نيويورك (وام) 

أكد معالي خليفة شاهين المرر وزير دولة، أن هذا العام يعتبر مرحلة تاريخية مفصلية على المستوى الوطني، مع احتفال دولة الإمارات باليوبيل الذهبي لتأسيسها، والإعلان عن «وثيقة الخمسين» التي ترسم الخريطة السياسية والاقتصادية والتنموية للدولة استعداداً للسنوات المقبلة. 
كما أكد معاليه، خلال كلمة الدولة التي ألقاها أمام المناقشة العامة للدورة السادسة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، أن هذا العام يعتبر مرحلة مهمة على المستوى الدولي، مع سعي الجميع إلى التصدي لجائحة «كوفيد- 19»، وتأمين سلاسل الإمداد للشعوب، ومساعدتها على التعافي من الجائحة صحياً واقتصادياً وأمنياً، مشدداً على أهمية معرض «إكسبو 2020»، الذي تستضيفه الإمارات بمشاركة أكثر من 190 دولة، ويعتبر منبراً لتواصل العقول وتطوير حلول مبتكرة لأهم التحديات الدولية، والاستعداد لصنع مستقبل أكثرَ إشراقاً وازدهاراً. 
وحث على تمكين الشعوب من الوصول للتكنولوجيا المتقدمة، والتي رغم استغلالها من بعضهم للتسبب باضطرابات، تعتبر أداة مهمة لخدمة السلام ومعالجة التحديات الملحة كتغير المناخ، منوّهاً بأن الإمارات ستواصل العمل مع الشركاء، خلال المرحلة المقبلة، لتحويل التحديات إلى فرص وتسخير الإمكانات لتحقيق السلام. 
وشدد على أن خلق بيئة مناسبة للسلام والاستقرار، خاصة في المنطقة العربية، يتطلب تنفيذ وقف شامل ودائم لإطلاق النار لاسيما في اليمن، والحفاظ عليه بشكل مستدام في ليبيا وسوريا، مع ترحيل كافة القوات الأجنبية، مؤكداً أهمية الاحترام الكامل لسيادة الدول العربية. وقال: إن تحقيق الاستقرار في المنطقة يتطلب إنهاء الاحتلال لكافة الأراضي الفلسطينية والعربية، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية. 

حلول سلمية
وأكد معالي الوزير ضرورة تعزيز العمل متعدد الأطراف وبلورة موقف دولي موحد لمواجهة التحديات الدولية المشتركة، مع ضرورة إيجاد رغبة سياسية حقيقية لتخطي هذه المرحلة التاريخية الصعبة، والتي تتطلب وضع الخلافات جانباً وتعزيز العلاقات للتركيز على مستقبل وأمن شعوبنا مع التمسك بمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، مرحباً في هذا الصدد، برؤية الأمين العام حول سُبل تعزيز العمل متعدد الأطراف بما يخدم مصالحنا المشتركة والتي أشار إليها في تقريره «خطتنا المشتركة».
وأضاف: «كأولوية، لا بد لنا من حشد الزخم الدولي لبلورة حلول سلمية للنزاعات وتدارك الأزمات السياسية قبل تفاقمها، لافتاً إلى أن الإمارات ستواصل دعمها المعهود للجهود الأممية والدولية التي تهدف لتحقيق تقدمٍ ملموس في العمليات السياسية».
وتابع: «إن جهودنا الرامية لإنهاء دائرة الصراع في المنطقة العربية لا يمكن أن تُكلل بالنجاح من دون وقف التدخلات الإقليمية الفجة في الشأن العربي، لاسيما في سوريا واليمن وليبيا والعراق، حيث عرقلت هذه التدخلات غير الشرعية العمليات السياسية، وفاقمت الأزمات الإنسانية، وقوّضت استقرار المنطقة والعالم». 
وذكر معالي الوزير أننا في دولة الإمارات نعوّل على موقف دولي واضح يرفض التدخلات الإقليمية في الشأن العربي، ويساند الدول العربية على تخطي العراقيل كافة أمام تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة، مكرراً أن الاحترام الكامل لسيادة الدول العربية والتوصل لحلول سياسية شاملة، تحت رعاية الأمم المتحدة، يبقى السبيل الوحيد لإنهاء أزمات المنطقة العربية. 
وقال: «نرى أنه توجد فرصة سانحة للوصول إلى سلام دائم في اليمن، والذي لا يمكن تحقيقه إلا عبر التوصل لحل سياسي شامل يتضمن وقفاً لإطلاق النار، لضمان تحقيق الاستقرار للشعب اليمني الشقيق والدول المحيطة»، مضيفاً: «شهدنا هناك مبادرات حقيقية تصب في هذا الاتجاه، آخرها مبادرة المملكة العربية السعودية الشقيقة لإنهاء الحرب في اليمن، ولكن نجاح هذه الجهود يتطلب إظهار إرادة والتزام من كافة الأطراف، فالميليشيات الحوثية تواصل استفزازاتها وعدوانها الذي يعرقل العملية السياسية وجهود الأمم المتحدة». وشدد على أهمية تنفيذ اتفاق الرياض والالتزام به لتوحيد الصف اليمني. 

تفاؤل وأمل
واستطرد معالي خليفة شاهين المرر: «إن دعم الاستقرار في المنطقة العربية يتطلب إنهاء الاحتلال لكافة الأراضي الفلسطينية والعربية، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، بما يتفق مع قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة ومبادرة السلام العربية ويحقق حل الدولتين»، مكرراً الدعوة لوقف بناء المستوطنات، وتهجير السكان الفلسطينيين وغيرها من الممارسات غير الشرعية. 
وقال: «مع مرور عامٍ على الاتفاق الإبراهيمي، نتفاءل بما شهدته المنطقة من إنشاء علاقات جديدة فتحت آفاقاً للسلام والمصالحة، نسعى عبرها إلى تحفيز النمو الاقتصادي وتحقيق الازدهار والاستقرار لشعوب المنطقة، خصوصاً للأجيال الشابة، التي تستحق أن تنظر إلى المستقبل بتفاؤل وأمل». 
وحذر من أن استمرار النزاعات في المنطقة، وتفاقمها بسبب الجائحة، يُنذر بمستقبل تواصل فيه الجماعات المتطرفة والإرهابية، مثل «الحوثيين» و«داعش» و«القاعدة» وجماعة «الإخوان» و«حزب الله»، تجنيد أجيال جديدة من الشباب لخدمة العنف والكراهية، لكننا لن نتهاون في جهودنا لمكافحة هذه الآفة أينما وجدت.
وقال: «علينا أن نبني على التقدم المحرز ضد داعش في سوريا والعراق عبر تكثيف التعاون الإقليمي والدولي ومواصلة تطوير أساليبنا، مع احترام القانون الدولي»، مشدداً على ضرورة الحفاظ على أمن إمدادات الطاقة وحرية الملاحة والتجارة مع السعي إلى خفض التصعيد، فاستهداف الأماكن والمنشآت الحيوية له تداعيات مباشرة على الاقتصاد والسلم والأمن الدوليين. 

الجزر الإماراتية
وتابع معاليه: «بالمثل، لابد من ضمان خلو منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، وهو مسعى لكافة الدول الحريصة على الحفاظ على النظام الدولي»، مؤكداً أن مسألة التوصل لتفاهم مشترك مع إيران يعالج كافة الشواغل الإقليمية والدولية مطلب أساسي، ويبدأ بخفض التصعيد لتحقيق السلم والاستقرار الإقليميين والدوليين. 
وقال: «لا يمكننا تجاهل قيام إيران بتطوير برنامجها النووي، وبرنامج الصواريخ الباليستية، والتدخل في المنطقة، وعليه، فإن أي اتفاق مستقبلي يجب أن يعالج أوجه القصور في خطة العمل الشاملة المشتركة، وأن يشرك دول المنطقة باعتباره مطلباً شرعياً وعادلاً لدول تسعى لحماية أمنها وشعوبها». 
وأضاف معالي الوزير: «سنواصل دعوة إيران إلى احترام القانون الدولي ومبادئ حسن الجوار وحل النزاعات بالطرق السلمية»، مكرراً المطالبة بإنهاء احتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث: طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى. 
وتابع: «لن تتوقف الإمارات عن المطالبة بسيادتنا الشرعية على هذه الجزر، التي تحتلها إيران في انتهاكٍ صارخ للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة منذ عام 1971، وستستمر الإمارات في دعوة إيران إلى قبول حل النزاع سلمياً من خلال المفاوضات المباشرة أو الإحالة إلى محكمة العدل الدولية».
وتطرق معاليه إلى الحاجة الماسة لتعزيز الأمن والاستقرار في أفغانستان، بما يلبي تطلعات الشعب الأفغاني، لاسيما النساء والشباب، ويطوي صفحات المعاناة لصالح السلام والازدهار، قائلاً: «بينما نتابع التطورات المتسارعة في أفغانستان، وما يرافقها من تداعيات أمنية وسياسية وإنسانية، تشدد دولة الإمارات على أهمية تأمين وصول المساعدات الإنسانية للشعب الأفغاني بما يحفظ كرامته وحقوقه». وأضاف: «انطلاقاً من سعينا لتعزيز قيم التسامح وتقديم المساعدات الإنسانية لكافة الشعوب المحتاجة من دون تمييز، تواصل الإمارات دعم الجهود الإنسانية الدولية في أفغانستان، وإرسال مساعدات طبية وغذائية عاجلة مع تسهيل جهود إجلاء الأفغان ومواطني الدول الأخرى، بأمان، عبر دولة الإمارات». 

تشجيع الحوار
من جانب آخر، أوضح أن الإمارات تؤكد على أهمية الحفاظ على أمن واستقرار القارة الأفريقية، مشدداً على ضرورة اتباع نهج شامل يعالج كافة الشواغل الأمنية والإنسانية والتنموية في كافة أنحاء القارة. 
ولفت إلى أن الاتحاد الأفريقي يبذل جهوداً حثيثة يحتذى بها، وتستوجب مزيداً من الدعم الدولي، خصوصاً في التصدي للتطرف والإرهاب وجهود الوساطة والمشاورات لحل الخلافات القائمة. وتابع: «إننا بحاجة إلى تكثيف التعاون لنشر التسامح وبناء مجتمعات سلمية ومتعايشة بما في ذلك عبر التصدي لخطاب الكراهية». 
وقال: «مع احتفالنا الأول هذا العام باليوم الدولي للأخوّة الإنسانية، تستبشر دولة الإمارات بما شهدناه من دعوات عالمية تشجع على الحوار بين الأديان والثقافات»، مؤكداً أن تحقيق السلام المستدام يتطلب مشاركة فاعلة من النساء والشباب، نظراً لدورهم الأساسي في منع النزاعات وحلّها وبناء المجتمعات وازدهارها. 
وأكد حرص الدولة على ترسيخ الاستجابة الإنسانية في سياستها الخارجية، مشيراً إلى مساهمتها مع المجتمع الدولي في التخفيف من وطأة الوضع الإنساني في المناطق المتضررة من النزاعات والكوارث. وأضاف: «كأولوية، ينبغي علينا تكثيف العمل المتعدد الأطراف لمساعدة الشعوب على التصدي للجائحة، بدءاً من التوزيع العادل للقاحات، ومواصلة إرسال المساعدات الإنسانية، ووصولاً إلى التعاون لإعادة بناء اقتصاد مستدام». وقال: «إن ذلك يتطلب بناء مؤسسات تواكب التحديات مع تقوية عمل المنظمات الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها الأمم المتحدة، التي تلعب دوراً محورياً في بناء قدرة المجتمعات على الصمود»، موضحاً: «ينبغي التركيز أيضاً على استشراف المستقبل والاستثمار في المجالات التي تحقق الأمن والسلام والازدهار للشعوب». 
وذكر معالي خليفة شاهين المرر أن الإمارات تواصل نهجها في تعزيز التنمية والازدهار، عبر اتباع توجه طموحٍ يجمع بين التنمية الاقتصادية والتكنولوجيا والابتكار، فالارتباط الواضح بين الشق السياسي والنمو الاقتصادي ضروري لمنطقتنا وهي تتطلع إلى المستقبل. 

فرصة استثنائية
وشدد معالي الوزير في كلمته، على أن تغير المناخ يعتبر من أكثر التحديات إلحاحاً، ويتطلب تكاثف الجهود الدولية، مستدركاً: «على الرغم من تزايد تداعياته الخطيرة، نرى أنه يمكننا ليس فقط الحد من هذه التداعيات والتكيف معها إذا ما تكاثفت جهودنا الدولية، بل يمكننا أيضاً تحقيق العديد من الفوائد الاقتصادية للدول عبر الاستثمار في الحلول التي تخفف من وطأته». 
كما أكد على ضرورة وضع استجابة عالمية متناسبة خلال «الدورة السادسة والعشرين لمؤتمر اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ» وجميع الاجتماعات ذات الصلة، مضيفاً: «وفي الوقت ذاته، نرى أن اتفاقية باريس تعتبر فرصة استثنائية لدعم النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل». 
وقال: من جانبنا، تسعى دولة الإمارات مع الشركاء إلى البحث عن الحلول واستكشاف الفرص التي يمكن من خلالها التقليل من تداعيات التغير المناخي، بما في ذلك عبر السعي لاستضافة «الدورة الـ28 لمؤتمر اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ»، مشيداً بالجهود الحثيثة التي تقوم بها الوكالة الدولية للطاقة المتجددة «آيرينا» في أبوظبي، لمساعدة الدول على اعتماد الطاقة المتجددة، وتقديم حلول للتصدي لتحديات تغير المناخ.
وهنأ معالي خليفة شاهين المرر معالي عبدالله شاهد على ترؤس أعمال هذه الدورة للجمعية العامة للأمم المتحدة، مضيفاً: «نحن على ثقة بأننا سنحقق جميعاً المزيد من التقدم في معالجة المسائل الدولية المُلحة وبناء عالم أكثر أمناً واستدامة، تتطلع فيه شعوبنا إلى المستقبل بأمل وثقة». 
 وفي ختام كلمته، أعرب معالي خليفة شاهين المرر عن امتنان الإمارات للدول الأعضاء على انتخابها لعضوية مجلس الأمن للفترة 2022 - 2023، موضحاً أن عضوية الإمارات في مجلس الأمن ستركز على تجربتها وخبرتها ونهجها، بهدف مد جسور التعاون لمعالجة أهم التحديات بدءاً من التطرف والإرهاب والأزمات الإقليمية، مروراً بمكافحة الأوبئة والتغير المناخي، ووصولاً إلى قضايا المرأة والشباب وتعزيز دورهما في تحقيق الأمن والسلام.