أطلقت الحكومة الإيطالية، اليوم الجمعة، خطة لمواجهة أحد أكبر المخاطر التي تهدد ثالث أكبر اقتصاد في منطقة الاتحاد الأوروبي.
ويسعى رئيس الوزراء ماريو دراجي إلى مواجهة ظاهرة تراجع معدل المواليد من خلال خطة قيمتها 21 مليار يورو (25,4 مليار دولار أميركي) تتضمن إجراءات مثل تحديد دخل ثابت لكل العاملين في البلاد.
ولطالما كان لإيطاليا أحد أدنى معدلات الولادة في أوروبا، لكن الوضع ازداد سوءًا في 2020 مع وباء فيروس كورونا المستجد.
فقد تراجع عدد سكان إيطاليا، اليوم الماضي، بنحو 400 ألف نسمة، أي ما يعادل مدينة مثل فلورنسا تقريباً، ليبلغ 59,3 مليون في حين سجلت الوفيات ارتفاعاً وعدد الولادات تراجعاً والهجرة تباطؤاً.
فتراجع عدد الأطفال اليوم يعني انخفاضًا في عدد البالغين الذين يعملون ويدفعون ضرائب خلال سنوات، ما سيجعل البلاد أقل إنتاجية وتواجه صعوبات للحفاظ على مستوى معيشة سكانها المسنين.
لطالما كان ذلك مصدر قلق للمجتمعات الغربية، لكن التهديد أكبر بالنسبة لإيطاليا. فقد جاء عدد المواليد الجدد أقل بنحو 16 ألف مولود عن العام السابق.
وحذر دراجي، اليوم الجمعة خلال مؤتمر "الأوضاع العامة للولادات" المنظم في العاصمة روما بحضور البابا فرنسيس "إيطاليا من دون أطفال (...) يعني أن إيطاليا ستختفي ببطء عن الوجود".
وأضاف "اليوم، نصف الإيطاليين هم في سن الـ47 على الأقل، أعلى معدل وسطي في أوروبا".
وأضاف دراجي أن حكومته تعتزم زيادة المساعدات المقدمة للأزواج والنساء بما في ذلك مبالغ نقدية للعائلات التي لديها أطفال.
ومن المقرر بدء تطبيق إجراءات دعم الإنجاب الجديدة اعتباراً من شهر يوليو المقبل. كما تعتزم الحكومة تخصيص 5 مليارات يورو تقريباً للحضانات للأطفال قبل سن المدرسة وللمدارس الابتدائية الجديدة.عندما بدأت دانييلا فيتشينو التدريس في صقلية قبل حوالى 30 عامًا، كان عدد التلاميذ في صفها نحو 30، وهو عدد انخفض اليوم إلى النصف تقريبًا بسبب تراجع معدل الولادات.
وقالت دانييلا من مدينة كالتاجيروني في جنوب شرق صقلية "باتوا الآن 18 إلى 20 تلميذاً على أبعد تقدير وحتى 15 أو 16 في بعض الحالات".
وأضافت "إنه أمر مؤلم جداً".
تجسد مدينة كالتاجيروني، الواقعة على قمة تلة والمشهورة بأوانيها الفخارية الملونة والهندسة المعمارية على الطراز الباروكي المدرجة على قائمة التراث العالمي للبشرية التي تعدها اليونسكو، الأزمة الديموغرافية الحالية.
فقد انخفض العدد السنوي للولادات إلى النصف بين العامين 1999 و2019، بحيث تراجع من 532 إلى 265 وفقًا لمعهد الإحصاء الوطني، ما يجعلها واحدة من المدن الإيطالية العشر التي سجلت أكبر انخفاض في معدل الولادات.
ويتركز نظام الحماية الاجتماعية في إيطاليا حاليًا على المسنين ما يترك القليل من الموارد للأجيال الصاعدة.
شهدت إيطاليا، منذ سنوات، انخفاضًا في عدد الولادات، من 534000 في 2012 إلى 404000 فقط في 2020 بما يقل بنسبة 30% عن العدد المسجل منذ 30 عاماً، بحسب بيانات مكتب الإحصاء الإيطالي (آيستات)، ليصل معدل الإنجاب إلى 1,24 طفل لكل امرأة مقابل 1,27 طفل لكل امرأة في العام السابق، وهو أقل معدل إنجاب في الاتحاد الأوروبي بعد إسبانيا ومالطا.
بالنسبة لعام 2021، يتوقع معهد الإحصاء انخفاضًا إضافيًا في عدد الولادات إلى 384-393 ألف ولادة، في تراجع يعود أساسًا إلى الوباء والذي يشمل هذه المرة العالم بأسره.
في ديسمبر ويناير، بعد تفشي وباء كوفيد-19 في إيطاليا، تراجعت الولادات بـ10 و14% على التوالي خلال عام.
وفي إطار استراتيجيتها لوقف التدهور الديموغرافي، تعمل الحكومة على مشروع قانون يرمي لتقديم مساعدات أكثر سخاء للعائلات التي أنجبت وإجازة أمومة لفترة أطول. لكن النتائج لن تظهر قبل سنوات.
وفقًا لاستطلاعات الرأي يريد الأزواج الإيطاليون إنجاب طفلين فقط.