القاهرة، الخرطوم، أديس أبابا (الاتحاد، وكالات)

أعرب وزيرا خارجية مصر، سامح شكري، والسودان، مريم الصادق المهدي، عن رفضهما القاطع لإعلان إثيوبيا البدء في عملية الملء الثاني، لما يمثله ذلك من مخالفة صريحة لأحكام اتفاق إعلان المبادئ المبرم بين الدول الثلاث وانتهاك للقوانين والأعراف الدولية الحاكمة لاستغلال موارد الأنهار العابرة للحدود.
واعتبر الوزيران، بحسب بيان نشر عبر الصفحة الرسمية لوزارة الخارجية المصرية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أمس، أن هذه الخطوة تمثل تصعيداً خطيراً يكشف عن سوء نية إثيوبيا ورغبتها في فرض الأمر الواقع على دولتي المصب وعدم اكتراثها بالآثار السلبية والأضرار التي قد تتعرض لها مصالحها بسبب الملء الأحادي لسد النهضة.
ووفق البيان، جاء ذلك خلال لقاء شكري في نيويورك مع وزيرة خارجية السودان، استمراراً للتنسيق والتشاور القائم بين البلدين حول مستجدات ملف سد النهضة الإثيوبي وفي إطار الإعداد لجلسة مجلس الأمن بالأمم المتحدة المقرر أن تعقد بعد غد الخميس بناءً على طلب من مصر والسودان.
واتفق الوزيران على ضرورة الاستمرار في إجراء اتصالات ومشاورات مكثفة مع الدول الأعضاء بمجلس الأمن لحثهم على دعم موقف مصر والسودان وتأييد دعوتهما بضرورة التوصل لاتفاق ملزم قانونًا حول ملء وتشغيل سد النهضة يراعي مصالح الدول الثلاث ويحفظ حقوق دولتي المصب من أضرار هذا المشروع على مصر والسودان.
بدورها، استنكرت إثيوبيا أمس، تدخل جامعة الدول العربية في خلافها مع مصر والسودان بشأن سد النهضة.
وقالت وزارة الخارجية الإثيوبية في بيان: «ترفض إثيوبيا تدخل جامعة الدول العربية غير المقبول في قضية سد النهضة الإثيوبي بعدما قدّمت الجامعة طلباً إلى مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة للتدخل في هذه المسألة». وأضاف البيان أن «وزير الخارجية ديميكي ميكونين أعرب عن خيبة أمله في رسالة إلى مجلس الأمن الاثنين»، موضحاً أن «جامعة الدول العربية معروفة بدعمها غير المشروط لأي مطلب تقدمه مصر بشأن موضوع النيل».
وكانت جامعة الدول العربية أكدت أمس، أن تدخلها في موضوع سد النهضة، الذي يستند إلى قرارات صادرة عن مجلس الجامعة، هو أمرٌ طبيعي ومنطقي باعتبار القضية تؤثر على مصالح دولتين من أعضائها، هما مصر والسودان، وأن مواقف الدولتين العادلة، والتي تُطالب باتفاق شامل ومُلزم لملء وتشغيل خزان سد النهضة، هي محل إجماع عربي.
وأعرب مصدر مسؤول بالأمانة العامة لجامعة الدول العربية في بيان للجامعة أمس، عن الانزعاج لما ورد في رسالة إثيوبيا الأخيرة إلى مجلس الأمن بتاريخ 5 الجاري، والتي ترفض فيها تدخل الجامعة العربية في قضية سد النهضة بزعم أن ذلك قد يقوض العلاقات الودية والتعاونية بين الجامعة والاتحاد الأفريقي. وأكدت الجامعة العربية أن رسالة إثيوبيا تضمنت مغالطات عديدة وأخطر ما ورد فيها هو السعي الواضح إلى الوقيعة بين منظمتين إقليميتين طالما احتفظتا، في الماضي والحاضر، بأوثق العلاقات وأكثرها متانة، الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي.
وفي سياق متصل، أكد وزير الموارد المائية والري المصري الدكتور محمد عبدالعاطي أمس، سعي بلاده إلى تحقيق التعاون مع إثيوبيا من خلال اتفاق قانوني عادل وملزم لملء وتشغيل سد النهضة بما يحقق المصلحة للجميع.
وذكرت وزارة الموارد المائية والري في بيان أن ذلك جاء خلال بحث الوزير عبدالعاطي مع مديرة برنامج الأمم المتحدة للبيئة أنغر آندرسون الموقف الحالي لملف سد النهضة عبر تقنية الـ«فيديو كونفرانس» بمشاركة أعضاء الوفد التفاوضي المصري.
وقال عبدالعاطي في هذا السياق إن «مصر أبدت مرونة في التفاوض قوبلت بتعنت كبير من الجانب الإثيوبي نظراً لأن إثيوبيا ليس لديها الإرادة السياسية للوصول لاتفاق وأنها تسعى دائماً للتهرب من أي التزام عليها تجاه دول المصب».
وأكد في الوقت ذاته أن «مصر ليست ضد التنمية في إثيوبيا أو دول حوض النيل لكن يجب أن يتم تنفيذ مشروعات التنمية وفقاً لقواعد القانون الدولي مع مراعاة شواغل دول المصب».
واستعرض عبدالعاطي الموقف المائي المصري وحجم التحديات التي تواجه قطاع المياه في بلاده «وعلى رأسها محدودية الموارد المائية المتاحة والتأثيرات السلبية للتغيرات المناخية والإجراءات الأحادية التي يقوم بها الجانب الإثيوبي فيما يخص ملء وتشغيل السد». وأوضح أن «مصر تعد من أعلى دول العالم جفافاً حيث تعاني نقص الموارد المائية في الوقت الذي تتمتع إثيوبيا بموارد مائية هائلة متمثلة في مياه الأمطار والمياه الجوفية المتجددة وأحواض الأنهار الأخرى بخلاف نهر النيل وكميات المياه الكبيرة المخزنة لديها بالسدود والبحيرات الطبيعية».