هدى جاسم، وكالات (بغداد)
عاد البابا فرنسيس إلى روما، أمس، بعد زيارة إلى العراق، هي الأولى لبابا الكنيسة الكاثوليكية لهذا البلد، الذي يعاني أعمال عنف بانتظام، وأكد أن زيارته المقبلة ستكون إلى لبنان «الذي يتألم»، كاشفاً عن تفاصيل الإعداد لوثيقة «الأخوّة الإنسانية»، التي وقعها مع الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، قبل عامين.
وقال البابا، في تصريحات صحافية، على متن الطائرة التي أقلته عائداً من بغداد إلى الفاتيكان، بعد أن اختتم زيارة تاريخية إلى العراق: «حضّرت مع الإمام الأكبر أحمد الطيب، بسرية على مدى ستة أشهر، بتأن وصلاة وتفكير وتنقيح للنص».
وتابع: «دعني أقول إنها كانت خطوة طموحة، ومن الممكن أن نقول أن اللقاء هو خطوة ثانية، وهناك خطوات أخرى على درب الأخوة»، مضيفاً: إن الوثيقة، التي جرى توقيعها في أبوظبي تركت في نفسي قلقاً وأملاً، وبعدها صدرت رسالة «جميعنا أخوة»، و«يجب النظر إلى الوثيقتين من منظور الطريق الواحد، يبحثان في الأخوة».
وحول زيارته إلى العراق، قال البابا فرنسيس عن لقائه مع المرجع العراقي علي السيستاني: «إن للمرجع السيستاني عبارة، دعني أتذكرها بدقة: الناس أخوة بالدين أو متساوون بالخلق، الأخوة هي المساواة». وأضاف: «لقائي مع السيستاني أراح نفسي»، واصفاً إياه بـ«رجل متواضع وحكيم» لكنه أشار إلى أن زيارة العراق «كانت مرهقة أكثر من الزيارات الأخرى».
وكان البابا الأرجنتيني وصل الجمعة إلى العراق، حيث جاب البلاد متنقلاً من بغداد إلى الموصل وقرة قوش، البلدة المسيحية في الشمال التي عانى أهلها ويلات عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي.
واستهلّ البابا جولته بالتأكيد على أنه جاء «بصفة تائب يطلب المغفرة من السماء، ومن الأخوة للدمار الكثير وقسوة البشر»، و«حاجاً يحمل السلام».
وفي قرة قوش، البلدة المسيحية التي نزح كل أهلها خلال سيطرة «داعش»، وعاد جزء منهم خلال السنوات الماضية، ترأس في كنيسة الطاهرة الكبرى قداساً. وقال البابا في كلمة هناك: «قد يكون الطريق إلى الشفاء الكامل لا يزال طويلاً، لكني أطلب منكم، من فضلكم، ألا تيأسوا».
وتناول قضية أحد أقدم المجتمعات المسيحية في العالم وأكثرها انتشاراً، مع المرجع العراقي علي السيستاني.
وقال البابا، البالغ 84 عاماً: «العراق سيبقى دائماً معي وفي قلبي» بعد أن ترأس قداساً احتفالياً شارك فيه الآلاف في ملعب في أربيل في كردستان العراق، أمس الأول.
وحرص البابا فرنسيس على لقاء مسيحيي العراق، وخص هذا البلد ذا الأغلبية المسلمة بأول رحلة له إلى الخارج منذ 15 شهراً.
وباستثناء القداس في أربيل، لم يتمكن البابا، بسبب الوباء، سوى من لقاء بضع مئات من الأشخاص في المدن العراقية التي زارها، وليس الحشود التي اعتاد لقاءها لدى الزيارات التي يقوم بها في العالم.
وندد في كلماته الموجهة للبلاد، التي أعلنت انتصارها على تنظيم «داعش» نهاية عام 2017، بـ«الإرهاب الذي يسيء إلى الدين» داعياً إلى «السلام» و«الوحدة» في الشرق الأوسط، وأعرب عن أسفه لرحيل المسيحيين عن المنطقة، معتبراً أنه «ضرر لا يمكن تقديره».
كما أقام صلاة حضرها مسؤولون دينيون من مختلف الأطياف الموجودة في العراق منذ آلاف السنين في أور، مسقط رأس النبي إبراهيم (عليه السلام). وشكّلت زيارة البابا إلى العراق تحدياً أمنياً ودبلوماسياً لبغداد، وإضافة إلى ذلك، جاءت الزيارة وسط تحدٍّ صحي أيضاً مع زيادة أعداد الإصابات بـ«كوفيد-19».
لبنان يتألم
قال البابا فرنسيس «إن لبنان يتألم، ولبنان يمثل أكثر من توازن، لكن فيه بعض الضعف الناتج عن التنوع، وبعض هذا التنوع الذي لم يتصالح، لكن لديه قوة الشعب المتصالح، كقوة الأرز». وأضاف البابا: إن البطريرك الراعي طلب منه خلال رحلته إلى العراق أن يتوقف في بيروت، موضحاً: «الأمر بدا لي صغيراً، فهذا فتات أمام ما يعانيه لبنان». وتابع: كتبت له رسالة ووعدت أن أزور لبنان، فلبنان اليوم في أزمة، وهنا لا أريد أن أنتقص من أحد، هي أزمة وجود، وستكون رحلتي المقبلة إلى لبنان».