شادي صلاح الدين (لندن)

دخلت أزمة اليمن منعطفاً خطيراً خلال الأسابيع الماضية، مع رفض ميليشيات الحوثي الإرهابية كل مقترحات السلام المقدمة، واستيلائهم على المساعدات الغذائية المقدمة من المجتمع الدولي، وهو ما دفع البلاد إلى حظيرة المجاعة.
وحسب تقديرات الأمم المتحدة، فإن 24.3 مليون شخص في اليمن، «80 في المائة من السكان» معرضون لخطر المرض والجوع. 
وفي أجزاء من البلاد، يكافح أكثر من 60 في المائة من السكان لتأمين المواد الغذائية، بعد أن أدى الانهيار الاقتصادي بسبب هجمات الحوثي وحصارها لبعض المدن إلى زيادة صعوبة تحمل اليمنيين لتكلفة المواد الغذائية والاحتياجات الأساسية الأخرى.
وأوضح تقرير لصحيفة «واشنطن بوست» الأميركية أن الأزمة الإنسانية والتهديد المتزايد بحدوث المجاعة أديا إلى حشد ثاني أكبر استجابة معاصرة للمساعدات في العالم، وأخذت في الاعتبار قرار الرئيس الأميركي، جو بايدن، بإلغاء تصنيف الحوثيين، كمنظمة إرهابية أجنبية، في محاولة لتقليل تكلفة إيصال المساعدات الغذائية لليمنيين، إلا أن الميليشيات استغلت الأمر للاستيلاء على كل هذه المساعدات وتوزيعها على أنصارها بل وبيعها في السوق السوداء.
وأظهر بحث أجرته الصحيفة الآثار العميقة للصراع على الأسر اليمنية. 
وبشكل عام، أفاد المستجيبون بأن انعدام الأمن الاقتصادي من بين أهم التهديدات التي يواجهونها، وقال 30 بالمائة، إن نقص فرص الدخل هو أكبر تهديد يواجهونه، إلى جانب 28 بالمائة أفادوا «بتجدد العنف».
وتلاشت فرص الدخل في القطاعين العام والخاص في اليمن، على سبيل المثال، تكشف ردود الاستطلاع في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون أن التوظيف في القطاع العام قد انخفض بنسبة 11 في المائة منذ عام 2015. 
وبما أن الكثيرين ممن يعملون في وظائف القطاع العام لم يتلقوا رواتبهم منذ شهور، حتى أولئك الذين يقدمون تقاريرهم بأنفسهم كموظفين لا يتقاضون رواتبهم بالضرورة، والنتيجة هي أن العمل في الجماعات المسلحة المدعومة من ميليشيات الحوثي يوفر دخلاً أكثر استقراراً. 
وعند سؤالهم عن فرص الدخل المتاحة للشباب، أجاب 61% من المشاركين في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة و35% من المشاركين في مناطق الحوثيين بأن الانضمام إلى الجيش أو قوات الأمن الأخرى هو الخيار الأفضل باستمرار.
وتسبب حصار الحوثيين لبعض المناطق في ارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع المستوردة ووسائل النقل، ويؤدي الانخفاض الواسع في الدخل إلى تفاقم مشاكل القدرة على تحمل التكاليف. وكشف التقرير عن أن اليمنيين ينفقون ما يقرب من أربعة أضعاف ما ينفقونه على الغذاء مثل أي مصروفات أخرى، بما في ذلك الإسكان والرعاية الصحية والنقل. 
وشكل الغذاء نصف نفقات الأسرة، وهي نسبة أعلى بكثير مما هي عليه في البلدان الأخرى في المنطقة.
وتكيف اليمنيون مع فقدان الدخل باستخدام المدخرات وبيع الممتلكات، ومنذ عام 2015، أفاد 62 في المائة من اليمنيين عن استنفاد مدخراتهم، أو بيع ممتلكاتهم لدفع ثمن الطعام والماء، وعلى الأخص المجوهرات والموروثات العائلية. 
وأفاد المشاركون في البحث عن التخلي عن قطع اللحوم والجبن والحلويات بالكامل تقريباً من وجباتهم الغذائية لتوفير تكاليف الطعام، وأفاد البعض أن أسرهم تحولت إلى تقاسم وجبتين فقط في اليوم.