أحمد مراد (القاهرة)
تحت شعار «مسيرة نجاحات مستمرة»، تحتفل سلطنة عُمان باليوم الوطني الـ 51، وسط العديد من الإنجازات والنجاحات التي تشهدها الساحة العُمانية في شتى المجالات. وكانت السلطنة على موعد مع انطلاق عهد النهضة المبارك الذي بدأ بتولي المغفور له السلطان قابوس بن سعيد «طيب الله ثراه» شؤون الحكم في الثالث والعشرين من يوليو عام 1970، وهو اليوم الذي يُعرف بـ «يوم النهضة المبارك».
وعلى مدى الخمسين عاماً الماضية، حققت السلطنة قفزات نوعية غير مسبوقة في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعسكرية، الأمر الذي أسهم في بناء نهضة حضارية شاملة في دولة عصرية تتمتع بوضع سياسي واقتصادي واجتماعي وعسكري قوي ومستقر، وتحظى بمكانة إقليمية ودولية مرموقة.
نجاحات اقتصادية
اقتصادياً، تبنت سلطنة عُمان على مدى الخمسين عاماً الماضية تجربة اقتصادية رشيدة اعتمدت على تنويع مصادر الداخل، وحققت عدة إنجازات في مجالات التنويع الاقتصادي، والتوسع في قطاعات الصناعة والزراعة والسياحة وصيد الأسماك والخدمات اللوجستية، والتوسع في قطاع المشروعات الصغيرة ومشروعات ريادة الأعمال، والاستغلال الأمثل للثروات الطبيعية والموارد البشرية.
وأولت سلطنة عُمان عناية فائقة بعمليات التصدير التجاري للنفط، وعملت على التوسع في مشروعات إنتاج البترول، وأقامت العشرات من مصانع تكرير النفط، فضلاً عن التوسع في المشروعات الصناعية الأخرى، مثل تأسيس العديد من مصانع الإسمنت، ومصانع تعليب الأسماك والتمور. وأقامت سلطنة عُمان العديد من المناطق الاقتصادية والصناعية، ومنها: مصفاة الدقم، وواحة المعرفة بمسقط، والمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، ومنطقة ريسوت الصناعية، والمنطقة الحرة بالمزيونة، والمنطقة الصناعية بصحار، ومنطقة الرسيل الصناعية، والحوض الجاف بالدقم.
كما شهدت سلطنة عُمان طفرة أخرى في المجال الزراعي، حيث اعتمدت في المشروعات الزراعية على الأساليب العصرية والطرق الحديثة التي تعتمد على الآلات والمعدات المتطورة، ونجحت في زراعة وإنتاج كل ما تحتاجه من المحاصيل الزراعية.
ونتيجة للنجاحات والإنجازات الاقتصادية التي حققتها سلطنة عُمان خلال الخمسين عاماً الماضية، أصبحت السلطنة تحتل المرتبة الـ 64 من بين أكبر اقتصادات العالم، وتُصنف الوكالات العالمية الاقتصاد العُماني كاقتصاد ذات دخل مرتفع، وفي العام 2010 اعتبر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سلطنة عُمان البلد الأكثر تحسناً على مستوى العالم في مجال التنمية.
كما جاءت في المرتبة الأولى عالمياً في الحرية الاقتصادية.
جهاز مصرفي متطور
شهد القطاع المصرفي في سلطنة عُمان العديد من التطورات الإيجابية خلال الخمسين عاماً الماضية، فقبل عام 1970 لم توجد أي هيئة أو مؤسسة مسؤولة عن الإشراف على النظام المصرفي، وخلال تلك الفترة تداولت بعض العملات المختلفة، مثل: الروبية الهندية، وعملة ماريا تريزا، والروبية الخليجية، وبعدها صدر ما عُرف بـ «مرسوم النقد» الخاص بإصدار الريال السعيدي، وإنشاء سلطة «نقد مسقط».
وفي أوائل عهد السلطان قابوس، وبالتحديد في العام 1972، صدر مرسوم النقد رقم 1392 الخاص بإصدار الريال العُماني ليحل محل الريال السعيدي، وإنشاء مجلس النقد العُماني ليحل محل سلطة نقد مسقط، وفي العام 1974 تأسس البنك المركزي العُماني ليحل محل مجلس النقد العُماني.
وفي عام 1998، تأسست الهيئة العامة لسوق المال التي تشرف على قطاعي المال والتأمين وعلى سوق مسقط للأوراق المالية، وشركة مسقط للمقاصة والإيداع، وشركات المساهمة العامة، وشركات الأوراق المالية، وشركات التأمين، وشركات التصنيف الائتماني.
شبكة طرق عصرية
خلال الخمسة عقود الماضية، نجحت سلطنة عُمان في تأسيس شبكة عصرية ومتطورة من الطرق، الأمر الذي جعلها تفوز في عام 2018 بجائزة «الوجهة المفضلة لرحلات الطرق»، وقد بلغت أطوال شبكة الطرق في السلطنة بحلول نهاية عام 2018 نحو 15230 كيلو متراً.
وحالياً، تحتضن سلطنة عُمان العديد من أهم وأبرز الموانئ والمطارات في العالم، مثل موانئ: صلالة، وصحار، والدقم، وشناص، وخصب، وميناء السلطان قابوس، ومطارات: رأس الحد، وصلالة، وصحار، ومسقط، والدقم.
طفرة سياحية
وفقاً لمؤشر السلام العالمي، صُنفت سلطنة عُمان بأنها البلد الأكثر سلمية في العالم، الأمر الذي عكس التطور الهائل في القطاع السياحي بالسلطنة، حيث تجذب سنوياً ملايين السياح من شتى أنحاء العالم، وقد ساعدها في ذلك تمتعها بمقومات سياحية عديدة من جبال، وأودية، ومواقع أثرية، وشواطئ، أبرزها: شاطئ قنتب، وشاطئ الجصة، وشاطئ ريسوت، وشاطئ البستان، وشاطئ مرباط.
يضاف إلى ذلك عشرات المتاحف والعيون والوديان والجزر والقلاع والحصون، مثل: متحف بيت الزبير، ومتحف بيت البرندة، ومتحف بوابة مسقط، وعين خرفوت، وعين طبرق وأثوم، وعين صحلنوت، ووادي دربات، ووادي الحوقين، وجزيرة أم الطير، وجزيرة مسندم، وجزيرة سلامة، وجزيرة التلجراف، ومحمية خور عوقد، ومحمية خور المغسيل، ومحمية خور القرم الصغير والكبير، وحصن عبري، وحصن بيت الفلج، وحصن المعمور، وقلعة فزح، وقلعة صحار.
تجربة ديمقراطية
عملت سلطنة عُمان، طوال العقود الخمسة الماضية، على تعزيز التجربة الديمقراطية، وبناء حياة سياسية وتشريعية عصرية ومتطورة، وكانت البداية بتأسيس المجلس الاستشاري الذي ظل لسنوات عديدة يشارك في علمية صنع القرار الداخلي والخارجي، وفي فترة لاحقة حل محله مجلس الشورى الذي منحه السلطان قابوس في عام 2011 صلاحيات تشريعية أعطت لأعضائه الحق في استجواب الوزراء، واقتراح القوانين. وأُجريت آخر انتخابات تشريعية في سلطنة عُمان خلال شهر أكتوبر من عام 2019 لانتخاب أعضاء مجلس الشورى للفترة التاسعة التي تمتد إلى 4 سنوات، حيث تنتهي في عام 2023، وبلغت نسبة مشاركة الناخبين العمانيين 49%.
تطوير الجيش
قطعت سلطنة عُمان على مدى الخمسين عاماً الماضية، أشواطاً عديدة في تطوير وتحديث قواتها المسلحة، وقد تأسس الجيش السلطاني العُماني خلال عام 1907، وكان عبارة عن قوة مشاة صغيرة، وكان يطلق عليها في ذلك الوقت «حامية مسقط»، وفي عام 1921 أطلق عليها اسم «مشاة مسقط»، وقد تطورت وتوسعت مهام هذه القوة. وفي عام 1976، قرر السلطان قابوس إعادة تنظيم القوات المسلحة العُمانية، وأطلق عليها اسم «قوات سلطان عُمان البرية»، وفي عام 1990 تغيرت هذه التسمية إلى«الجيش السلطاني العُماني»، وخلال هذه الفترة تضاعفت الجهود لتطوير وتحديث القوات المسلحة العُمانية حتى باتت واحدة من أقوى القوات المسلحة في المنطقة، والأكثر حداثة، والأفضل تدريباً، وتضم في صفوفها أسلحة المشاة والمدرعات والمدفعية ومنظومة الدفاع الجوي والإشارة والأسلحة الإدارية الأخرى.
متزنة وهادئة
عُرفت سلطنة عُمان بـ «سلطنة الحياد»، حيث ارتبطت بسياسة خارجية متزنة وهادئة، وسعت إلى إقامة علاقات دبلوماسية مع غالبية دول العالم على أساس مبادئ الاحترام المتبادل، وتبادل المصالح، والنأي عن الصراعات الإقليمية والدولية، وعدم التدخل في شؤون الدول الداخلية، وقد أصبح للسلطنة بعثات دبلوماسية في أغلب دول العالم، وتستضيف على أراضيها العشرات من مقرات قنصليات وسفارات مختلف دول العالم، فضلاً عن مقرات بعض الهيئات الدولية والإقليمية.
وعلى المستوى الخليجي والعربي، أظهرت سلطنة عُمان تفاعلات إيجابية مع القضايا العربية والخليجية، وقد انضمت عُمان إلى جامعة الدول العربية في عام 1971، وعند تأسيس مجلس دول التعاون الخليجي خلال عام 1981 سارعت إلى الانضمام إليه لتحقيق حلم التكامل الخليجي في مختلف المجالات.