أحمد شعبان (القاهرة)

«عاشوراء» هو اليوم الذي نجّى الله فيه نبيه موسى عليه السلام ومن آمن معه من فرعون وجنوده، وهو يوم عظيم اجتمع على تعظيمه أصحاب الشرائع السماوية الإسلام والمسيحية واليهودية، حيث كانت اليهود تصومه، وكانت النصارى أيضاً تعظم هذا اليوم، ويُعد مثالاً حياً على التعايش بين الأديان والأخوة الإنسانية.

وورد في حديث عبدالله بن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وجد اليهود تصوم يوم عاشوراء، فسألهم، فقالوا: هذا يوم عظيم ومُبارك، نجى الله فيه موسى وبني إسرائيل من عدوهم، فصامه موسى شكراً لله، فقال: «أنا أحق وأولى بموسى منكم»، فصامه وأمر بصيامه.

وسأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصيام؟ قال: «ثلاث من كلّ شهر، ورمضان إلى رمضان، فهذا صيام الدّهر كلّه، صيام يوم عرفة، أحتسب على الله أن يكفّر السّنة الّتي قبله، والسّنة الّتي بعده، وصيام يوم عاشوراء، أحتسب على الله أن يكفّر السّنة الّتي قبله».

وتعود قصة يوم عاشوراء عندما أوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام بأن يخرج ومن آمن معه من مصر ليلًا، في اليوم العاشر من شهر محرم، فعلم بذلك فرعون وغضبَ غضبًا شديدًا، فلحق بهم وجُنوده ليمنعهم من الهرب من مصر، ولما وصل نبي الله موسى وأتباعه إلى البحر، دب الخوف والرعب في قلوب أتباع كليم الله، إلا أن موسى عليه السلام طمأنهم وقال: إن الله معهم ولن يتركهم.

وأوحى الله عز وجل إلى موسى أن يضرب بعصاه البحر، فانفلق البحر حتى ظهرت اليابسة، وأحاطها الماء عن اليمين وعن الشمال، ومضى موسى مع قومه في طريقهم، وكان فرعون وجنوده وراءهم وكادوا يُدرِكونهم، وعلى الرغم مما رآه بعينيه من انشقاق البحر، ولكنه استكبر ومضى خلف موسى وقومه مستخفًا بما ينتظره فأغرقهُ الله ومن معهُ جميعًا، ونجىّ الله موسى عليه السلام وقومه.

فضل صيام عاشوراء ويعتبر صيام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء أنموذجًا واضحًا لتعامل المسلمين مع غيرهم من أهل الكتب السماوية المسيحية واليهودية في سائر الأمور والمناسبات، ويأتي على رأسها العبادة والتقرب إلى الله تعالى، وذلك من خلال تأكيد رسول الله صلى الله عليه وسلم على صيام هذا اليوم وإحياء ذكراه.

وفضل صيام يوم عاشوراء يأتي على ثلاث مراتب، أولها وأكملها صيام اليوم التاسع والعاشر والحادي عشر، وثانيها صيام اليوم التاسع والعاشر، والمرتبة الأخيرة هي صيام اليوم العاشر منفردًا، كما جاء في حديث عبدالله بن عباس رضي الله عنهما حين قيل للنبي صلى الله عليه وسلم إن يوم عاشوراء يوم تعظمه اليهود قال: «لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع».

وأكد الشيخ عبدالحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوى بالأزهر لـ«الاتحاد»، أن عاشوراء يوم عظيم ومن السنة أن يصومه الإنسان وأن يصوم يوم تاسوعاء، مشيراً إلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتحرى صيام يوم عاشوراء لما له من مكانة كبيرة، حيث إنه يُكفر السنة الماضية، لقوله صلى الله عليه وسلم: «صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده، وصيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله».

زمالة الشرائع وحول التقاء الإسلام والمسيحية واليهودية على تعظيم يوم عاشوراء، أكد الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر لـ«الاتحاد»، أن اجتماع الإسلام والشرائع السماوية على تعظيم يوم عاشوراء وصيامه؛ يُعد من قبيل التآلف والتآخي والتعايش بين الأديان التي حثت عليها الشريعة الإسلامية، مشيراً لقول الله تعالى: «إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلهم أجرهم عند ربهم»، مؤكداً أن تصرف رسول الله في يوم عاشوراء مع اليهود يُضاف إلى سجل الإسلام في الإخاء الديني.