شادي صلاح الدين (لندن)

انتقدت صحيفة «الجارديان» البريطانية، أمس، رغبة الرئيس الأميركي المنتخب، جو بايدن، في عقد «قمة للديمقراطية»، مشيرة إلى أن مثل هذه القمة قد تدفع بالسياسة الخارجية الأميركية إلى مزيدٍ من الانحدار في مسار فاشل يقسم العالم إلى معسكرات معادية، مطالبة الرئيس المنتخب بتأسيس نظام تعاون دولي غير مقسم بخط الصدع «الديمقراطي» الذي تسعى القمة إلى فرضه.
ورأت الصحيفة في مقال كتبه كل من ديفيد أدلير وستيفن ورثيم، أن الديمقراطية حالياً في حالة يرثى لها، وأنه على مدى السنوات الأربع الماضية، سخر الرئيس دونالد ترامب من قواعدها وأعرافها، مما أدى إلى تسريع انهيار المؤسسات الديمقراطية في الولايات المتحدة. ولعكس هذا الاتجاه، اقترح الرئيس المنتخب جو بايدن عقد قمة من أجل الديمقراطية كـ«فرصة لتجديد الروح والهدف المشترك لدول العالم الحر».
وأشار الكاتبان إلى أن القمة لن تنجح. واعتبرا أنه على الرغم من أنها قد تكون بمثابة منتدى مفيد لتنسيق السياسة في مجالات مثل الرقابة المالية وأمن الانتخابات، إلا أنها قد تهدد السياسة الخارجية بشكل كبير. وأنه إذا كان بايدن يفي بالتزامه بـ«مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين»، فيجب على إدارته تجنب إعادة خلق مشاكل القرن العشرين. وبالتالي فإنه فقط من خلال تقليل العداء تجاه الدول خارج «العالم الديمقراطي» يمكن للولايات المتحدة إنقاذ ديمقراطيتها وتوفير حرية أعمق لشعبها.
وأضاف المقال أن إدارة أزمات القرن الحالي لا يمكن أن تتم عبر الصراع بين الدول. وبدلاً من ذلك، يجب أن يكون هناك تعاون مشترك بينهم. ولن يتم تأمين الشعب الأميركي من خلال «نصر كامل» على الخصوم الخارجيين، ولكن من خلال الالتزام المستمر بتحسين الحياة في الولايات المتحدة، والتعاون كشريك عبر الحدود التقليدية للدبلوماسية. وتابع القول: «لا شك في أن الديمقراطية مهددة. بايدن محق في دق ناقوس الخطر، لكن إذا كان من المحتمل أن تعزز قمة الديمقراطية الحلقة المفرغة للعداء الدولي، فما الذي يضع الولايات المتحدة في قمة فاضلة لإصلاح الديمقراطية؟.
وأضاف: «كتب عضو الكونجرس الراحل جون لويس هذا الصيف: (الديمقراطية ليست دولة). (إنه فعل). يجب على إدارة بايدن أن تطبق نظرة لويس الفاصلة، ليس فقط من خلال استعادة الأعراف الديمقراطية، ولكن أيضاً وبشكل خاص من خلال تعزيز الحكم الديمقراطي. وبدلاً من التركيز على أعراض السخط الديمقراطي التي تعهد بايدن بمواجهتها، يجب على إدارته أن تهاجم أسباب ذلك، ويمكن البدء بإصلاحات سياسية واقتصادية لجعل الحكومة الديمقراطية تستجيب مرة أخرى للإرادة الشعبية».
وختم المقال بالقول، إن الولايات المتحدة نفسها تعاني مشاكل ديمقراطية، ولعل الأبرز هو رفض الرئيس ترامب الاعتراف بنتيجة الانتخابات ورأي الناخب الأميركي، واتخاذ قرارات خارجية يرفضها المواطن الأميركي نفسه. ومن خلال التعامل مع مجموعة من الدول الأجنبية على أنها تهديدات مميتة، قام قادة كلا الحزبين السياسيين بضخ الكراهية المعادية للأجانب في عروق المجتمع. لذلك سيتطلب الإصلاح الديمقراطي من إدارة بايدن إعادة تحويل السياسة الخارجية. ويجب على الولايات المتحدة أن تعيد تأسيس نظام تعاون دولي غير مقسم بخط الصدع «الديمقراطي» الذي تسعى القمة إلى فرضه. ويجب على الإدارة الجديدة إعادة الروح الديمقراطية إلى مؤسسات الحكم العالمي التي أصرت الولايات المتحدة على فرض الهيمنة عليها.