دينا محمود (لندن) - لا يتورع إرهابيو تنظيم «داعش» عن اللجوء إلى أكثر الأساليب دناءة، لإعادة ضخ الدماء في شرايين جماعتهم الدموية، بعدما تفككت دويلتهم المزعومة في العراق وسوريا، إثر الهزيمة التي مُنيت بها هناك قبل سنوات قليلة.
وتشكل مخيمات اللاجئين والنازحين في سوريا، التي تأوي أبناء وأقارب لمسلحي هذا التنظيم الإرهابي، الساحة الأبرز في الوقت الراهن، لمحاولات تجنيد جيل جديد من المتطرفين، الذين يمكنهم الانضواء في المستقبل تحت لواء «داعش»، من أجل تعويض الخسائر الجسيمة، التي تكبدها خلال الفترة الماضية. وتستهدف هذه المحاولات، بحسب مسؤولين عسكريين أميركيين رفيعي المستوى، الأطفال والقُصّر المقيمين في تلك المخيمات، وخاصة مخيم «الهول»، الواقع على المشارف الجنوبية لمدينة تحمل الاسم نفسه، وتتبع محافظة الحسكة السورية، المتاخمة للحدود مع العراق.

وفي تصريحات شديدة اللهجة، اعتبر الجنرال الجنرال كينيث ماكينزي قائد القيادة المركزية الأميركية، أن دفع هؤلاء الأطفال والقُصّر، الذين ينتمون لدول مختلفة، نحو التطرف سيمثل «مشكلة ذات طابع عسكري، في غضون سنوات قليلة»، مؤكدا ضرورة العمل على إعادتهم إلى أوطانهم، وإخضاعهم لبرامج من شأنها محو أي أفكار متشددة أو إرهابية، غرسها عناصر «داعش» في أذهانهم.

وشدد ماكينزي في ندوة عبر الإنترنت لمركز «أميركان إنتربرايز إنستيتوت» للأبحاث في الولايات المتحدة، على أن تحول هذا الجيل من الصغار إلى إرهابيين، قد يشكل «التهديد الأكبر للمنطقة بأسرها»، داعيا إلى الحيلولة دون حدوث ذلك، ووضع حد لانتشار الإيديولوجية المتطرفة التي يتبناها «داعش». وأشار إلى أنه على الرغم من أن استغلال «داعش» للظروف القائمة في مخيمات مثل «الهول»، يعد حاليا «مشكلة تكتيكية» تثير قلق الولايات المتحدة وحلفائها، فإن الأمر سرعان ما سيتحول إلى «تحدٍ ذي طابع استراتيجي»، يتعين على هذه القوى مواجهته.

ونقل موقع «ميدل إيست آي» الإلكتروني عن ماكينزي قوله، إن «أطفال تلك المخيمات يجري دفعهم نحو التطرف بالفعل، وما لم نجد طريقة من شأنها إعادتهم إلى أوطانهم الأصلية، وإعادة دمجهم في المجتمع وتخليصهم من الأفكار المتطرفة، فسنصبح وكأننا نعطي ل»داعش«هدية، تتمثل في مقاتلين جدد بعد خمس أو سبع سنوات من الآن، وهذه هي المشكلة الأكثر عمقا».

وأشار إلى أهمية بدء إعادة أولئك الأطفال والقُصّر إلى بلادهم بشكل جماعي، مؤكدا أن على بلاده وحلفائها العمل على «اتباع وسائل غير عسكرية» في التعامل مع هذه المشكلة الآن، قبل أن تصبح لها «جوانب عسكرية» في المستقبل القريب. ويستلزم ذلك، وفقاً لـ «ماكينزي»، تنسيق الجهود بين الدول المعنية بهذا الملف، لحملها «على استعادة مواطنيها، بالتوازي مع بلورة سبل تسمح بإنجاح جهود مكافحة التطرف، ومحو الأفكار المتشددة والإرهابية، التي زُرِعَت في أدمغة الصغار» في المخيمات بسوريا.

وتفيد تقديرات الأمم المتحدة بأن من بين القاطنين في مخيم «الهول» البالغ عددهم نحو 63 ألف شخص، قرابة سبعة آلاف قاصر من أبناء إرهابيي «داعش»، الذين ينتمون لدول مختلفة. وفي تقرير نُشر في فبراير الماضي، أكدت المنظمة الأممية أن لديها وثائق تفيد بوجود عمليات تجنيد وتدريب لمتطرفين وجمع للأموال وتحريض على شن هجمات، بداخل المخيم، مُحذرة من أن آلاف الأطفال المقيمين هناك «أصبحوا متطرفين، ويتم إعدادهم لكي يصبحوا عملاء ل»داعش«في المستقبل». وعلى الرغم من تحذيرات مسؤولي قوات سورية الديمقراطية «قسد»، من أن هذا المخيم يشكل «تربة خصبة للتطرف»، فإن دولا يوجد لها رعايا بين جنباته، لا تزال مترددة في قبول استعادتهم.