أحمد شعبان (القاهرة)

جددت الإمارات دعوتها إيران إلى الرد الإيجابي على مبادراتها المتكررة للحل السلمي لقضية الجزر الإماراتية الثلاث المحتلة (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى)، من خلال المفاوضات المباشرة أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية. ونددت، في كلمة أمام اجتماع الدورة العادية الـ 157 لمجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية في القاهرة، باعتداءات «الحوثيين» الإرهابية التي استهدفتها والمملكة العربية السعودية، مؤكدة حقها القانوني والأخلاقي في منع خطر الإرهاب من تهديد أراضيها ومكتسباتها وردع مرتكبيه، ومطالبة دول العالم بتصنيف «الحوثيين» على قوائم المنظمات الإرهابية. كما أكدت بذلها كل الجهود خلال رئاستها مجلس الأمن الدولي في مارس الحالي، لوقف الأعمال العدائية وخفض التصعيد في أوكرانيا والعودة إلى الحوار والمفاوضات للوصول إلى حل سلمي. 
وترأس معالي خليفة شاهين المرر وزير دولة وفد الإمارات في اجتماع المجلس الوزاري العربي. وتقدم بالتهنئة إلى وزير الخارجية اللبناني عبدالله بوحبيب بمناسبة ترؤس بلاده أعمال الدورة العادية الـ 157، كما توجه بالشكر إلى وزير الخارجية الكويتي الشيخ الدكتور أحمد ناصر المحمد الصباح، على الرئاسة الناجحة للدورة السابقة، والشكر للأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، على الجهود المبذولة في الإعداد الجيد لأعمال الدورة. 

اعتداءات «الحوثي» الآثمة
وقال معاليه: «منذ الدورة السابقة، شهدت منطقتنا والعالم تحديات وتهديدات متزايدة تستوجب منا مزيداً من العمل الجماعي الجاد وتوحيد المواقف لمواجهتها والتغلب عليها». وأشار إلى أن الإمارات تعرضت لاعتداءات إرهابية آثمة من قبل جماعة الحوثيين الإرهابية، ومن ميليشيات موالية لها، استهدفت المناطق والأعيان المدنية وأدت إلى وقوع ضحايا مدنيين وخسائر عينية، مضيفاً: «وبالمثل، استمرت الهجمات الإرهابية الحوثية على الأعيان المدنية في المملكة العربية السعودية، وتم استخدام أعداد كبيرة من الصواريخ الباليستية والمجنحة والطائرات المسيرة إيرانية الصنع في هذا العدوان». 
وأكد أن يقظة واستعداد قواتنا المسلحة وحرفيتها العالية في التصدي لهذه المحاولات، أفشلت وقوع عمليات إرهابية واسعة النطاق، تستهدف إيقاع ضحايا من مختلف الجنسيات المقيمة في الإمارات التي تبلغ أكثر من 300 جنسية، بينها أكثر من مليونين من مواطني الدول العربية الشقيقة، مؤكداً حق الإمارات في دفع العدوان والدفاع عن النفس وعن سيادتها وأراضيها، بموجب القانون الدولي، ومشدداً على أن ما تقوم به الجماعات الإرهابية من اعتداءات لن يمر من دون رد شامل، والإمارات تملك الحق القانوني والأخلاقي لمنع خطر الإرهاب من تهديد أراضيها ومكتسباتها وردع مرتكبيه، وتملك القدرة الوافية لحماية سكانها والمقيمين على أراضيها ليعيشوا في أمن وأمان وحرية من أي إرهاب آثم.
تصنيف الميليشيات «إرهابية»
وقال معاليه: «إننا إذ نعرب عن عميق شكرنا للدول العربية الشقيقة لموقفها المتضامن معنا، ولصدور القرار رقم 8725 بالإجماع عن الدورة غير العادية لمجلس الجامعة يوم 23 يناير 2022، فإننا نؤكد مرة أخرى أن ما قامت وتقوم به ميليشيات الحوثي الإرهابية من اعتداءات يشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وتهديداً للسلم والأمن الإقليميين والدوليين، وهي أعمال إرهابية آثمة ترتكبها جماعة إرهابية.
وتابع معاليه: «هذا ما أكده البيان الصادر بالإجماع عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وما تضمنه القرار رقم 2624 لعام 2022 الصادر يوم 28 فبراير 2022، الذي صنف الجماعة في نص الفقرة العاملة 1 بأنها «جماعة الحوثيين الإرهابية»، وأدرجها ككيان على قائمة حظر السلاح بموجب الفقرة العاملة 5. ولفت إلى «أنه ما كان للميليشيات الإرهابية أن تستمر في عدوانها وجرائمها وتعنتها ورفضها للحلول السلمية للأزمة اليمنية لولا التدفق للأسلحة الإيرانية عليها، في انتهاك صريح لقرارات مجلس الأمن، ولولا عدم مبالاة وتخاذل المجتمع الدولي في اتخاذ موقف حاسم من استمرار هذه الجماعات الإرهابية في غيها، مشدداً على أهمية الاستمرار في مطالبة كافة دول العالم بتصنيف الحوثيين ككيان إرهابي وإدراجهم على قوائم المنظمات الإرهابية. وشدد على أن هذا التصنيف لا يتعارض مع استمرار تقديم العون الإنساني للشعب اليمني، وبالمثل لا يتعارض مع سعينا للعمل على الوصول إلى وقف إطلاق النار وإيجاد حل سياسي للصراع في المستمر اليمن.

الحل في اليمن
وأكد معاليه الدور المحوري للمملكة العربية السعودية، وأهمية تحقيق وقف شامل لإطلاق النار والعودة لمحادثات السلام بين الأطراف اليمنية، انطلاقاً من مبادرة السلام المقدمة من المملكة وبالاستناد إلى المرجعيات الثلاث، المبادرة الخليجية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني اليمني وقرارات مجلس الأمن وبالأخص القرار 2216. كما أكد تحميل ميليشيات الحوثي الإرهابية وداعميها مسؤولية استمرار الحرب، مما يستوجب من المجتمع الدولي اتخاذ موقف حازم وممارسة ضغط أكيد على جماعة الحوثيين الإرهابية يجبرها على الانصياع لمتطلبات السلام وإنهاء معاناة الشعب اليمني الشقيق.

الجزر الثلاث المحتلة
وقال معاليه: «إن التوترات القائمة على المستوى الدولي يتوجب أن لا تنسينا أهمية تعزيز الموقف العربي والعمل العربي المشترك للدفع بحلول سياسية الأزمات المنطقة العربية المستمرة»، مشيراً إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة تجدد دعوة إيران إلى الرد الإيجابي على مبادراتنا ودعواتنا المتكررة للحل السلمي لقضية الجزر الإماراتية الثلاث المحتلة، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى، من خلال المفاوضات المباشرة أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية.

حماية المدنيين في أوكرانيا
وقال معاليه بالنسبة للحرب الدائرة في أوكرانيا: «في وقت يشتد فيه القلق والتوتر جراء الوضع في أوكرانيا، لا بد من التأكيد على إعطاء الأولوية لحماية المدنيين واحترام جميع الأطراف للقانون الإنساني الدولي وتغليب عوامل السلام والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي». وتابع: «من واقع مسؤولياتها كعضو غير دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وكرئيس للمجلس عن مارس 2022، ستبذل الإمارات كل الجهود الهادفة إلى وقف الأعمال العدائية وخفض التصعيد والعودة إلى الحوار والمفاوضات للوصول إلى حل سلمي لهذا الصراع، إعمالاً للدبلوماسية وتجنباً المزيد من الاستقطاب والتوتر، إيماناً بأن المسؤولية المشتركة لجميع الأطراف، في وقت الأزمات البحث عن الوسائل والطرق الأكثر نجاحاً في تأمين الحلول السلمية، وإيجاد بيئة مستقرة للأمن الإقليمي والدولي، انطلاقاً من حق جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة التمتع بالأمن والسيادة والاستقلال وسلامة أراضيها الإقليمية».

القضايا العربية
وأكد معاليه موقف الإمارات الثابت في دعم قيام دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية وحل الدولتين، ودعم كافة الجهود الإقليمية والدولية المبذولة للدفع بعملية السلام، وصولاً إلى تحقيق سلام عادل وشامل. كما أكد أهمية إيجاد دور عربي فاعل في جهود الحل السياسي ومساعدة سوريا في العودة إلى محيطها العربي، ورفض التدخلات الإقليمية في الساحة السورية.
وأكد معاليه أن الإمارات تؤمن إيماناً راسخاً بأن الحلول السياسية والدبلوماسية هي الطريق الأمثل والوحيد الكفيل بإنهاء الصراع في ليبيا، بما يحافظ على ما تحقق من إنجازات، وبما يحقق تطلعات الشعب الليبي في بناء مستقبل آمن ومزدهر. وجدد دعم الإمارات لكافة الجهود المعنية بتحقيق الأمن والاستقرار والازدهار للعراق ولشعبه، وفي مواجهة التدخلات الأجنبية في شؤونه الداخلية ومحاولات النيل من سيادته واستقلاله وسلامة أراضيه، مرحباً بإنهاء عمل لجنة الأمم المتحدة للتعويضات المترتبة على جمهورية العراق من غزو الكويت عام 1990، مضيفاً: «نأمل أن تتم مواصلة البناء على مثل هذه الخطوات الإيجابية لإنهاء كافة المسائل العالقة الأشقاء في الكويت والعراق». 
وجدد معاليه دعم كافة الجهود الرامية إلى تحقيق الأمن والاستقرار في السودان وإلى إنجاح المرحلة الانتقالية وتحقيق التنمية والازدهار والنهوض بالاحتياجات الملحة للشعب السوداني الشقيق، وتجاوز التحديات التي يواجهها في تحقيق تطلعات الشعب السوداني الشقيق. وقال: «نتطلع إلى استكمال الحكومة في الصومال العملية الانتخابية بسلام ونجاح، بما يمكن الشعب الصومالي الشقيق من تجاوز التحديات والالتفات إلى تحقيق الأمن والتنمية والاستقرار ومحاربة الإرهاب».

نشر ثقافة التسامح
وشدد معاليه على أن دولة الإمارات تؤكد منهجها الثابت في مواصلة العمل من أجل تحقيق السلام، ونشر ثقافة التسامح والاعتدال والتعايش بين الشعوب، ونبذ العنف والتطرف والكراهية، وتغليب لغة الحوار والعقل والدبلوماسية والحلول السياسية بين الدول، وبناء جسور التواصل والتفاهم تحقيقا للاستقرار والازدهار في المنطقة. وقال في ختام كلمته: «لا يسعنا إلا أن نجدد شكرنا وتقديرنا لما بذله جميع القائمين من جهود لإنجاح أعمال هذه الدورة، والدفع قدماً بمسيرة العمل العربي المشترك، ونتطلع لتجاوز الظروف التي تمر بها المنطقة لتنعم شعوبنا العربية بالأمن والاستقرار والحياة الكريمة».