شادي صلاح الدين (لندن)

أعرب عدد من مراقبي الانتخابات عن قلقهم الشديد من إمكانية تعرض الديمقراطية الأميركية للضرر إذا انتهى السباق الانتخابي بنتيجة متقاربة كما حدث في انتخابات عام 2000 بين الجمهوري جورج دبليو بوش والديمقراطي آل جور، والتي تم حسمها لصالح الأول في المحاكم.
بعد 20 عاماً، ومع توجه الملايين إلى صناديق الاقتراع أمس، يشكل السباق الرئاسي بين الجمهوري دونالد ترامب والديمقراطي جو بايدن، أكثر الانتخابات إثارة للجدل في تاريخ الولايات المتحدة، حيث تم رفع مئات الدعاوى القضائية في ظل منافسة متقاربة، تعيد إلى الأذهان ما حدث في فلوريدا قبل عقدين، وما يمكن توقعه إذا كان على المحكمة العليا مرة أخرى أن تتدخل وتقرر من الفائز.
ونقلت هيئة الإذاعة الكندية «سي بي سي» عن النائب الديمقراطي في فلوريدا جوزيف جيلر الذي شارك في إعادة فرز الأصوات عام 2000 قوله: «أخشى على ديمقراطيتنا»، وأضاف: «عليك أن تحصي كل أوراق الاقتراع. ولكن كما نود أن نقول، في نهاية المطاف، كان الهامش هو أن آل جور خسر بفارق صوت واحد. صوت واحد في المحكمة العليا. صوت واحد حسم النتيجة».
وأراد الديمقراطيون مزيداً من الوقت لإعادة فرز جميع الأصوات. واعتبر الجمهوريون إعادة الفرز بأنها مزورة. وأصبح الأمر مشكوكاً فيه لدرجة أن المحكمة العليا اتخذت القرار النهائي بإلغاء إعادة الفرز، وتم تعيين بوش رئيساً. ويشعر البعض حالياً بالقلق من احتمال حدوث ذلك مرة أخرى في الانتخابات الحالية. وقال الباحث القانوني المحافظ كريستوفر ميتزلر: «في انتخابات 2000، كانت رؤيتي في الواقع أن المحاكم ستشارك بشكل متزايد في تحديد انتخابات الولايات المتحدة».
وتوقع ميتزلر أن ينتهي الأمر برفع قضية بين ترامب وبايدن إذا لم يكن هناك فائز واضح. وهو لا يعتقد أن هذا أمر جيد. وقال في إشارة إلى الأغلبية المحافظة الحالية للمحكمة العليا بعد تعيين إيمي كوني باريت الأسبوع الماضي: «لا أعتقد أن المحاكم يجب أن تقرر الانتخابات.. بصفتي باحثاً دستورياً، فإن هذا يقلقني كثيراً. لا يهمني ما إذا كانت محكمة جمهورية أم ديمقراطية. هذه ليست مهمة المحاكم». كما توقع ميتزلر أيضاً أن تكون بطاقات الاقتراع عبر البريد محل فوضى كبيرة هذا العام.
وتم بالفعل رفع أكثر من 400 دعوى قضائية في هذه الانتخابات الحالية. وحكمت المحاكم العليا والمحلية على دستورية بطاقات الاقتراع عبر البريد، حيث تبنت الولايات هذه الممارسة أثناء الوباء. وقال جيلر «عاجلاً أم آجلاً يتعين عليهم فرز جميع الأصوات. كيف لا يمكنهم ذلك؟ يجب عد كل الأصوات». وأكد أن عدم عد الأصوات سيقوض الديمقراطية بشكل دائم.
ووسط القلق بشأن مشاكل ما بعد الانتخابات، تعد مشاركة الأميركيين إحدى الحقائق التي تُريح البروفيسور كاثلين هيل، التي تدرس إدارة الانتخابات في جامعة أوبورن. لكن لديها تحذير يعكس مخاوف جيلر هو «ضرورة تأكد احتساب جميع الأصوات». وأضافت أن النظام الانتخابي في الولايات المتحدة، على الرغم من تعرضه للضغوط، أصبح الآن أكثر شفافية وانفتاحا مما كان عليه عام 2000، ويرجع الفضل في ذلك جزئياً إلى التكنولوجيا. وقالت «إنها تعتقد أن ثقة الناخبين عالية، وأن النظام يعمل رغم كل القلق المصاحب للعملية الانتخابية».