أسماء الحسيني (القاهرة، الخرطوم) 

وسط تأهب أمني وإجراءات مشددة، انطلقت في الخرطوم وولايات السودان، أمس، مظاهرات حاشدة دعماً للحكم المدني والتحول الديمقراطي، والمطالبة بتسليم رئاسة المجلس السيادي للمدنيين، وتكوين المجلس التشريعي وتحقيق العدالة، وذلك في ذكرى ثورة أكتوبر، التي أطاحت بحكم الرئيس السوداني الأسبق الفريق إبراهيم عبود عام 1964.
وهتفت الجماهير الغفيرة المشاركة في المظاهرات الحاشدة مطالبة بالعدالة، ورفضاً لأي انقلاب أو انقضاض على الحكم المدني الانتقالي، كما نددت الجماهير بقيادات جبهة قوى الميثاق الوطني المنشقة عن قوى «الحرية والتغيير»، وفلول النظام السابق المعزول.
وشارك سياسيون ووزراء وقيادات بقوى الحرية والتغيير في المظاهرات، من بينهم عضو مجلس السيادة محمد الفكي سليمان، ووزير شؤون مجلس الوزراء خالد عمر يوسف، ووزير الصناعة إبراهيم الشيخ، ووزير النقل ميرغني موسى، ورئيس حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير، وياسر عرمان المستشار السياسي لرئيس الوزراء، ووجدي صالح عضو لجنة إزالة التمكين.

وأغلق الجيش السوداني الطرق المؤدية لمقر القيادة العامة للقوات المسلحة في الخرطوم، وقال شهود عيان إن قوات الشرطة أطلقت الغاز المسيل للدموع، في محاولة لتفريق المتظاهرين أمام مبنى البرلمان في أم درمان.
وأصيب عدد من المتظاهرين، أمس، بينهم الصحفي السوداني أحمد حمدان الذي أصيب برصاص في الرأس.
واعتبر تجمع المهنيين السودانيين الهجوم على المواكب السلمية بأم درمان أمام البرلمان من قبل القوات الأمنية خطوة تقصد الاستفزاز والدفع باتجاه العنف، وناشد التجمع المتظاهرين التمسك بالسلمية.
كما أدانت نقابة المحامين السودانية استخدام العنف ضد المتظاهرين من قبل الأجهزة الأمنية في أم درمان.
وفي هذه الأثناء، واصلت حشود مضادة من جبهة قوى «ميثاق التوافق الوطني»، المنشقة عن قوى «الحرية والتغيير» اعتصامها أمام القصر الجمهوري، مطالبة بحل الحكومة، وتشكيل حكومة كفاءات وطنية، وتوسيع قاعدة المشاركة السياسية.
وقال رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك في تغريدة على «تويتر»: «عاشت ذكرى أكتوبر المجيدة ملهمة للأجيال، ومذكرة لهم جيلاً بعد جيل، بما خرج له الشهداء ورفاقهم الثوار، في كل ثورة في بلادنا، كل أكتوبر ونحن أكثر تمسكاً بالسلمية والديمقراطية والحرية والسلام والعدالة».

فيما أكد عضو مجلس السيادة السوداني مالك عقار، أن الأزمة الحالية في السودان تحتاج إلى الحكمة، وتستدعي مراجعة الأخلاق والضمير الوطني، والدفاع عن قضايا البلد من واقع المسؤولية الوطنية، التي لا تشوبها مصلحة خاصة أو هوى شخصي، ويمكن حلها من خلال إدارة حوار مسؤول واضح وشفاف بين كافة مكونات الحكومة الانتقالية، وبناء شراكة قائمة على شعارات ومبادئ الثورة، والالتزام بالوثيقة الدستورية، وتنفيذ اتفاقية السلام.
وقال ياسر عرمان المستشار السياسي لرئيس الوزراء السوداني لـ«الاتحاد»: إن المليونيات العظيمة في الخرطوم وسائر ولايات السودان ترسل رسائل قوية بشأن خيارات الشعب السوداني للعالم بأسره.
ومن جانبه، أكد الكاتب الصحفي السوداني حسن أحمد الحسن لـ«الاتحاد» أن الشعب السوداني قال كلمته، في أكبر استفتاء يشهده السودان بعد الثورة، وليس هناك من خيار غير استكمال مؤسسات الحكم الانتقالي والتمسك بالوثيقة الدستورية أو الانزلاق إلى الفوضى. وقال الواثق البرير الأمين العام لحزب الأمة القومي: إن الثورة السودانية تواجه تآمراً كبيراً يستهدف إجهاضها وإعاقة مسيرتها، والشعب السوداني خرج موحداً خلف راية الثورة ومبادئها، لدعم التحول الديمقراطي، والمطالبة باستكمال مؤسسات الدولة من مجلس تشريعي ومؤسسات عدلية ومفوضيات قومية، وتحقيق للعدالة ودعماً للسلام العادل والشامل.
واعتبر أحمد السنجك، القيادي بـ«الحزب الاتحادي الأصل»، أن جماهير الحزب خرجت للمطالبة بتسليم السلطة كاملة غير منقوصة للمكون المدني.
وأضاف: إن اعتصام الفلول أمام القصر الجمهوري في الخرطوم هو فوضى هدامة.

دعوات للحوار بين أطراف الحكم الانتقالي
دعا فولكر بيرتس، رئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان، إلى استئناف الحوار بين أطراف الحكم الانتقالي، للحفاظ على إنجازات الفترة الانتقالية، فيما شدد عضوا مجلس الشيوخ الأميركي جيم ريش من الحزب الجمهوري وكريس كونز من الحزب الديمقراطي، على أن دعم العملية الانتقالية السياسية والاقتصادية في السودان لا تزال أولوية لدى أميركا.
وأشار العضوان إلى أن واشنطن يجب أن تستمر بالعمل مع الحكومة السودانية والشركاء الدوليين للسيطرة على «القوى الخبيثة التي تسعى لتهديد العملية الانتقالية في السودان».
وقالا: «إن صبر الشعب السوداني وإصراره على متابعة العملية الانتقالية، التي ستؤدي إلى انتخابات ديمقراطية وإصلاحات اقتصادية وأمنية ومحاسبة على الجرائم التي ارتكبها نظام البشير السابق، هو مصدر إلهام لكل من يكافح من أجل الديمقراطية حول العالم». 
وأضافا: «أميركا كانت ولا تزال تعمل بحزم كحليفة للشعب السوداني، إضافة للتعهد بمليار دولار من المساعدات، والمساعدة على الإعفاء من الدَّين، ورفع السودان من لائحة الإرهاب». وأكدت فيكي فورد، وزيرة المملكة المتحدة لشؤون أفريقيا دعم بلادها الثابت للتحول الديمقراطي في السودان، وقالت في تغريدة: إن الشعب السوداني قدم كثيراً من التضحيات من أجل السلام والحرية والعدالة.