دينا محمود (لندن)
في وقت دعت فيه مجموعة من أعضاء الكونجرس الأميركي البارزين إدارة الرئيس جو بايدن إلى حشد المجتمع الدولي لدعم مؤتمر للمانحين يجري التحضير لعقده من أجل اليمن، حذرت مصادر غربية من أن هذه الجهود، قد تبوء بالفشل في ضوء إصرار ميليشيات الحوثي الإرهابية على التصعيد العسكري على الأرض، ومواصلة الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيّرة على المنشآت المدنية والنفطية السعودية.
وأكدت المصادر أن تشبث الحوثيين بمحاولاتهم المحمومة للاستيلاء على محافظة مأرب ذات الأهمية الاستراتيجية، يهدد مساعي عقد المؤتمر، الذي تأمل الأمم المتحدة والقوى الكبرى، في أن يتمخض عن جمع تمويل كافٍ لجهود الإغاثة التي تمس الحاجة إليها في اليمن، خاصة بعد أن فشل أخر مؤتمر للمانحين عُقِدَ قبل أكثر من شهرين، في تحقيق أهدافه.
فبينما كانت الأمم المتحدة تسعى لأن ينتهي المؤتمر، الذي شاركت فيه أكثر من 100 من الحكومات والجهات المانحة والمنظمات الإنسانية واستضافته السويد وسويسرا عن بعد، باتفاق على تقديم 3.85 مليارات دولار لتمويل خطتها للاستجابة الإنسانية في اليمن، لم يتعهد المشاركون سوى بـ 1.7 مليار دولار فحسب، وهو ما يقل عن 50% من هذا المبلغ.
وفي محاولة لسد هذه الفجوة ودرء خطر المجاعة عن ملايين اليمنيين، دعت السويد وسويسرا إلى عقد مؤتمر آخر، بمشاركة الدول والجهات المانحة الرئيسة، مُحذرتين من أن أكثر من 20 مليون يمني، باتوا يعتمدون في الوقت الحاضر، على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة، وهو ما يعني أنه لا يمكن للمجتمع الدولي أن يخذلهم.
وأشار محللون في تصريحات نشرها موقع «أل مونيتور» الإخباري الأميركي، إلى تزامن هذه الدعوة، مع استمرار الهجوم الحوثي على مأرب، التي تشكل المعقل الأخير للحكومة، وتتميز بوفرة موارد الطاقة، وهو ما قد يشكل حجر عثرة في طريق أي محاولات لتوفير الدعم الإنساني للمدنيين اليمنيين.
ومنذ فبراير الماضي، تحاول ميليشيات الحوثي الإرهابية باستماتة بسط السيطرة على مأرب بهدف اتخاذها نقطة انطلاق للزحف صوب مناطق أخرى في جنوب وشرق اليمن.
وأشار المحللون إلى أن الهجوم الوحشي المتواصل على مأرب، يهدد بتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، على نحو يفوق قدرات أي جهات مانحة، نظرا إلى أن الكثير من سكان المحافظة، البالغ عددهم 1.5 مليون نسمة، هم ممن اضطروا في الأصل، للنزوح من ديارهم بسبب الحرب، ولجأوا إلى تلك المنطقة.
وأبرزت «أل مونيتور» التحذيرات التي أطلقتها الأمم المتحدة، من مغبة استمرار الزحف الحوثي صوب مأرب، باعتبار أن «مئات الآلاف من الأشخاص قد يضطرون للنزوح من المحافظة، إذا استولى الانقلابيون عليها».
وانعكست هذه التحذيرات على رسالة وجهتها مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي من الحزبين الجمهوري والديمقراطي إلى إدارة بايدن بشأن اليمن، وقال المُشرَّعون فيها إن «الأوضاع في اليمن لم تكن بهذا القدر من التدهور منذ أعوام»، مؤكدين أن المجتمع الدولي فشل حتى الآن في توفير التمويل اللازم للحيلولة دون أن يواجه نصف اليمنيين خطر الموت جوعا، كما تحذر من ذلك منظمات إغاثية مختلفة.
وشددت الرسالة على أنه من الضروري أن تلقي الإدارة الأميركية بثقلها خلف جهود عقد مؤتمر المانحين المزمع، لأن النجاح في تحقيق هذا الهدف قد يمثل فارقا بين الحياة والموت بالنسبة لليمنيين، الذين يحتاج 20 مليوناً منهم، للحصول على مساعدات إنسانية، للبقاء على قيد الحياة، ويواجه نحو 80% من هذا العدد، خطر المجاعة في العام المقبل، بينهم مئات الآلاف من الأطفال.
وتتفاقم هذه الأوضاع الكارثية، في ضوء حجب الحوثيين المساعدات عن المحتاجين إليها في كثير من المدن والبلدات، وفرضهم قيوداً على عمل الغالبية العظمى من المنظمات الإغاثية في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، ما دفع الكثير منها إلى تعليق أنشطتها أو تقليصها إلى الحد الأدنى.