بيروت (أ ف ب)
حذّرت منظمة «أنقذوا الأطفال» «سايف ذي تشيلدرن»، أمس، من أن أطفالاً سوريين كثراً، ممن أجبرتهم الحرب على الفرار، لا يرون مستقبلاً لهم في بلادهم، حيث يدخل النزاع الشهر الحالي عامه الحادي عشر.
وقال مدير المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشرق أوروبا في المنظمة جيريمي ستونر: «كلفت عشر سنوات من الحرب الصغار في سوريا طفولتهم، ولكن يجب ألا يسمح العالم لها بأن تسلبهم مستقبلهم».
وأجرت المنظمة مسحاً شمل 1900 طفل ومسؤولين عن رعايتهم من نازحين داخل سوريا أو لاجئين في دول الجوار، أي الأردن ولبنان، وفي هولندا.
وتبين أن «86 في المئة من الأطفال اللاجئين لا يريدون العودة إلى سوريا»، بينما طفل واحد من كل ثلاثة من النازحين داخلها يفضل العيش في بلد آخر.
وأوضحت المنظمة، أن «الأطفال الذين أجبروا على الفرار من منازلهم يعانون من أجل الشعور بالأمان، حيث يوجدون حالياً»، مشيرة إلى أن طفلين من كل خمسة تحدثوا عن «العنصرية والنقص في التعليم».
وأظهرت الدراسة التي أجرتها المنظمة، أن 29 في المئة من الأطفال اللاجئين الذين يعيشون في لبنان يريدون العودة إلى سوريا، في مقابل تسعة في المئة من أطفال اللاجئين في الأردن وهولندا.
ونقل التقرير عن الطفلة لارا البالغة السابعة من العمر، والنازحة في إدلب في شمال غرب سوريا قولها: «أتمنى أن أعيش في أي بلد غير سوريا، بلد فيه أمان ومدارس وألعاب».
وفي عكار في شمال لبنان، قالت ندى، البالغة 17 عاماً، التي كانت تحلم أن تصبح طبيبة، لكنها لا تتلقى تعليماً الآن: «لا أريد العودة والعيش في سوريا مجدداً، ولا أريد أن أبقى في لبنان».
وتسبّبت عشر سنوات من الحرب السورية بنزوح وتشريد ملايين السكان، وألحقت أضراراً هائلة بالبنى التحتية واستنزفت الاقتصاد وقطاعاته المنهكة، عدا عن دمار كبير لم يميز بين منزل ومرفق عام أو منشأة طبية أم تعليمية.
وأسفر النزاع المستمر في سوريا منذ منتصف مارس 2011، عن مقتل أكثر من 387 ألف شخص.
وأدى إلى تشريد أكثر من ستة ملايين سوري داخل البلاد، فيما يعيش نحو 5.6 مليون في دول اللجوء، بينهم أكثر من مليون طفل ولدوا خارج سوريا، وفق الأمم المتحدة.
كذلك، قلب النزاع حياة الأطفال رأساً على عقب. وبحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة، فإن أكثر من 8.5 مليون طفل سوري يعتمدون على المساعدات داخل سوريا وفي الدول المجاورة.
ويعاني ستون في المئة من الأطفال في سوريا حالياً انعدام الأمن الغذائي، كما أن أكثر من نصفهم يفتقرون للتعليم، بحسب الأمم المتحدة.
ولم تغيّر سنوات الحرب وجه سوريا عبر تدمير حاضرها وتهديد مستقبل شعبها فحسب، بل أتت على معالم أثرية عريقة، وقضت على تراث رمزي ثمين من دون رجعة.
وفي سوريا، تركت حضارات عدة، من الكنعانيين إلى الأمويين، مروراً باليونانيين والرومان والبيزنطيين، تراثاً شاهداً عليها. وكانت البلاد تفخر بمواقعها الأثرية في تدمر وحلب وإدلب ودرعا ودمشق والرقة وغيرها.
وقد يكون النزاع الذي اندلع في سوريا في مارس 2011 أنتج الكارثة الإنسانية الأسوأ خلال قرن، لكن الهمجية التي ضربت التراث الثقافي أسوأ ما مرّ أيضاً على أجيال كثيرة.
وخلال سنوات قليلة، تحوّلت مدن قديمة إلى ساحات قتال واستحالت الأسواق الأثرية دماراً، ونُهبت قطع من مواقع أثرية أو متاحف كانت تحفظ بين جدرانها روايات من التاريخ.