أسماء الحسيني (القاهرة، الخرطوم)
شهدت العاصمة السودانية الخرطوم والولايات السودانية أمس، مسيرات دعت لها لجان المقاومة وتجمع المهنيين لإحياء الذكرى الثانية لمظاهرات 30 يونيو عام 2019 احتجاجاً على مقتل المعتصمين أمام مقر قيادة الجيش وللمطالبة بتسليم السلطة للمدنيين.
وطالب المشاركون في المظاهرات باستكمال أهداف الثورة، والقصاص لدماء الضحايا، وذلك وسط إجراءات أمنية مشددة، وتحذيرات من أن أي سقوط للحكومة الحالية سيمهد الطريق لعودة فلول النظام السابق.
وشهدت منطقة السوق العربي بوسط الخرطوم عمليات كر وفر بين الشرطة السودانية وعناصر وفلول النظام المخلوع الذين هتفوا من أجل إسقاط الحكومة.
وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين، وحالت من دون وصولهم إلى شارع القصر الرئاسي، ومقر مجلس الوزراء، كما وقعت اشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن في مدينة أم درمان.
وقد استبقت الشرطة المظاهرات بمداهمة عدد من الفنادق والشقق بوسط الخرطوم، واعتقال 79 من كوادر النظام المخلوع.
وكشف وجدي صالح، عضو لجنة إزالة التمكين، عن أن الفلول الذين ألقت الشرطة القبض عليهم هم خلايا قادمة من النيل الأبيض وبورتسودان والجزيرة وكسلا، وأشار إلى أنه تم توقيفهم بمنطقة السوق العربي وسط الخرطوم، وبلغ عددهم 79 شخصاً.
وأضاف أنه تم رصد مكالمات عن طريق النيابة العامة، كانت تستهدف إحداث فوضى بالسلاح الأبيض جنوب الخرطوم، موضحاً أنه تم القبض على بعض القيادات الذين كانوا يعملون في الأمن الشعبي والعمل الفني.
وأوضح صالح أن عدداً كبيراً من الذين تم توقيفهم من منسوبي الأمن الشعبي بالنظام السابق وأنه تم الحصول على معلومات كاملة عن المخطط، ومن يقف خلفه، وكيفية تمويله، وأشار إلى أنه تم القبض على كوادر تعمل في أجهزة الدولة شاركت في المخطط التخريبي.
وقال الكاتب والمحلل السياسي السوداني محمد المكي أحمد لـ«الاتحاد» أن مظاهرات 30 يونيو أرسلت رسائل قوية لشركاء الحكم الانتقالي من أجل التكاتف والعمل سوياً بآليات فاعلة من أجل إصلاح مسيرة الحكم الانتقالي، كما وجهت رسائل تحذير قوية إلى عناصر النظام المخلوع الذين يتآمرون بأساليب عديدة من أجل إسقاط ثورة الشعب السوداني في محاولة يائسة لإرجاع عقارب الساعة إلى الوراء، بأن الشعب السوداني لن يسمح بالتآمر على ثورته، أو خيانة دماء شهدائه، وأن عودة النظام القديم بشخوصه ونهجه القمعي الفاسد مستحيلة.
وعشية المسيرات، أقر صندوق النقد الدولي قرضاً بقيمة 2.5 مليار دولار للسودان، وأبرم اتفاقاً تاريخياً مع البنك الدولي يقضي بتخفيف قدره 50 مليار دولار من ديون السودان، ولقي ذلك ترحيباً دولياً واسعاً، وتجاوباً من المنظمات الدولية.
أعلن رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك أمس، وصول بلاده رسمياً إلى قرار بشأن إعفائه من ديونه في إطار مبادرة إعفاء ديون البلدان الفقيرة «هيبك».
وقال حمدوك في كلمة له بهذه المناسبة إن بلاده ستحصل على إعفاء نهائي يقدر بنحو 50 مليار دولار من ديونها البالغة 60 ملياراً بعد نحو ثلاثة أعوام وفق بنود المبادرة.
وأضاف أن «وصولنا لنقطة القرار هو بداية العملية إذ إنه سيتيح لنا فرصة الحصول على منح وقروض جديدة بما فيها نحو 4 مليارات دولار منها مليارا دولار من صندوق التنمية العالمي توجه للصرف على الكهرباء والمياه والتعليم والصحة وفي الأسابيع المقبلة سنتواصل مع الدائنين من نادي باريس ومن خارجه والدائنين التجاريين».
وتابع أن «السودان سيصل إلى نقطة الإكمال في مبادرة هيبك في غضون ثلاث سنوات تقريباً وهذا يتطلب مجهوداً إضافياً من الجميع»، موضحاً أن الحكومة أمنت طريقاً للاعفاء من الديون حتى يرفع هذا العبء الذي تسبب بمنع المشاركة والتفاعل مع شركاء التنمية المالية الدولية والاستفادة منها.
يذكر أن ديون السودان بلغت 60 مليار دولار حتى نهاية عام 2020 تشكل نسبة 92 في المئة منها متأخرات وطبقت الحكومة إجراءات اقتصادية على مواطنيها تمثلت في رفع الدعم عن الوقود والكهرباء والخبز وتخفيض قيمة العملة المحلية للوصول إلى نقطة القرار في مبادرة «هيبك». وسيتعين على السودان إقرار تدابير ضريبية إضافية لزيادة الإيرادات العامة وتعزيز استقلالية البنك المركزي في الإصلاحات الاقتصادية المقبلة.