عواصم (وكالات)
 
أعرب حلفاء الصومال عن قلقهم حيال ازدياد حدة الخلاف بين الرئيس ورئيس الوزراء في وقت سيّرت فيه فصائل مدججة بالسلاح دوريات في أجزاء من مقديشو، أمس، ما يعزز المخاوف من أن تؤدي الأزمة السياسية إلى اندلاع أعمال عنف.
وتمركز جنود موالون لرئيس الوزراء قرب القصر الرئاسي، بعد يوم من إعلان الرئيس محمد عبد الله محمد المعروف باسم «فرماجو»، تعليق مهام رئيس الوزراء محمد حسين روبلي الذي اتهم الرئيس بـ«محاولة انقلاب».
 أفادت وسائل إعلام صومالية، باعتقال قائد الحرس الرئاسي، حسن عدن دييس، بتهمة تورطه في محاولة انقلاب في البلاد.
وكشفت صحيفة «صومالي غارديان» الناطقة باللغة الإنجليزية عن أن إلقاء القبض على دييس تم بعد أن أرسل قوات إلى مكتب رئيس الوزراء بهدف الاستيلاء عليه، فيما وصفه مسؤولون حكوميون بـ«محاولة انقلاب فاشلة» دبرها رئيس الدولة.
ولطالما كانت العلاقة بين الرجلين متوترة، لكن التطورات الأخيرة أثارت مخاوف بشأن استقرار الصومال فيما تعاني البلاد من أجل تنظيم انتخابات طال انتظارها، وتقاتل تمرداً إرهابياً.
وأمس، نظمت قوات موالية لروبلي مسيرات في الشوارع، ما أثار خوفاً بين سكان مقديشو الذين سئموا المواجهات المسلحة.
وقال سعيد مؤمن وهو أحد السكان: «هم ليسوا بعيدين عن نقاط التفتيش الأمنية الرئيسية للقصر الرئاسي، وهم مسلحون برشاشات ثقيلة وقذائف آر بي جي». وقال عبد القادر أحمد، وهو أيضاً من السكان، رغم الهدوء الذي بدا عليه الوضع، إنه قلق فعلاً من احتمال اندلاع أعمال عنف.
وحضّ مراقبون دوليون الجانبين على حل الخلاف المتصاعد، فيما سعى بعض الأعيان والسياسيين الصوماليين إلى تهدئة الوضع.
وقال مصدر في مكتب الرئيس: «بدأ بعض السياسيين والأعيان التنقل بين الجانبين لتهدئة الموقف، لكن لم يتم التوصل بعد إلى حل رسمي عبر هذه الجهود».
وحذّر مكتب أفريقيا التابع لوزارة الخارجية الأميركية من أن واشنطن مستعدة للتحرك في وجه من يعرقل طريق الصومال نحو السلام.
وكتب على «تويتر» أن «محاولة تعليق مهام محمد روبلي مقلقة ونحن ندعم جهوده لإجراء انتخابات سريعة وذات صدقية، يجب على كل الأطراف التوقف عن الإجراءات التصعيدية والتصريحات».ويتّهم فارماجو روبلي بالتدخل في تحقيق حول قضية تتعلق بمصادرة أراضٍ، وقد سحب تفويضه لتنظيم الانتخابات.
بدوره، اتهم روبلي فارماجو بمحاولة انقلاب على الحكومة والدستور وقوانين البلاد وتخريب عملية التصويت.
وأصدر مراقبون دوليون وحلفاء، من بينهم بعثة المراقبين العسكريين التابعة للاتحاد الأفريقي في الصومال، والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، بياناً أعربوا فيه عن قلق عميق إزاء الأزمة.
وجاء في البيان: «ندعو قادة الصومال إلى وضع مصالح البلاد في أعلى سلم أولوياتهم وتهدئة التوترات السياسية المتصاعدة والامتناع عن الاستفزازات أو استخدام القوة التي يمكن أن تقوض السلام والاستقرار».
وأضاف: «لطالما أعرب الشركاء الدوليون عن قلقهم المتزايد إزاء عمليات التأخير المستمرة والمخالفات الإجرائية التي تقوض صدقية العملية الانتخابية في الصومال».
في أبريل، سعى فارماجو إلى تمديد فترة ولايته دون تنظيم انتخابات جديدة، ما أدى إلى اندلاع معارك دامية في مقديشو.
وفي بادرة تهدئة، كلف فارماجو روبلي تنظيم الانتخابات، لكن في الأشهر التي تلت، استمر التوتر بين الرجلين، وبلغت المواجهة بينهما أوجها في 16 سبتمبر مع إعلان رئيس الدولة تعليق الصلاحيات التنفيذية لرئيس الوزراء الذي رفض القرار، وتفاهم فارماجو وروبلي على وقف التوتر في أواخر أكتوبر ووجها دعوة مشتركة لتسريع العملية الانتخابية.
وتتبع الانتخابات الصومالية نموذجاً معقداً غير مباشر، إذ يتم اختيار حوالى 30 ألف مندوب عشائري لاختيار 275 نائباً لمجلس النواب فيما تنتخب 5 هيئات تشريعية في الولايات أعضاء مجلس الشيوخ، ثم تصوت غرفتا البرلمان لانتخاب الرئيس المقبل.
واختتمت انتخابات مجلس الشيوخ في كل الولايات وبدأ التصويت لمجلس النواب في أوائل نوفمبر، لكن يبدو أن تعيين رئيس ما زال بعيد المنال.
ويعتقد مراقبون أن أزمة رئيس الصومال والمأزق الانتخابي يصرفان الانتباه عن قضايا أكثر أهمية، مثل تمرد حركة «الشباب» الإرهابية الذي يهز البلاد منذ عام 2007.

«التعاون الإسلامي» تحث على خفض التوتر
حثت منظمة التعاون الإسلامي جميع الأطراف في الصومال على ضبط النفس وخفض التصعيد والتوتر، مؤكدةً أنها تتابع بقلق التطورات السياسية الأخيرة في البلاد.
ودعت المنظمة جميع الأطراف السياسية في الصومال إلى التحلي بالحكمة واعتماد لغة الحوار والحرص على تطبيق اتفاقات 17 سبتمبر 2020، و27 مايو 2021، التي تشكل أساساً لاستكمال المسار الانتخابي، وضماناً للنهوض بعجلة التنمية في البلاد.