أسماء الحسيني (القاهرة، الخرطوم)
أصدر القائد العام للجيش السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان وسط انتشار أمني كثيف مرسوماً دستورياً، بتشكيل مجلس سيادة انتقالي جديد، كبديل لمجلس السيادة.
وكان البرهان أعلن حل مجلسي السيادة والوزراء وإعلان حالة الطوارئ وإعفاء الولاة واعتقال وزراء ومسؤولين وقيادات حزبية في الخامس والعشرين من الشهر الماضي، معتبراً أن الهدف من هذه الإجراءات حماية المسار الانتقالي الديمقراطي.
وأسند المرسوم رئاسة مجلس السيادة الجديد للبرهان، فيما تم تعيين محمد حمدان دقلو «حميدتي» نائباً له، وتم ضم عضوي المجلس السابق من العسكريين، شمس الدين كباشي وياسر العطا، إضافة لأعضاء المجلس السابقين من قيادات الجبهة الثورية، وهم مالك عقار والهادي إدريس والطاهر حجر، إضافة إلى العضوة السابقة رجاء نيكولا.
أما الأسماء الجديدة التي تم ضمها للمجلس فهم، يوسف جاد الكريم من كردفان، وأبو القاسم برطم من الشمالية، وسلمى عبدالجبار مبارك عن وسط السودان، وعبدالباقي عبدالقادر، وجرى تأجيل تعيين ممثل شرق السودان إلى حين اكتمال المشاورات.
وقالت مصادر سودانية مطلعة لـ«الاتحاد»: «إن المشاورات تجري على قدم وساق بشأن التشكيل الوزاري الجديد، وتوقعت إعلانه خلال ساعات».
وبدت ردود الفعل الأولية من السياسيين والقانونيين والناشطين والصحفيين السودانيين غاضبة على تشكيل مجلس السيادة، واعتبرتها قيادات سودانية في تصريحات لـ«الاتحاد» اختراقا خطيرا آخر للوثيقة الدستورية، التي تحكم المرحلة الانتقالية، وتجعل اختيار المدنيين في المجلس من صلاحيات قوى الحرية والتغيير. وأكدوا أن الخطوة تزيد من تعقيد المشهد السياسي، وقالوا: «إن معظم من جرى تعيينهم من عناصر الإسلاميين التابعين لنظام الرئيس السوداني المعزول عمر البشير».
ومن جانبه، اعتبر تجمع المهنيين السودانيين تشكيل المجلس السيادي غير قانوني وغير شرعي، وتعهد متحدث باسم التجمع بمواصلة التصعيد ضد السلطات العسكرية.
وقال قيادي بقوى الحرية والتغيير لـ«الاتحاد»: نحن إزاء مشهد جديد وواقع مختلف لا يستند إلى مسوغات قانونية، ويحتاج إلى أدوات جديدة للتعامل معه، وتوقع خيارات جديدة قوية للشارع السوداني وقوى الحرية والتغيير وكل قوى الثورة السودانية تتناسب مع خطورة الإجراءات المتخذة، ولمقاومة هذه الخطوات.
وكان وزراء قوى الحرية والتغيير أصدروا في وقت سابق، أمس، بياناً جددوا فيه رفضهم لسيطرة الجيش على السلطة، وطالبوا فيه برفع حالة الطوارئ، وإطلاق سراح رئيس الوزراء عبدالله حمدوك وجميع المعتقلين السياسيين.
وقال الكاتب والمحلل السياسي السوداني حسن أحمد الحسن لـ«الاتحاد»: إنها خطوة ستتبعها خطوات أخرى من أجل إكمال هياكل السلطة الانتقالية، وتشكيل مجلس الوزراء ثم المجلس التشريعي، ضاربة عرض الحائط بكل الإدانات والمطالبات الدولية، التي من المؤكد أنها ستتصاعد في مواجهة هذه الخطوات.
وفي هذه الأثناء، ذكرت مصادر دبلوماسية، أمس، أن مجلس الأمن الدولي عقد جلسة مشاورات طارئة مغلقة حول تطورات الوضع في السودان. ومن ناحية أخرى، جدد سفراء الاتحاد الأوروبي في السودان، أمس، دعوتهم لعودة السودان إلى النظام الدستوري والإفراج عن المعتقلين، وذلك خلال لقائهم مع وزيرة الخارجية السودانية مريم الصادق المهدي. وأكد السفراء على ضرورة حماية المظاهرات السلمية.
ومن جانبها، أطلقت المهدي نداء إلى المجتمع الدولي للضغط على القيادات العسكرية، بهدف إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين، وإعادة خدمات الإنترنت. وفي تطور آخر، أعلنت نقابة الأطباء السودانية أنه جرى اعتقال الناشط البارز القيادي في تجمع المهنيين محمد ناجي الأصم.
كما علق البنك الدولي برنامج «ثمرات» لدعم الأسر الفقيرة إلى حين إشعار آخر.
الأمم المتحدة: التطورات «مقلقة للغاية»
أكد المتحدث باسم الأمم المتحدة، أمس، أن أحدث التطورات التي يشهدها السودان «مقلقة للغاية»، وأن الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو جوتيريش يريد أن «يرى عودة إلى المرحلة الانتقالية في أسرع وقت ممكن». ودعا المتحدث ستيفان دوجاريك أيضاً إلى الإفراج عن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، الذي وُضع رهن الإقامة الجبرية في منزله، وعن زعماء سياسيين آخرين.
وفي هذه الأثناء، أمر قاض سوداني، أمس، شركات الاتصالات في الخرطوم بتوضيح سبب استمرار انقطاع خدمات الإنترنت بعد أكثر من أسبوعين من سيطرة الجيش على السلطة وبعد يومين من أمر قضائي بإعادة الاتصالات. وانقطعت خدمات الإنترنت عبر الهاتف المحمول في أنحاء السودان منذ سيطرة الجيش على السلطة في 25 أكتوبر. وعرقل ذلك جهود الجماعات المؤيدة للحكومة المدنية للتعبئة لحملة عصيان مدني وإضرابات احتجاجاً على سيطرة الجيش.