شادي صلاح الدين (لندن)
يعتقد كثيرون أن الأزمة اللبنانية ستنتهي بعد تشكيل حكومة جديدة أو مع توفير السلع التموينية للقضاء على خطر المجاعة الذي يهدد البلاد، ولكن الأزمة اللبنانية لن تحل بذلك فقط، فالبلاد بحاجة إلى سياسات عملية توحد الصف اللبناني، وتقضي على الفساد، وتتصدى لميليشيا «حزب الله» والهيمنة الإيرانية.
وبحسب تقرير لـ«معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى»، فإن التداعيات السياسية للخطاب الأخير الذي أدلى به قائد الجيش اللبناني، جوزيف عون، في مارس الماضي، منحت فرصة ذهبية لواشنطن وشركائها لحث لبنان على تحويل مسارها من إدارة الأزمات إلى إيجاد حلول فعلية فعالة.
وفي خطاب جوزيف عون في الثامن من مارس الماضي، أعرب عن أسفه للوضع المزري الذي تواجهه المؤسسة وجنودها، وحملت كلمته أيضاً رسائل سياسية مشحونة ضد النخب الحاكمة، التي اتهمها بخفض ميزانية الجيش إلى مستوى خطير. وأصبح كثيرون منهم يطلبون غيابات مؤقتة أو لا يحضرون لأداء وظائفهم، بينما يطلب كبار القادة التقاعد المبكر، وهو ما يؤثر بشكل مباشر على الوضع الأمني في البلاد.
وأوضح التقرير أن الوضع المالي للجيش اللبناني لا يختلف كثيراً عن وضع مؤسسات الدولة الأخرى، كما أن رفع رواتب الجنود ببساطة سيحمل ظلماً للآخرين العاملين في الدولة، وقد يؤدي إلى زيادة التضخم. لكن قائد الجيش في خطابه أثار نقاشاً مفتوحاً حول دور الجيش اللبناني، وأشار إلى وجود فرصة لترجمة المحنة المؤسسية التي يمر بها لبنان إلى خريطة طريق عملية لتنفيذ إصلاحٍ حقيقي.
وعلى الرغم من الأهمية الرمزية والسياسية لخطاب قائد الجيش اللبناني، إلا أنه لن يعني كثيراً على المدى الطويل ما لم تتم ترجمته إلى خطوات عملية، بحسب التقرير، فمع انهيار القطاع المصرفي، يتوقع كثيرون أن يتدهور الوضع الأمني الداخلي في لبنان، لذلك من المرجح أن يضطر الجيش إلى تحمل عبء الحفاظ على الاستقرار واحتواء الفوضى في الشوارع.
ومع ذلك، فإن قدرة الجيش على الوفاء بهذه المهمة غير مؤكدة الآن، لأنه يواجه ضغوطاً متزايدة على صعيدي السياسة والميزانية، كما أن آمال «حزب الله» في الحصول على زيادة سريعة في التمويل الإيراني تبددت، بسبب النهج الحذر الذي تتبعه إدارة بايدن إزاء رفع العقوبات النووية، لذلك قررت الميليشيا على ما يبدو أن إدارة أزمة لبنان أفضل من حلها.
ويرى التقرير أن اعتبار الأزمة على أساس كونها مشكلة إنسانية أو اقتصادية بحتة لن يؤدي إلا إلى تأجيل الانفجار الاجتماعي الوشيك، إذ أن أكثر ما يحتاجه لبنان هو العمل السياسي الذي يتصدى للفساد العميق الجذور والمشاكل المالية.
وأكد أن على واشنطن والمجتمع الدولي استكمال خططهم الإنسانية قصيرة المدى من خلال رسم خريطة طريق سياسية على المدى الطويل، ويجب أن تركز الخطوات الأولى على الجيش اللبناني عبر مساعدته على احتواء عمليات التهريب عبر الحدود، والتأكد من عدم قيام الجيش اللبناني باستهداف المحتجين أو محاولة التصدي لحرية التعبير، والتركيز على الانتخابات النيابية المقبلة، والتأكد من إجرائها في موعدها مايو 2022، وبطريقة ديمقراطية، وتشجيع الجهات الفاعلة اللبنانية على صياغة جبهة معارضة جديدة تكون قادرة على مواجهة فساد المسؤولين وميليشيا «حزب الله».