شعبان بلال (القاهرة) - لا يزال الاتحاد الأفريقي هو الخيار الوحيد الذي تطالب به أديس أبابا ليكون وسيطاً وراعياً لمفاوضات سد النهضة التي بدأت قبل 10 سنوات بين مصر وإثيوبيا والسودان، ولم تصل لنتائج حتى الآن فيما يتعلق بتوقيع اتفاق قانوني ملزم حول ملء وتشغيل السد دون إلحاق أضرار بدولتي المصب. 
وعلى الرغم من عدم تحقيق أي نتائج في المفاوضات التي انعقدت على مدار عام والتحديد منذ يونيو الماضي تحت رعاية الاتحاد الإفريقي، وآخرها جولة كينشاسا بجمهورية الكونغو الديمقراطية، إلا أن إثيوبيا ما زالت مصرة على الاتحاد الإفريقي باعتباره الخيار الأفضل لحل هذه القضية، فيما مقابل مطالبات سودانية مصرية بمنهجية جديدة للمفاوضات تُحقق تقدماً ينتج عنه توقيع اتفاق قانوني ملزم. 
د تماضر الطيب، الأستاذ بمركز الدراسات الدبلوماسية بجامعة الخرطوم، قالت إنه من الممكن أن تعود المفاوضات في إطار الاتحاد الإفريقي مرة أخرى، لأن إثيوبيا لا تقبل إلا وساطة الاتحاد الإفريقي، عبر وضع آلية معينة يتم من خلال التفاوض بين الدول الثلاث. 
وأضافت لـ «الاتحاد»، أن هذه الآلية ينتج عنها التوصل لاتفاق يرضي جميع الأطراف، ويفضي إلى إمكانية ملء السد بالاتفاق مع دولتي المصب، ويضع الأساس لإمكانية التوصل لقانون ملزم ينظم عمليات ملء وتشغيل السد في سنوات الجفاف والجفاف الممتد، مؤكدة أنه من مصلحة الدول الثلاث أن تلجأ للاتحاد الإفريقي وبعدها تطرح دولتا المصب شروطهما مقابل تنازلهما عن الوساطة الرباعية. 
وفي نهاية مفاوضات كينشاسا التي انعقدت في جمهورية الكونغو الديمقراطية لمدة 3 أيام، تبادل مصر والسودان من جانب وإثيوبيا من جانب آخر الاتهامات حول السبب وراء فشل المفاوضات، إذ أكدت مصر والسودان أن إثيوبيا رفضت الوساطة الرباعية وجميع المقترحات الأخرى، بينما أكدت أديس أبابا أن القاهرة والخرطوم قوضتا المفاوضات، وأن الاتحاد الإفريقي هو الحل الأمثل للأزمة. 
وقال وزير المياه والري والطاقة الإثيوبي سيليشي بيكيلي، خلال مؤتمر صحفي أمس، إن بلاده تعتقد بقوة أن المفاوضات الجارية بقيادة الاتحاد الإفريقي قد حققت تقدمًا كبيرًا في أزمة سد النهضة، على الرغم من بعض النكسات في الوساطة، موضحاً أن المفاوضات في كينشاسا ركزت على طلب تغيير الشكل والمنصة، خاصة من الجانب السوداني. 
إلى ذلك، رأى الدكتور عباس شراقي، أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، إنه من المتوقع عودة الدول الثلاث إلى طاولة مفاوضات الاتحاد الإفريقي خلال الشهر الجاري، موضحاً أن ذلك يظهر من خلال تصريحات المسؤولين في مصر، وكذلك بيان إثيوبيا المتعلق بمفاوضات كينشاسا التي أكدت فيه العودة للتفاوض في الأسبوع الثالث من شهر أبريل. 
وأوضح شراقي لـ «الاتحاد»، الدليل هو أن مصر لم تتخذ أي خطوة تصعيدية حتى الآن باللجوء إلى مجلس الأمن وفي انتظار قرارات الاتحاد الإفريقي، متوقعاً حدوث انفراجة فيما يتعلق بأزمة المراقبين واللجنة الرباعية حال عودة الأطراف الثلاث إلى طاولة المفاوضات. 
وذكر أستاذ الموارد المائية أنه يمكن البحث عن مسمى يرضي الأطراف الثلاثة للجنة الرباعية، مؤكداً أن السودان ترفض وصف المراقب وهو ما تؤيده مصر، وإثيوبيا ترفض وصف وسيط أيضا، مؤكدا أنه يمكن تسمية هذه الأطراف استشاريين أو لجنة راعية للمفاوضات، موضحاً أن قرارات اللجنة الوسيطة في كل الأحوال ليست ملزمة ومن حق أي طرف الرفض. 
وربط شراقي نجاح أي مفاوضات بين الدول الثلاث خلال الأيام المقبلة بالتزام إثيوبيا بعدم تنفيذ أي إنشاءات في الممر الأوسط لسد النهضة، لأن ذلك يعني التمهيد للملء الثاني للسد، مشيراً إلى أن ذلك سيتسبب في أزمة كبيرة ويزيل سبب التفاوض. 
وأعلنت مصر والسودان رفض إثيوبيا مقترح الوساطة الرباعية التي تقدم به السودان، مؤكدان أنها اقترحت في نفس الوقت إضافة دولة جنوب إفريقيا للوساطة وهو ما قبلته مصر والسودان باعتبارها كانت طرفاً في المفاوضات أثناء توليها رئاسة الاتحاد الإفريقي في دورته السابقة، لكن لم يتم التوافق من قبل إثيوبيا حول إضافة الأمم المتحدة باعتبارها طرفاً جديداً، والسودان اقترحها ليكون هناك غطاء دولي للمفاوضات.
وفي بيان رسمي لوزارة الخارجية الإثيوبية قبل يومين، توقعت إثيوبيا استئناف الاجتماع في الأسبوع الثالث من أبريل 2021، بناءً على دعوة الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي.