بيروت (الاتحاد، وكالات)

تصاعدت أزمة الخبز والوقود المتفاقمة في لبنان إلى حد الخروج عن السيطرة، بعدما اضطرت المخابز والشركات والمستشفيات إما إلى تقليص ساعات عملها أو الإغلاق التام، وقطع عدد من المحتجين الغاضبين الطرقات في مناطق عديدة شمال البلاد وجنوبها احتجاجاً على الأزمات والأوضاع المعيشية الصعبة، بينما بلغت الأزمة ذروتها مع إعلان المصرف المركزي بدء فتح اعتمادات شراء المحروقات وفق سعر الصرف في السوق السوداء، جاءت هذه التطورات فيما رفض رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان حسان دياب دعوة الرئيس ميشال عون لعقد جلسة للحكومة لمناقشة أزمة الوقود في البلاد.
ويواجه لبنان أزمة خبز بينما تصطف طوابير طويلة أمام ما تبقى من أفران مفتوحة في شمال شرق بيروت، بينما بلغت الأزمة ذروتها مع إعلان مصرف لبنان بدء فتح اعتمادات شراء المحروقات وفق سعر الصرف في السوق السوداء.
وأغلقت عدة أفران في بيروت ومناطق أخرى أبوابها، بينما تعمل أخرى على تقنين المبيعات جراء أزمة شح مادة المازوت الضروري لتشغيلها.
وقال رئيس نقابة أصحاب المخابز علي إبراهيم، إن بعض المخابز وجدت نفسها عاجزة عن الاستمرار هذا الأسبوع مضيفاً أن هذا أمر يتعلق بطعام الناس ولا يمكن التلاعب فيه.
بدوره، قال سليمان هارون رئيس اتحاد المستشفيات الخاصة، إن «المستشفيات تعمل يوماً بيوم، قلة قليلة منها فحسب لديها ما يكفي ليومين أو ثلاثة أيام»، مضيفاً أن الإمدادات الطبية ضئيلة وأن العاملين لا يجدون البنزين للوصول إلى العمل. وحذرت نقابة المستشفيات من أن «شح المازوت سوف يسبب كارثة للقطاع الصحي ولكن لا أحد يستجيب».
ويقول كثيرون، إن أوضاع الحياة أسوأ مما كانت عليه في الحرب الأهلية بين سنتي 1975 و1990.
وتعارض الحكومة اللبنانية تحرك البنك المركزي، الذي أدى إلى مأزق في وقت يمثل ذروة أزمة مالية مستمرة منذ عامين دفعت الليرة لتفقد 90 بالمئة من قيمتها ودفعت بأكثر من نصف السكان إلى هوة الفقر.
إلى ذلك، قالت المديرية العامة للنفط في لبنان، إنه يجب على المستوردين والمنشآت النفطية توريد الكميات المخزنة من الوقود التي اشتروها بالفعل قبل أن يعلن المصرف المركزي عن رفع الدعم.
وقالت المديرية في بيانها «تهيب المديرية العامة للنفط بالجميع تحمل مسؤولياته لجهة تأمين الاعتمادات اللازمة من أجل تأمين المحروقات».
وذكرت المديرية أن الكميات التي تم شراؤها بذلك السعر يجب بيعها بينما ينتظر المستوردون إعلان سعر الصرف الجديد من البنك المركزي.
وباتت إمدادات المحروقات أزمة، إذ يتواصل انقطاع الكهرباء الممتد في أنحاء لبنان، فيها تشهد محطات الوقود التي ما زالت لديها إمدادات اصطفاف طوابير لمدة ساعات.
إلى ذلك، قطع عدد من اللبنانيين الغاضبين أمس، الطرقات في مناطق عديدة شمال لبنان وجنوبه احتجاجاً على الأزمات والأوضاع المعيشية الصعبة التي تعاني منها البلاد. 
وفي بلدة «البيرة» في عكار شمال لبنان، نصب شبان عدداً من الخيم إلى جانب الطريق العام احتجاجاً على تردي الأوضاع المعيشية الصعبة وفقدان المازوت والبنزين والأدوية.
وأقدم عدد من أصحاب سيارات الأجرة على قطع أوتوستراد المنية الدولي شمال لبنان، بسبب عدم توفر مادة المازوت لديهم.
وعاد مشهد اصطفاف السيارات في طوابير طويلة أمام محطات الوقود في لبنان مجدداً، فيما أغلقت معظم محطات الوقود أبوابها، أمس، في انتظار إعلان التسعيرة الرسمية من وزارة الطاقة والمياه، فيما شهدت محطات الوقود القليلة التي استمرت بالعمل اصطفاف مئات السيارات لعدة كيلو مترات.
ويشهد لبنان أزمة اقتصادية ومالية حادة تراجعت معها قدرة مصرف لبنان على تلبية قرار الحكومة بدعم الأدوية والمواد الأساسية المدرجة على لوائح الدعم، ما أدى إلى انخفاض شديد بمخزون المحروقات، وفقدان بعض الأدوية وتراجع مخزون المستلزمات الطبية في المستشفيات.
في غضون ذلك، رفض رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان حسان دياب دعوة الرئيس ميشال عون لعقد جلسة للحكومة لمناقشة أزمة الوقود في البلاد.
وأكد دياب رفضه خرق الدستور، مؤكداً أنه لن يدعو مجلس الوزراء للاجتماع.
وقال المكتب الإعلامي لرئاسة مجلس الوزراء في بيان: «بما أن الحكومة مستقيلة منذ 10 أغسطس 2020 والتزاماً بنص المادة 64 من الدستور التي تحصر صلاحيات الحكومة المستقيلة بالمعنى الضيق لتصريف الأعمال، ومنعاً لأي التباس، فإن رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب لا يزال عند موقفه المبدئي بعدم خرق الدستور وبالتالي عدم دعوة مجلس الوزراء للاجتماع».
وفي سياق آخر، قال الجيش اللبناني في بيان أمس، إن اجتماعاً بين قائد الجيش جوزيف عون وعدد من قادة الأجهزة الأمنية بحث الأزمة الاقتصادية والاحتجاجات في البلاد.
وقال بيان الجيش، إن الاجتماع ضم إلى جانب قائد الجيش كلا من مدير عام الأمن العام عباس إبراهيم، ومدير عام أمن الدولة ومدير عام قوى الأمن الداخلي عماد عثمان، ومدير المخابرات في الجيش ومسؤولين آخرين.
وأضاف البيان أن الاجتماع بحث تداعيات الأزمة الاقتصادية والتحركات الشعبية احتجاجاً على فقدان مادتي البنزين والمازوت وما يترتب عنه. وأشار البيان إلى أن المجتمعين اتفقوا على مواصلة التنسيق فيما بينهم واتخاذ خطوات للحيلولة دون تكرار الحوادث الأمنية التي حصلت مؤخراً في أكثر من منطقة.

البطريرك الراعي يدعو لتشكيل  حكومة قادرة على القيام بالإصلاحات
شدد البطريرك الماروني في لبنان بشارة الراعي، على أنه لا بد من تشكيل حكومة قادرة على القيام بالإصلاحات وتكون مدخلاً للوصول إلى حلول لأزماتنا. وفي تصريح من قصر بعبدا بعد لقائه رئيس الجمهورية ميشال عون، قال الراعي: «كلنا مسؤولون وكل من موقعه لنتكاتف ونتعاون لنتمكن من تخطي هذه الأزمة»، مشدداً على أنه «يجب أن نتعاون لمساعدة الشعب معنوياً أولاً ومن ثم مادياً لنتمكن من الصمود».