أن تهديد استقرار الخليج العربي وأمنه له تداعيات كبيرة ليس فقط على دول وشعوب منطقة الخليج بل على الإقليم والعالم، وأضاف «أمن الخليج وبلا شك هو مسؤولية دوله بالدرجة الأولى، ومن هنا نشدد على أهمية التضامن الخليجي الكامل في هذه المسألة منعاً لاختراق أمنه من الداخل. ومن ثم هو مسؤولية المجتمع الدولي والدول الكبرى التي تتفاوض في فيينا».
واختتم نائب رئيس مجلس أمناء مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية كلمته بالتأكيد على «أننا مع الحوار والاتفاق مع الجميع، لكن على ألا يكون هذا الحوار على حسابنا وحساب أمننا، نحن مع الحوار والاتفاق على أن يؤديا إلى استتباب الأمن والاستقرار في منطقتنا، نحن مع الحوار والاتفاق عندما يضعا حداً للميلشيات وصواريخها ومسيراتها المسيرة… نحن مع الحوار والاتفاق اللذين تشارك بهما كافة دول المنطقة ويؤديا إلى سلام مستدام. والأكيد أننا ضد أي حوار واتفاق نتيجته صفقة تأتي على حساب أمننا ووجودنا في هذه المنطقة».

تحديات غير تقليدية 
من جهته، قال الشيخ الدكتور عبد الله بن أحمد آل خليفة، رئيس مجلس الأمناء في مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة، إن طبيعة التحديات التي تواجه منطقة الخليج لم تعد تقليدية في ظل الحروب بالوكالة من خلال الميليشيات الإرهابية، والتهديدات السيبرانية، واستهداف منشآت الطاقة، وعرقلة الملاحة البحرية، الأمر الذي يعد تهديدًا للأمن للعالمي بأكمله. وأوضح الدكتور الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة أن إيران تمثل مصدرًا رئيسًا لتهديد الأمن الإقليمي في ظل تدخلاتها في شؤون دول المنطقة، ودعم الميليشيات المسلحة في دول الجوار، تمويلًا وتدريبًا وتسليحًا، فضلًا عن سعي طهران لتطوير أجيال جديدة من الصواريخ الباليستية. مضيفًا أن استمرار الأزمات الإقليمية تلقي بظلالها على أمن دول الخليج، وتؤدي إلى اختلال في ميزان القوى بالمنطقة. 

تهديدات أصبحت «روتينية»
ديفيد شينكير، المساعد السابق لوزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط، اعتبر أن إيران هي المصدر الأساسي لعدم الاستقرار في المنطقة، وذلك من خلال دعمها لميليشيات، ك«حزب الله»، و«الحشد الشعبي» و«الحوثيين». إذ تعمل طهران على تزويد تلك الميليشيات والحلفاء بالطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية لاستهداف الدول الخليجية. شينكر اعتبر أن التهديدات التي تشنها تلك الميليشيات أصبحت روتينية، وأن استهداف المدنيين والمنشآت النفطية أصبح امراً روتينياً للأسف. وأضاف: هناك شعور لدى شعوب المنطقة بابتعاد الولايات المتحدة عنهم وأنهم فقدوا الثقة بواشنطن معتبراً أن على دول المنطقة أن تنظر إلى هذا الأمر بشكل مؤقت. المساعد السابق لوزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط قال إن إدارة بايدن ترتكب خطأ إذ أنها تريد اتفاق بأي ثمن مع طهران، وتوقع أن يصبح سلوك إيران أسوء بعد توقيع الاتفاق النووي وأن هذا سيكون له تداعيات ليس فقط على دول الخليج بل كامل المنطقة.

  • ديفيد شينكر

القرصنة..و«الإخوان»
في المقابل، شددت  نتالي غوليه، عضو مجلس الشيوخ الفرنسي، على ضرورة مكافحة القرصنة البحرية وحماية المضايق المائية وحرية الملاحة للحفاظ على مصادر الطاقة التي تغذي الاقتصادات العالمية. كما أشارت عضو مجلس الشيوخ الفرنسي إلى تهديد جماعة الإخوان المسلمين كخطر حقيقي يهدد دول الخليج كما يهدد فرنسا والدول الأوروبية.

مسؤولية عالمية
وأشار معالي الدكتور رياض ياسين، وزير خارجية الجمهورية اليمنية السابق، والسفير اليمني لدى فرنسا، إلى أن حماية أمن منطقة الخليج ليست مسؤولية أهل المنطقة فقط بل هي مسؤولية جماعية وعالمية، ومنها الجيران في الجهة المقابلة من البحر الأحمر. وأضاف أن أي اضطراب في منطقة الخليج سيكون لها تداعيات على العالم أجمع. 

تقلبات النظام الأميركي
في المقابل قال فريديريك فليتز، رئيس الأركان السابق لمجلس الأمن القومي الأميركي، إن أمن منطقة الخليج حيوية بالنسبة للعالم، وأضاف أن هناك تقلباً في النظام الأميركي وعلى الدول الخليجية أن تتعامل مع هذا الأمر بهذه الطريقة وإلا توقف شراكتها الاستراتيجية بسبب إدارة ستتغير في المستقبل. وشدد «فليتز» على أهمية أن تشارك الدول الخليجية في الاتفاق النووي بين إيران والغرب وأن توافق عليه كي ينجح.

تداعيات الأزمة الأوكرانية
معالي جوليو تيرزي، وزير خارجية إيطاليا السابق اعتبر أن إيران تبقى العنصر الأول المزعزع لاستقرار المنطقة عبر دعمها للهجمات الإرهابية التي تشنها ميليشياتها، والتي لا تستهدف فقط الدول الخليجية بل الرعايا الغربيين والأوروبيين الموجودين هناك. تيرزي أعتبر أن الأمن الخليجي أساسي للأمن الاقتصادي الأوروبي مضيفاً أن الأزمة الأوكرانية الحالية ستدفع طهران للتمسك ببرنامجها النووي وهي ستحاول الاستفادة من قدر الممكن من هذه الأزمة لزيادة ترسانتها النووية.
في المقابل، شدد الدكتور كينيث كاتزمان، الخبير في شؤون الخليج في مكتبة الكونجرس الأميركية على أن تقدم إيران في برامجها الصاروخية عاملاً مهدداً ومزعزعاً للمنطقة، معتبراً أنه يمكن وضع حدود للبرنامج النووي الإيراني، لكنه استبعد أن تتخلى طهران عن ميليشياتها.
أما آدم روزفيلت المستشار الأمني الأميركي، فشدد على ضرورة الأمن الشامل وضرورة حماية الأمن في منطقة الخليج لما تمثله من أهمية بالنسبة للاقتصاديات العالمية.

البحث عن بدائل 
وفي الختام، قال الدكتور عبد العزيز بن صقر، رئيس مركز الخليج للأبحاث، إن المشكلة الحالية هي مشكلة ضمانات إذ لم يعد هناك ضامن لأمن الدول الخليجية وبالتالي أصبحت تلك الدول تبحث عن بدائل، مع العلم أنها كانت ملتزمة مع الولايات المتحدة إلتزاماً كاملاً في السنوات الماضية.رئيس مركز الخليج للأبحاث اعتبر أن احتياجات دول الخليج لم تؤخذ بعين الاعتبار، وأن الوضع اليوم هو غير طبيعي إذ أنه ليس هناك أي إدانة للميليشيات المعتدية التي تستهدف الدول الخليجية بالصواريخ والطائرات المسيرة.