دينا محمود (لندن)

من إيران إلى كوريا الشمالية مروراً بروسيا، تتعدد ملفات السياسة الخارجية، التي يتعين على الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن وفريق معاونيه التعامل معها بعد أقل من ثلاثة أسابيع من الآن، حتى رغم وجود قضايا داخلية، سيتوجب على الإدارة الديمقراطية مواجهتها كذلك، مثل وباء «كورونا».
ويزيد من خطورة هذه الملفات الخارجية، التوقعات التي تسود بعض الأوساط السياسية في واشنطن، بشأن إمكانية أن تعمد بعض القوى المناوئة للولايات المتحدة مثل النظام الحاكم في بيونج يانج وغيره، إلى إطلاق بالونات اختبار مبكرة، على غرار إجراء تجربة صاروخية بعيدة المدى، أو شن هجوم إلكتروني، أو الشروع في تحركات استفزازية في مناطق النفوذ الأميركي.
ولمواجهة احتمالات مثل هذه، ينبغي على بايدن وفقاً لمحللين أميركيين، الابتعاد عن إرث سلفيْه باراك أوباما ودونالد ترامب على صعد عدة، وإعادة توطيد الأواصر مع الحلفاء التقليديين لبلاده، بعدما تضررت العلاقات معهم بشدة، خلال السنوات الأربع التي قضاها ترامب في البيت الأبيض، بفعل «معارك لا لزوم لها شنتها إدارته، مع عدد ليس بالقليل من شركاء الولايات المتحدة على الساحة الدولية».
وفي تصريحات نشرها موقع شبكة «آيه بي سي نيوز» التليفزيونية، قالت كوري شاكا، المسؤولة عن قسم الدراسات الخارجية والدفاعية في معهد «أميركان إنتربرايز» للأبحاث: إن من بين هذه المعارك، تلك السجالات الحادة التي أثارتها إدارة ترامب بشأن «القوات الأميركية المنتشرة في ألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية، والرسوم الجمركية التي فُرِضَت خلال عهد الرئيس الجمهوري بدعوى اعتبارات الأمن القومي، على بضائع واردة من كندا ودول الاتحاد الأوروبي».
وشددت شاكا على أن «إعادة علاقات أميركا مع هذه الدول إلى طابعها المعتاد، سيمثل تحدياً هائلاً بالنسبة للرئيس بايدن وفريقه»، في إشارة ضمنية إلى ما سبق أن قاله أنتوني بلينكين، المرشح لتولي وزارة الخارجية في الإدارة الديمقراطية المقبلة، من أن التحالفات مع شركاء الولايات المتحدة، «هي مفتاح حل المشكلات الكبيرة التي نواجهها كدولة.. سواء كان ذلك يتعلق بالتغير المناخي، أو حدوث تفشٍ وبائي، أو انتشارٍ لأسلحة مدمرة».
وربما يكون الملف الإيراني، من بين الملفات الشائكة التي تفرض نفسها مبكراً على إدارة بايدن؛ في ضوء ما يشهده العراق حالياً من هجمات على المصالح الأميركية، من جانب ميليشيات مدعومة من طهران. فحتى إذا أحجم ترامب عن الرد عسكرياً على تلك الهجمات، فلا ينفي ذلك حقيقة أنه سينبغي على خليفته التصدي للسياسات الإيرانية المستفزة على الساحة الإقليمية، من دون تقديم تنازلات تمس بالأمن القومي للولايات المتحدة. 
وعلاوة على ذلك، يجب على بايدن وإدارته، تحديد سبل التعامل مع التهديدات التي تمثلها تنظيمات إرهابية، مثل «داعش» و«القاعدة»، لا سيما في ضوء تصاعد خطر هذه الجماعات الدموية، في مناطق مثل سوريا والفليبين ومنطقة الساحل الأفريقي.
وأما في ليبيا، فيحض المحللون الأميركيون الرئيس المنتخب، على الابتعاد عن السياسة التي انتهجتها إدارة أوباما، وشاركت في إطارها مع حلفائها الأوروبيين، في التشجيع على الإطاحة بنظام معمر القذافي، وهو ما قاد إلى سقوط ليبيا في أتون الحرب الأهلية.
ونقل موقع «أنتي وور» الإلكتروني عن هؤلاء المحللين قولهم: إن اتباع ما يُعرف بـ «سياسة التدخلات العسكرية الإنسانية.. والانخراط في حروب لتغيير أنظمة الحكم في بعض الدول، لم تؤدِ سوى لإشاعة الفوضى». 
وقال المحللون: إنه يجدر ببايدن العودة لتبني الموقف الحذر الذي اتبعه عندما كان نائباً لأوباما، وعارض من خلاله أي تدخل عسكري في ليبيا، في ضوء «أن آخر شيء تحتاج إليه الولايات المتحدة الآن، هو العودة للتورط في المستنقع الليبي، بعدما تسببت بالفعل في الكثير من المعاناة لهذا البلد». وأكد هؤلاء ضرورة أن يؤكد الرئيس الأميركي المقبل أيضاً «أنه لن يكون هناك تكرار لمثل هذه الأخطاء، سواء في ليبيا أو أي دولة أخرى».