شادي صلاح الدين، وكالات (لندن، بيروت) 

أظهرت مسودة البيان الوزاري، الخاص بسياسات الحكومة اللبنانية الجديدة، التزام الحكومة باستئناف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي بشأن برنامج إنقاذ قصير ومتوسط الأمد، وتنفيذ إصلاحات عاجلة، إلى جانب الالتزام بجميع بنود المبادرة الفرنسية. 
ومن المقرر أن تجتمع الحكومة، اليوم، للموافقة على مسودة البيان، الذي سيطرح بعد ذلك للتصويت عليه في البرلمان للحصول على الثقة.
ويتعين على الحكومة، التي تم الاتفاق عليها أخيراً يوم الجمعة الماضي، بعد أكثر من عام من الصراع السياسي على مقاعد مجلس الوزراء التصدي لإحدى أسوأ حالات الكساد الاقتصادي في التاريخ الحديث.
وحسب مسودة البيان الوزاري، فإن الحكومة ستبدأ بتنفيذ الإصلاحات بالتوازي مع استئناف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، والتي توقفت الصيف الماضي.
وجاء في البيان أنه سيجري «استئناف التفاوض مع صندوق النقد الدولي للوصول إلى اتفاق على خطة دعم من الصندوق تعتمد برنامجاً إنقاذياً قصيراً ومتوسط الأمد، يتزامن مع المباشرة بتطبيق الإصلاحات في المجالات كافة، والتي باتت معروفة، ووفقاً للأولويات الملحة وبما يحقق المصلحة العامة». 
وقال البيان: إن الحكومة ستستأنف أيضاً المفاوضات مع الدائنين للتوصل إلى اتفاق على «آلية لإعادة هيكلة الدين العام، بما يخدم مصلحة لبنان»، ووضع خطة لتصحيح القطاع المصرفي.
كما تتعهد الحكومة، وفقاً للبيان، بالالتزام بجميع البنود الواردة في المبادرة الفرنسية، «والسير بتحديث وتطوير خطة التعافي المالي»، التي وضعتها الحكومة السابقة.
وقالت مسودة البيان: إن الحكومة اللبنانية ستعمل مع البرلمان لتمرير قانون قيود رأس المال كما تلتزم بإجراء الانتخابات النيابية المقررة في الربيع المقبل في موعدها.
من جانبه، أعرب الرئيس اللبناني ميشال عون، أمس، عن أمله في انطلاق المحادثات مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي قريباً جداً.
وقال عون، خلال استقباله في قصر بعبدا، وفداً من الاتحاد العمالي العام برئاسة رئيسه بشارة الأسمر: «لسنا خائفين من الانهيار، بل نحن نخوض الآن معركة الخروج من الهاوية التي نحن فيها، ونأمل التوفيق، وسنبذل كل جهدنا لتحقيق هذه الغاية».
وأضاف: «نأمل قريباً جداً، وبعد تشكيل الحكومة، أن ننطلق بالمحادثات مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي من أجل التمويل، حيث هناك إرادة دولية لمساعدتنا».
ويواجه لبنان أسوأ أزمة اقتصادية ومالية في تاريخه الحديث، منذ عام 2019 أدت إلى انهيار سعر صرف الليرة اللبنانية أمام الدولار، وارتفعت معها معدلات البطالة والفقر، ووضعت اللبنانيين أمام أزمات متعددة في كافة المجالات الحياتية.
ورغمَ أنّ الكثيرين أعربوا عن تفاؤلهم بشأنِ بدء لبنان رحلته للخروج من عنقِ زجاجة الأزمة، يتساءل المحللون عما إذا كان رئيس الوزراء نجيب ميقاتي سيتمكن من إجراء إصلاحاتٍ حقيقيةٍ لإنقاذ لبنان من الإفلاس. 
ونقلت شبكة «صوت أميركا» عن المحللة اللبنانية، دانيا قليلات الخطيب، من معهد عصام فارس في الجامعة الأميركية في بيروت، أنه بعد أكثر من 13 شهراً من انتظار حكومةٍ جديدةٍ، يساور اللبنانيون القلق إزاء قدرة الحكومة الجديدة على تنفيذ إصلاحات، وهم يائسون لوقف الانزلاقِ نحوَ الفقرِ والفوضى التي يعانون منها. 
ويعتقدُ قلة من المراقبين أن الحكومة ستشرف على تدقيقٍ مالي شامل للبنك المركزي لأن تأمين دعم صندوق النقد الدولي سيتطلب إصلاحات فشلتْ الحكوماتُ السابقة في تنفيذها.
ويلقي الجمهور باللوم على الطبقة الحاكمة في عقود من الفساد وسوء إدارة موارد لبنان. ويرى بعضُ المراقبين أن حكومةَ ميقاتي قد تحاول تنفيذ بعض الإصلاحات المتواضعة لتأمين أصوات الأحزاب التقليدية. وتقول دانيا الخطيب: إن التركيز الآن على الانتخابات البلدية والبرلمانية والرئاسية في لبنان المقرر إجراؤها العام المقبل.
وأضاف: «المحادثة كلها ستكون حول الترشح للانتخابات، ولا أعتقد أن الانتخابات ستحدثُ تغييراً حقيقياً لأن هيكلَ السلطة تم وضعه بطريقة يصعب تغييرها».