واشنطن (الاتحاد) 

أدى السياسي الديمقراطي جو بايدن اليمين رئيساً للولايات المتحدة، أمس، متعهداً بأن يكون رئيساً لكل الأميركيين، ليتولى السلطة في بلد يعاني من انقسامات سياسية عميقة واقتصاد في أزمة وجائحة فيروس كورونا التي أودت بحياة 400 ألف في أميركا.
وأدى بايدن القسم الرئاسي واضعاً يده على إنجيل توارثته أسرته لأكثر من قرن أمام رئيس المحكمة العليا جون روبرتس، وتعهد «بالحفاظ على دستور الولايات المتحدة وحمايته».

وقال بايدن في الخطاب بمناسبة تنصيبه رئيساً: «تعرضت أميركا لاختبارات قاسية عبر العصور مرة تلو الأخرى، وكانت أميركا على قدر التحدي.. في هذه الساعة أصدقائي، الديمقراطية انتصرت، ونحتفل بالنصر، ليس نصر مرشح، وإنما انتصار قضية.. قضية الديمقراطية».
وانتقلت الرئاسة إلى بايدن، البالغ 78 عاماً، الذي أصبح أكبر الرؤساء الأميركيين سناً في التاريخ، خلال مراسم مصغرة في واشنطن لم تشهد القدر المعتاد من الأبهة والأجواء الاحتفالية بسبب الجائحة والمخاوف الأمنية، بعد الهجوم الذي شنه أنصار الرئيس السابق دونالد ترامب على مبنى الكونجرس «الكابيتول» في السادس من يناير الجاري.

  • بايدن وزوجته وهاريس وزوجها يلوحون للحضور أثناء دخول مقر الكابيتول قبل مراسم التنصيب (أ ف ب)

وخالف ترامب تقليداً آخر قبل أن يترك السلطة، إذ يعتبر رفضه حضور حفل التنصيب لمن سيخلفه منافياً لتقليد سياسي يعود إلى أكثر من 150 عاماً.
وفي خطاب استمر قرابة عشرين دقيقة، أشاد بايدن بـ«يوم الولايات المتحدة ويوم الديمقراطية ويوم الأمل»، مكرراً دعوته إلى الوحدة والتغلب على التحديات، مطالباً الأميركيين إلى وضع اختلافاتهم جانباً لمواجهة «الشتاء القاتم».
وحذّر بايدن الذي قدم نفسه على أنه رئيس لجميع الأميركيين، من أن الولايات المتحدة، التي سجّلت أكثر من 400 ألف وفاة بسبب الوباء، ستدخل «المرحلة الأكثر فتكاً من الفيروس».

  • بيل كلينتون وجورج بوش الابن يتحدثان أثناء حضور مراسم تنصيب بايدن (أ ف ب)

ويعتزم الرئيس الأميركي الجديد إصدار 17 أمراً رئاسياً للعودة عن إجراءات اعتمدتها إدارة ترامب، وسيعمد خصوصاً إلى إعادة الولايات المتحدة إلى اتفاقية باريس حول المناخ وإلى منظمة الصحة العالمية.
وتشمل الأوامر أيضاً الإلزام باستخدام الكمامات في البنايات والمنشآت الاتحادية، وإنهاء حظر فرضه ترامب على دخول القادمين من عدد من الدول ذات الأغلبية المسلمة.
ووعد بـ«إلحاق الهزيمة بنزعة تفوق العرق الأبيض والإرهاب الداخلي» بعد أسبوعين على اقتحام مبنى الكابيتول.

  • أوباما وزوجته لدى حضورهما مراسم التنصيب (أ ف ب)

وفي رسالته الأولى إلى الدول الأجنبية كرئيس، تعهد جو بايدن بإصلاح تحالفات أميركا مع الدول الأخرى.
وقال: «سنصلح تحالفاتنا، ونتعامل مع العالم مرة أخرى، ليس لمواجهة تحديات الأمس، ولكن تحديات اليوم والغد».
وأضاف: «لقد تم اختبار أميركا.. وخرجنا أقوى من أجلها». 
وحضرت شخصيات سياسية بارزة من الحزب الجمهوري مراسم التنصيب، منهم مايك بنس نائب الرئيس السابق ترامب وزعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ السناتور ميتش ماكونيل وزعيم الجمهوريين في مجلس النواب كيفن مكارثي، إضافة إلى الرؤساء الأميركيين السابقين باراك أوباما وبيل كلينتون وجورج دبليو بوش.

  • بوش وزوجته داخل مقر الكابيتول (أ ف ب)

وأصبحت كامالا هاريس، وهي ابنة لمهاجرين من جاميكا والهند، أول شخص من أصحاب البشرة الداكنة وأول امرأة وأول أميركية من أصل آسيوي تتولى منصب نائب الرئيس، بعد أن أدت اليمين الدستورية أمام القاضية بالمحكمة العليا سونيا سوتومايور، وهي أول عضو من أصل لاتيني بالمحكمة.
وتولى بايدن المنصب في وقت مضطرب، إذ تواجه بلاده ما وصفه مستشاروه بأربع أزمات مجتمعة وهي الجائحة والتراجع الاقتصادي والتغير المناخي والعنصرية. وتعهد بالتحرك على الفور لمواجهة تلك المشكلات باتخاذ سلسلة من القرارات التنفيذية في أول يوم له في الرئاسة.

  • هاريس تؤدي اليمين كأول نائبة رئيس لأميركا من أصل آسيوي وأفريقي (أ ف ب)

وبعد حملة انتخابية مريرة شابتها مزاعم لا أساس لها من ترامب بتزوير الانتخابات، تبنى بايدن صيغة تصالحية وطلب من الأميركيين الذين لم يصوتوا له منحه فرصة ليكون رئيساً للجميع.
وقال بايدن: «الأمر يتطلب ما هو أكثر بكثير من الكلمات لنتغلب على تلك التحديات، ولنستعيد الروح ونؤمّن مستقبل أميركا، ويتطلب الأمر تحقيق هدف هو الأكثر صعوبة في نظام ديمقراطي ألا وهو الوحدة، ويجب علينا أن ننهي تلك الحرب غير المتحضرة التي تضع الأحمر في مواجهة الأزرق والريفي في مواجهة المدني».
وأقيمت المراسم، أمس، أمام مبنى الكونجرس (الكابيتول) الذي جرى تشديد إجراءات الأمن حوله.

  • بنس وزوجته يحضران تسليم السلطة إلى بايدن وهاريس (أ ف ب)

واستدعت السلطات 25 ألفاً من قوات الحرس الوطني إلى المدينة، بعد حصار المبنى الذي شهد مقتل خمسة أشخاص وأجبر النواب على الاختباء لبعض الوقت.
وبدلاً من احتشاد أنصار الرئيس الجديد لحضور المراسم، جرت تغطية متنزه ناشونال مول بنحو 200 ألف علم و56 مصدراً للإضاءة ترمز لسكان الولايات والمناطق الأميركية.
وتوّج تنصيب بايدن مسيرة بدأها قبل خمسة عقود، وشملت أكثر من 30 عاماً في مجلس الشيوخ، وفترتين في منصب نائب الرئيس في إدارة أوباما.
لكنه يواجه سلسلة من الأزمات المتداخلة التي تمثل تحدياً حتى لشخصية مثله تتمتع بالخبرة السياسية.