دينا محمود (لندن)

في ظل موجة متصاعدة من الاستنكار الإقليمي والدولي، لمواصلة ميليشيات الحوثي الإرهابية اعتداءاتها الإجرامية على المنشآت المدنية في الإمارات، شددت أوساط تحليلية في الغرب، على أن هذه الهجمات الطائشة تضع مصداقية الولايات المتحدة على المحك، وتشكل تحدياً للجهود المبذولة بهدف وضع حد للحرب الدائرة في اليمن.
فالاعتداءات الحوثية الأخيرة، وقعت في وقت تسعى فيه إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، إلى الدفع باتجاه إيجاد حل تفاوضي يحقن دماء اليمنيين ويُسدل الستار على الصراع الدموي الذي تشهده بلادهم منذ أكثر من 7 سنوات، وذلك بعدما تعهد بايدن عقب توليه منصبه، بتكثيف الجهود الدبلوماسية على هذا المضمار، وهو ما تُرجِم على الأرض، باختيار تيموثي ليندركينج مبعوثاً خاصاً لواشنطن للتعامل مع ذلك الملف.
ولكن التصعيد الإجرامي الحوثي الحالي يرجح، وفقاً لتقرير تحليلي نشرته صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، استمرار القتال بضراوة على الأرض في اليمن، ما يُبقي هذا البلد فريسة لوضعٍ إنساني متردٍ، يهدد عشرات الملايين من سكانه بمواجهة مجاعة، تحذر الأمم المتحدة، من أنها ستكون من بين الأسوأ من نوعها في العالم.
وأوضح التقرير أن الهجمات الإرهابية التي تشنها العصابة الحوثية، تُعقّد السياسة الأميركية حيال الشرق الأوسط، فتوقيتها يتزامن مع محاولات إدارة بايدن، لتسهيل الحوار بين الأطراف اليمنية، وانخراطها كذلك في مفاوضات تتعلق بالبرنامج النووي الإيراني في فيينا، ما يجعل هذه الإدارة تكافح للموازنة بين كل هذه الملفات.
وشددت «واشنطن بوست» في الوقت ذاته، على أن كل المؤشرات تفيد بأن الإدارة الأميركية ستستمر في دعم شركائها الخليجيين، عبر توفير معدات عسكرية دفاعية لهم، وستواصل استنكار وإدانة الأفعال الإجرامية، التي تقترفها الميليشيات الحوثية الإرهابية.
استمرار دعم واشنطن لحلفائها في المنطقة، شَكلَ كذلك محوراً لتقرير مطول نشره معهد «جيتستون» الأميركي للدراسات والأبحاث، أبرز فيه الدعوات المتصاعدة في مختلف أنحاء العالم العربي، لإدارة بايدن بضرورة الإسراع بإعادة وضع ميليشيات الحوثي، على قائمة التنظيمات الإرهابية في الولايات المتحدة.
وأشار التقرير في هذا السياق، إلى القرار الحازم الذي أصدرته جامعة الدول العربية عقب اجتماع طارئ عقدته مؤخراً، وشددت من خلاله على ضرورة تصنيف هذه العصابة الدموية «إرهابية» دون إبطاء، وذلك على خلفية اعتداءاتها الإجرامية الأخيرة، التي أكد القرار أنها تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وتشكل تهديداً حقيقياً للمنشآت المدنية الحيوية، وإمدادات الطاقة واستقرار الاقتصاد العالمي، والسلم والأمن الإقليميين والدوليين.
وشدد المعهد في تقريره، على أن من شأن إصغاء إدارة بايدن لهذه النداءات إنقاذ مصداقية الولايات المتحدة، بالنظر إلى أن الكثيرين في المنطقة العربية، لا يستطيعون إدراك السبب الذي يحول دون أن تعيد الإدارة الأميركية «الحوثي» إلى القائمة السوداء، خاصة عقب جرائمها الأخيرة.
ونقل التقرير عن محللين إقليميين قولهم، إن الإحجام عن اتخاذ هذه الخطوة يُلحق أضراراً جسيمة بمصالح الولايات المتحدة نفسها، خاصة أن حذف العصابة الحوثية من القائمة الأميركية للإرهاب خشية أن يؤثر ذلك على إيصال المساعدات الإنسانية لليمنيين القاطنين في المناطق الخاضعة لسيطرتها، أدى في واقع الأمر إلى تشجيع مسلحي الميليشيات الإجرامية، على تصعيد ممارساتها العدوانية، سواء في الداخل اليمني أو عبر الحدود.
ووفقاً لـ «جيتستون»، باتت الرسالة المحورية التي توجهها الكثير من الدول العربية والمحللين السياسيين فيها للولايات المتحدة، تتمثل في التحذير من فقدان الثقة في السياسة الأميركية، إذا لم تُتخّذ خطوات صارمة ضد الميليشيات الحوثية الإرهابية. فبالنسبة لهذه الدول لا يوجد فارق بين «الحوثي»، وتنظيمات إرهابية أخرى مثل «داعش» و«القاعدة» و«حزب الله»، خاصة أن الإجرام الحوثي قد يهدد في نهاية المطاف واشنطن نفسها.

الميليشيات تهدد الملاحة البحرية
بحسب المحللين، سيقود عدم التصدي لإرهاب العصابة الحوثية، إلى تمكينها من بسط سيطرتها على مناطق أوسع من اليمن، ما يهدد بوضع الملاحة البحرية في البحر الأحمر، أحد أهم شرايين حركة الشحن والتجارة في العالم، تحت رحمة ميليشيات إجرامية، وهو ما يوجب على إدارة بايدن، وضع حد لأي مهادنة مع «الحوثي» وداعميه الإقليميين.
ونقل التقرير عن خبراء شرق أوسطيين تأكيدهم، على أنه من الضروري أن تبدي الولايات المتحدة دعماً لا لبس فيه لحلفائها، حينما يتعرضون لعدوان خارجي، حتى إن كان هؤلاء الشركاء الأمنيون والاستراتيجيون، قادرون على الدفاع عن أنفسهم، وأن على الإدارة الأميركية أن تسمي كذلك الأشياء بمسمياتها عندما تتعامل مع ميليشيات إرهابية مثل «الحوثي».
وخَلُصَ التقرير للتأكيد على ضرورة أن يمثل الغضب العربي الحالي حيال عدم تصنيف تلك العصابة إرهابية في الولايات المتحدة، جرس إنذار لإدارة بايدن، يحدو بها للإسراع باتخاذ خطوات حاسمة على هذا الصعيد.