عبد الله أبو ضيف (القاهرة)

نحو تعاون أكبر بين دول الخليج، احتضنت، أمس، العاصمة السعودية الرياض أعمال القمة الخليجية في دورتها ال42، تعزيزاً لوحدة الصف الخليجي، ودفعاً لمسيرة التعاون، وتنسيقاً بشأن كثير من القضايا الإقليمية والدولية.
وفي ظل التغيرات الكبيرة التي يشهدها النظام الدولي، أصبح من المهم بناء توافق إقليمي أكبر يضمن السلام والاستقرار في المنطقة ككل، ويعود على دولها بالنفع والفائدة.
واعتبر خبراء ومحللون أن القمة الخليجية ال42 تعتبر الأهم خلال السنوات الأخيرة تعزيزاً لوحدة الصف الخليجي في مواجهة التحديات الكبيرة التي تواجه البشرية، لاسيما التغير المناخي والصحة العامة ومكافحة التطرف وتمكين المرأة والتنمية الاقتصادية.
وأشاروا إلى وجود كثير من الفرص، حيث ناقش القادة مواضيع بالغة الأهمية تتعلق بالأمن الإقليمي، مع التركيز على المستقبل، وكيفية تعزيز أواصر التعاون، لاسيما فيما يتعلق بالمجال التنموي والاقتصادي، لدفع مسيرة مجلس التعاون للأمام بما يعزز الفائدة لشعوب الخليج.

حوار وتفاهم
وترى دولة الإمارات أن الوضع الدولي والإقليمي الراهن يتطلب مزيداً من الحوار والتعاون والتفاهم، لتعزيز الثقة بالشكل الذي يجسر بين وجهات النظر المتعددة حول القضايا ذات الاهتمام المشترك، وتؤكد الدولة أن المنطقة لا تتحمّل مزيداً من الاستقطابات والمواجهات، كما أن العقود المقبلة تحتاج إلى مزيدٍ من التواصل والتكامل والتعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والتكنولوجية والصحية والغذائية.
وفي هذا السياق، قال وزير الخارجية المصري الأسبق محمد العرابي: إن دول الخليج في هذه القمة عملت على مزيدٍ من التوافق في القضايا الإقليمية، والاتجاه لمزيد من الاستثمارات المتبادلة، إلى جانب العمل المشترك على إصدار قرارات من شأنها دعم التوافق بشأن القضايا الإقليمية.
وتربط بين شعوب دول الخليج روابط تاريخية قوية ومصير مشترك؛ لذا فإن وحدة مجلس التعاون الخليجي وتضامنه أمر بالغ الأهمية لمواجهة التحديات الإقليمية والمساعي المستقبلية للدول الأعضاء. 
ومن خلال التنسيق والمشاركة المستمرة، يهدف مجلس التعاون الخليجي إلى خدمة المصالح المشتركة للدول الأعضاء، وتحقيق الازدهار والتنمية لشعوب دول المجلس، والمساهمة في تعزيز دوره الإقليمي والدولي.
وأكد العرابي أن التعاون والتكامل في شتى المجالات بين دول المنطقة هو الحل الأمثل لمواجهة كافة التحديات الإقليمية، خصوصاً أن هذه الفترة لا تحتمل أي مناوشات أو اختلافات وانقسام بين الأطراف العربية تحديداً. وتسعى دول مجلس التعاون في مؤتمر القمة الثاني والأربعين لقادة دول المجلس الذي انعقد بالمملكة العربية السعودية، أمس، إلى تعزيز مسيرة التعاون في كافة المجالات لتحقيق تطلعات مواطني دول المجلس.

  • محمد بن سلمان في استقبال ولي عهد الكويت (واس)

عام على إعلان العلا
من جهتها، قالت المحللة السياسية الأميركية هديل عويس: إن القمة الخليجية الحالية تجري هذه المرة في الرياض وسط تغيرات كبيرة، لاسيما بعد مرور عام على إعلان العلا، مشيرة إلى أن القمة تعزز توحيد الموقف الخليجي، مشيرة إلى أن الجميع سيتجه إلى قضايا موحدة تتم مواجهتها بين الدول الخليجية، ومنها مثلاً التغيرات المناخية.
ويوم الأحد الماضي، عُقد الاجتماع الوزاري المشترك لوزراء خارجية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تحضيراً للقمة. وحضر الاجتماع وزير خارجية مصر.
جاء ذلك انطلاقاً من العلاقات الوثيقة القائمة بين قادة وشعوب دول مجلس التعاون ومصر والروابط الأخوية والتاريخية المتينة بينهم، وعملاً بمبدأ التشاور والتنسيق بشأن القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وتناول الاجتماع العلاقات بين مجلس التعاون ومصر، وسبل دعمها وتعزيزها في مختلف المجالات.
ومن المهم دائماً لدولة الإمارات تعزيز شراكاتها المستمرة مع الحلفاء التقليديين، مثل أعضاء مجلس التعاون الخليجي ومصر والولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة، وتوطيد علاقاتها الاستراتيجية، مثل شراكتها مع الصين وروسيا والهند، والاستكشاف المستمر لشراكات جديدة لخدمة مصالحها الوطنية بشكل أفضل.
وفي هذا الصدد، أشارت هديل عويس إلى التنسيق بين دول الخليج ومصر، لما لذلك من أهمية في تحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة وخدمة التطلعات السامية للأمة العربية.

العقد الخامس
من جانبه، أشار أمين عام مجلس التعاون الخليجي، نايف الحجرف، إلى أن القمة ستعمل على تعزيز مسيرة التعاون في المجالات كافة، وتحقيق تطلعات مواطني دول المجلس، لاسيما مع بدء مجلس التعاون العقد الخامس من مسيرته نحو تعزيز تلك المسيرة لكل ما من شأنه تحقيق الخير والأمن والازدهار لدوله وشعوبه في ظل توجيهات قادة المجلس.
والقمة الخليجية ال42 هي رابع قمة اعتيادية تستضيفها السعودية للعام الرابع على التوالي، إذ تعتبر أول مرة في تاريخ مجلس التعاون منذ تأسيسه عام 1981، أن تستضيف دولة 4 قمم متتالية، وكانت القمة ال41 عقدت في السعودية بعد تعديل أصبح يسمح لدولة الرئاسة (البحرين في تلك الدورة) بأن تُعقَد القمة في دولة المقر، وهو إجراء جرى الاتفاق عليه خلال القمة الخليجية ال37 التي عقدت بمملكة البحرين عام 2016.

دور قيادي
وفيما أكدت دولة الإمارات التزامها ب«إعلان العُلا» وأعربت عن تفاؤلها بأن تجلب السنوات المقبلة الاستقرار والأمن والازدهار لدول وشعوب مجلس التعاون الخليجي والمنطقة بأسرها، أشارت الباحثة الأميركية والمتخصصة في شؤون منطقة الشرق الأوسط، إيرينا تسوكرمان، إلى أن «إعلان العلا» والمبادرات الخليجية الأخيرة، تدفع دول المجلس نحو مزيد من التكامل والتعاون في القضايا الإقليمية والعالمية، لاسيما معالجة التهديدات الأمنية ومخاوف الطاقة والمناخ والوباء والتجارة والاستثمارات. وفي هذا الإطار، تشيد دولة الإمارات بالدور القيادي الحكيم والجهود الدبلوماسية التي تبذلها المملكة العربية السعودية في تعزيز وحدة وتماسك مجلس التعاون الخليجي.
وتؤكد الباحثة الأميركية تسوكرمان ل«الاتحاد»، أن هناك بالفعل زيادة في استثمارات البلدان في بعضها البعض، وزادت الزيارات الدبلوماسية والأنشطة الرياضية والتجارية، داعية إلى مزيد من التقارب في ضوء العلاقات الراسخة بين دول المجلس، من أجل التفاهم بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك، نحو تكامل بين الجميع.