لم تكن زيارة سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي إلى النصب التذكاري للضحايا اليهود في أوروبا (الهولوكوست) في برلين، عادية، أو رمزية، بل كانت رسالة متعددة المعاني والدلالات سيذكرها التاريخ أجيالاً وأجيالاً.
في سلام مصر وإسرائيل (1979)، والأردن وإسرائيل (1994)، وعلى مدى عقود، لم تجتز الاتفاقات، حبر ما تتضمنه البنود إلا قليلاً، وربما نادراً، باستثناء هدفها الرئيسي المرتبط بالحدود، لكن هل تم فعلياً الانفتاح على الآخر، وتجاوز أحقاد الحروب؟
رسالة الإمارات الأولى في المعاهدة مع إسرائيل، تبدأ من هنا، من سلام ترسخه قيم التسامح والتعايش وقبول الآخر، وبعدها يمكن البناء على أي ركائز للتعاون وتحقيق الازدهار والنمو والتطور والتنمية.
6 ملايين يهودي تم اغتيالهم خلال الحكم النازي، ضحايا يستحقون التعاطف، وليس التشكيك المستمر بموتهم من جانب العديد من الدول العربية والإقليمية، رسالة الإمارات الثانية، شديدة الوضوح، في رفض جريمة لا تغتفر.
«لن يتكرر هذا أبداً».. رسالة ثالثة، وأهم، سطرها سمو الشيخ عبدالله بن زايد في سجل زوار النصب التذكاري، للتأكيد على عدم السماح بسقوط ملايين الأبرياء مرة أخرى.
الرسالة الرابعة للإمارات تخاطب المستقبل، بشجاعة القول: «لا بد من تغيير (التفكير التقليدي) لمعالجة تحديات المنطقة وتلبية احتياجات الأجيال، والتقدم نحو شرق أوسط أكثر استقراراً وتكاملاً وازدهاراً».
بين الإعلان الثلاثي في 13 أغسطس، وتوقيع المعاهدة في 15 سبتمبر، اختارت الإمارات طريقاً مختلفاً مع إسرائيل، شعاره «السلام بالأفعال»، ليس من خلال التعاون الثنائي فحسب، وإنما بتعبيد طريق السلام بين الشعوب.
لم نفرط بفلسطين، ولن نفرط، ولكن حققنا ما لم يحققه أحد، فقد نجحت الإمارات وحدها، بحكمة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في نزع فتيل خطة ضم إسرائيل لأراضي الضفة الغربية، وإنقاذ حل الدولتين.
في نصب «الهولوكوست»، نقشت الإمارات أولى الكلمات العربية، لرسالة تاريخية تعكس فكر ورقي دولة السلام والتسامح والأمل، هكذا تكون صناعة السلام، بغرس بذور السلم والثقة والاطمئنان، وطي صفحات الخوف والرعب من الآخر.
«السلام يحتاج إلى شجاعة، كما تحتاج صناعة المستقبل إلى معرفة، والنهوض بالأمم إلى إخلاص ومثابرة، وخيار غير السلام يعني دماراً وفقراً ومعاناة إنسانية».. أليس كلاماً من ذهب لحماية أحلام الشباب في الغد الآجل والعاجل؟
شكراً فارس الدبلوماسية الإماراتية سمو الشيخ عبدالله بن زايد على مد يد السلام للعبور إلى المستقبل.. «رسائل الأمل» إلى شعوب المنطقة، تعادل بريق «مسبار أمل» بلاد اللامستحيل في الطريق إلى المريخ.
* عماد مكاري
imakari@alittihad.ae