دينا محمود (لندن)
«وصل لبنان إلى نقطة اللاعودة وأصبح دولة فاشلة ومنهارة بكل المقاييس»، تحذير جديد أطلقه خبراء غربيون، قالوا إن هذا البلد بات الآن فريسة لأسوأ أزمة اقتصادية يشهدها في تاريخه، في ظل الشح المزمن واليومي في السلع الأساسية، وعجز قرابة 77% من الأسر عن شراء ما يكفيها من الغذاء، بعدما فقدت العملة المحلية 90% من قيمتها خلال عامين لا أكثر. ووسط غياب أي مؤشرات على وجود حلول في الأفق للأزمة الحالية، أكد الخبراء أن لبنان دخل مرحلة الموت البطيء، وأصبح أول دولة عربية تشهد انهياراً من داخلها، وذلك نتيجة للمشروع التخريبي الذي تمثله ميليشيا «حزب الله» الإرهابية التي أوصلت البلاد إلى نقطة الدمار، التي تشهدها في الوقت الحاضر.
وفي تصريحات نشرها الموقع الإلكتروني لمؤسسة «ميدل إيست فورَم» البحثية الأميركية، أكد المحلل جوناثان سباير، أنه بوسع المرء أن يعزو الأزمة الراهنة في لبنان إلى التأثير الهدام الذي جلبه مشروع «حزب الله»، الذي تسبب في فرض عقوبات أميركية على القطاع المصرفي اللبناني، وقاد إلى أن تحجم الدول المؤثرة على الصعيد الإقليمي، عن مد يد العون المالي لبيروت، أو أن تضخ استثمارات في شرايين اقتصادها المتداعي.
وأدى كل ذلك إلى أن تتخلف السلطات اللبنانية للمرة الأولى على الإطلاق، عن سداد ديونها الخارجية، ما أدى إلى تآكل ثقة المستثمرين الأجانب والجهات الدولية المانحة في اقتصادها الذي انكمش بنسبة 20% خلال العام الماضي، وذلك بالتزامن مع تفجر أزمة الفراغ الحكومي، التي نجمت عن استقالة حكومة حسان دياب مطلع أغسطس الماضي.
واستعرض سباير ممارسات «حزب الله»، التي زجت بلبنان في أزمته الكارثية الحالية، قائلاً: إن هذه الميليشيا الإرهابية تحتفظ بقوتها العسكرية الخاصة، التي تتفوق غالباً على الجيش، ما أتاح لها الفرصة لتقزيم دور المؤسسة العسكرية اللبنانية، بجانب ذلك فإن لدى ذلك الحزب اقتصاده الخاص، ومصادر دخله، والطرق التي يستخدمها في التهريب أيضاً.
فمع تعثر الاقتصاد الرسمي في لبنان، ازدهر اقتصاد الظل الموازي، الذي ينخرط فيه «حزب الله» بطرق متعددة،
من بينها استغلال الحزب سيطرته على الحدود اللبنانية السورية، لتهريب واردات النفط، وإعادة بيعها لحسابه في سوريا، فضلاً عن تهريبه حبوب الكبتاجون المخدرة إلى دول أخرى داخل شحنات بريئة المظهر.وأشار المحلل السياسي إلى أن عائدات كل هذه الأنشطة الإجرامية ذهبت إلى جيوب قادة «حزب الله»، ولم يتم توجيهها لخدمة الدين الخارجي اللبناني، أو لصالح إعادة تأهيل البنية التحتية المتداعية التي جعلت اللبنانيين يعانون بشكل متكرر من انقطاع التيار الكهربائي، ومحدودية الخدمات الصحية.
بجانب ذلك، أدت الحرب التي اندلعت عام 2011 في سوريا إلى جلب قرابة 1.8 مليون لاجئ إلى لبنان، مما زاد من الضغط الذي تتعرض له البنية التحتية الهشة للبلاد، كما وجهت هذه الحرب ضربة قاصمة لقطاع السياحة، الذي كان يمثل نحو 7.5% من الناتج المحلي الإجمالي للبنان.
واعتبر سباير أن لبنان يشكل الآن مثالاً للدول الفاشلة التي تهيمن ميليشيات على مقاليد الأمور فيها، ويشكل الوضع الراهن فيه «تحذيراً صارخاً»، للبُلدان التي يُحتمل أن تواجه مصيراً مشابهاً.