عواصم (وكالات)

أعلن المجلس الأعلى للدفاع في لبنان العاصمة بيروت «مدينة منكوبة» إثر التفجير الضخم الذي وقع في مرفأ بيروت وأسفر عن سقوط عشرات القتلى وآلاف الجرحى، متسبباً بموجة ذعر بين السكان وبدمار في كل أنحاء بيروت، فيما تضاربت الأنباء حول سبب الانفجار بين مصادر قالت إن الانفجار وقع في مخزن أسلحة تابع لميليشيات «حزب الله» وبين تصريحات رسمية أكدت أن الانفجار ناجم عن مخزن يحتوي على «نترات الأمونيوم»، فيما أعلنت الحكومة اللبنانية اليوم الأربعاء يوم حداد وطني على ضحايا الانفجار.
ورفع مجلس الدفاع الأعلى في لبنان توصية إلى الحكومة لإعلان حالة الطوارىء بعد الانفجار. وشدد الرئيس اللبناني ميشال عون خلال اجتماع المجلس الأعلى للدفاع على ضرورة التحقيق في ما حدث وتحديد المسؤوليات، سيما وأن تقارير أمنية كانت قد أشارت إلى وجود مواد قابلة للاشتعال والانفجار في العنبر المذكور. وقال عون: «كارثة كبرى حلت بلبنان، والهدف من هذا الاجتماع، اتخاذ الاجراءات القضائية والأمنية الضرورية، ومساعدة المواطنين ومعالجة الجرحى والمحافظة على الممتلكات».
بدوره، قال رئيس الحكومة حسان دياب «لن ارتاح حتى نجد المسؤول عما حصل لمحاسبته وإنزال أشد العقوبات به، لأنه من غير المقبول أن تكون شحنة من نيترات الأمونيوم تقدّر بـ 2750 طناً موجودة منذ 6 سنوات في مستودع من دون اتخاذ إجراءات وقائية معرضة سلامة المواطنين للخطر»، ودعا رئيس الحكومة إلى تشكيل لجنة تحقيق تصدر نتائجها خلال 48 ساعة وتحدد المسؤوليات. وأكد دياب ضرورة إعلان حالة الطوارئ في بيروت لمدة أسبوعين.

وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام أن حريقاً كبيراً اندلع في العنبر رقم 12 بالقرب من صوامع القمح في مرفأ بيروت في مستودع للمفرقعات. وأضافت الوكالة أن دوي انفجارات قوية ترددت أصداؤها في المكان وفي العاصمة والضواحي، فيما أشارت معلومات بأن الانفجار وقع في مخزن لسلاح «حزب الله» بمرفأ بيروت. وهرعت إلى مكان الانفجار فرق الإطفاء والدفاع المدني التي عملت على إخماد النيران وإسعاف الجرحى. وقامت قوات الأمن اللبنانية بعملية إخلاء للمتواجدين في مرفأ بيروت، خشية وقوع انفجارات جديدة. كما دفع الجيش اللبناني بتعزيزات كبيرة عقب الانفجار. وقالت وسائل إعلام محلية إن سيارات عسكرية تشارك في نقل المصابين إلى المستشفيات في بيروت.
ورصد مقطع فيديو التقط من مسافة قريبة جداً لحظة الانفجار الضخم، في حين أظهرت لقطات أخرى كيف تحولت منطقة المرفأ إلى ساحة حرب حقيقية. ويظهر في الفيديو وقوع انفجار محدود في المرفأ أولاً، استمر عدة دقائق وسط سماع دوي يشبه طلقات الرصاص، قبل أن يقع انفجار ضخم آخر غير طبيعي في ذات المكان، ثم اندفعت كتلة كبيرة من الدخان التي حجبت الرؤية. وتحطمت نوافذ المباني، فيما وقعت أضرار جسيمة في المنطقة، واهتزت معظم مناطق بيروت، والتي تبعد عشرات الكيلومترات عن مكان الانفجار.
وأقفلت القوى الأمنية كل الطرق المؤدية إلى المرفأ، ومنع الصحافيون من الاقتراب، ولم يسمح إلا لسيارات الإسعاف والدفاع المدني بالمرور. وتردّد دوي الانفجار في كل أنحاء العاصمة، وصولاً الى مناطق بعيدة عنها، كما أفاد أشخاص في جزيرة قبرص المواجهة للبنان عن سماع صوت الانفجار.

وشاهدت صحافية في وكالة «فرانس برس» عشرات الجرحى يصلون إلى مستشفى أوتيل ديو في الأشرفية في شرق بيروت، وبينهم أطفال، وكان عدد كبير منهم مغطى بالدماء من رأسه حتى أخمص قدميه. كما شاهد صحافيون في وكالة فرانس برس سيارات متوقفة ومتروكة في وسط الشارع القريب من المرفأ وقد لحقتها أضرار بالغة، كما لحقت أضرار بالغة بالمباني وتناثر الزجاج في كل مكان. وقالت امرأة في وسط العاصمة «شعرت بما يشبه هزة أرضية، ثم دوى الانفجار، شعرت بانه أقوى من انفجار العام 2005 الذي قتل رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري».
وأوعز وزير الصحة حمد حسن إلى جميع المستشفيات استقبال المصابين على نفقة الوزارة.
من جانبه، قال الصليب الأحمر اللبناني إن أكثر من 30 فرقة تستجيب لإسعاف المصابين فيما وجهت مستشفيات بيروت نداء للتبرع بالدم. وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام أن عدد الإصابات لا يحصى وأن فرق الصليب الأحمر تعمل على إسعاف المصابين ونقلهم إلى المستشفيات.
وأفادت وسائل إعلام محلية نقلاً عن مصادر طبية لبنانية، أن هناك أكثر من 73 قتيلاً و3700 جريح بينهم الكثير من الحالات خطرة. وقالت مصادر طبية إن مستشفيات بيروت تقوم بتقديم المساعدات الطبية في مواقف السيارات بعد أن امتلأت أسرتها بالجرحى. 
وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام بأن مروحيات الجيش اللبناني تشارك في إطفاء النيران التي لا تزال مشتعلة حتى الآن.

وأعلن محافظ بيروت مروان عبود «باكيا» أن بيروت منكوبة وهناك دمار كبير وما حصل غير مسبوق في لبنان، مؤكداً أن ما حدث أشبه بتفجير «هيروشيما ونجازاكي». 
وقال عبود في تصريح صحفي خلال تفقد الأضرار في مرفأ بيروت إنه فقد الاتصال بعناصر من إطفاء بيروت. 
بدوره، قال مدير عام الجمارك في لبنان، بدري ضاهر إن الانفجار ناجم عن مخزن يحتوي على «نترات الأمونيوم»، وهذه مادة قابلة للانفجار، تم احتجازها وتفريغها بمستودع خاص بالكيماويات في مرفأ بيروت. وأوضح ضاهر أن الحاوية كانت محتجزة قضائياً، بسبب خلاف قضائي بين المستورد والشركة الناقلة، وتم احتجازها لصاح دعوى خاصة، وليست عامة. 
من جانبه، قال مدير الأمن العام في لبنان، اللواء عباس إبراهيم، إن مصدر الانفجار هو حاوية تمت مصادرتها داخل مخزن بمرفأ بيروت. وشدد إبراهيم على أن الحاوية موجودة في المرفأ منذ سنوات، ولم يعط أي معلومات بشأن محتويات الحاوية أو نوع المواد التي سببت هذا الانفجار.
وذكرت وسائل الإعلام المحلية أن الأضرار شملت مقر السراي الحكومي ومطار رفيق الحريري الدولي جنوب بيروت ناهيك عن المجمعات التجارية.
إلى ذلك، نفى مسؤول إسرائيلي وجود أي علاقة لإسرائيل بالانفجار الذي هزّ مرفأ بيروت، فيما قال وزير الخارجية الإسرائيلي غابي أشكينازي إن الانفجار من المرجح أن يكون ناجماً عن حريق في المرفأ.

الحريري: الإعصار الذي أصاب بيروت يدمي القلوب
قال رئيس الحكومة اللبنانية السابق سعد الحريري في أول تصريح بعد الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت، إن الإعصار الذي أصاب بيروت يدمي القلوب والكل مدعو لنجدتها والتضامن مع أهلها. وكتب عبر تويتر: «بيروت تستغيث والإعصار الذي أصابها يدمي القلوب، الكلّ  مدعو إلى نجدتها والتضامن مع أهلنا في كل الأحياء التي تضررت، حجم الخسائر أكبر من أن يوصف، والخسارة الأكبر سقوط عشرات القتلى والجرحى، نسأل الله أن يحمي عاصمتنا وشعبنا من كل مكروه».
وفي السياق، زار رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ونجله تيمور أمس، سعد الحريري عقب الانفجار. ونشر الحريري تغريدة على «تويتر» كتب فيها: «زار رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الرئيس سعد الحريري، في بيت الوسط، يرافقه رئيس اللقاء الديمقراطي النائب تيمور جنبلاط، وذلك للاطمئنان على الرئيس الحريري بعد الحادث الأمني الذي استهدف مرفأ بيروت».

مقتل أمين عام «حزب الكتائب» وإصابة ابنة رئيس الحكومة وزوجته ومستشاريه
قتل أمين عام حزب «الكتائب اللبنانية» نزار نجاريان إثر الانفجار العنيف الذي هز مرفأ بيروت. وقالت قناة «إل بي سي» اللبنانية إن نجاريان توفي متأثرا بإصابته في رأسه داخل البيت المركزي للكتائب جراء انفجار مرفأ بيروت.
كما أفادت وسائل إعلام لبنانية، بإصابة ابنة رئيس الحكومة اللبنانية حسان دياب وزوجته ومستشارين بتفجير بيروت. وذكرت قناة الـ«بي سي»، أن «أضراراً وقعت في قصر السراي الحكومي جراء الانفجار»، مبينة أن ابنة رئيس الحكومة حسان دياب وزوجته ومستشارين أصيبوا بجروح طفيفة». وأضافت أن «الانفجار في بيروت أحدث أضراراً كبيرة في قصر بعبدا حيث تحطم زجاج الأروقة والمداخل والصالونات وتخلعت الأبواب والشبابيك في أجنحة القصر».

مرصد زلزالي: تفجير لبنان  يعادل هزة بقوة 4.5 درجة
سجل مرصد الزلازل الأردني التابع لوزارة الطاقة والثروة المعدنية الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت أمس، وذكر أن شدته ساوت طاقة زلزالية تعادل 4.5 درجة على مقياس ريختر. وقال رئيس المرصد محمود القريوتي في تصريح صحفي، إن «محطات رصد الزلزال الأردنية سجلت الانفجار الساعة 06:08 دقيقة، وأن الانفجار يعادل هزة بقوة 4.5 درجة على مقياس ريختر». ووصف القريوتي الطاقة المتحررة من التفجير، بأنها «قوية جداً».

تضرر مبنى السفارة الروسية في بيروت
أعلن مستشار السفارة الروسية في بيروت، أمس، أن مبنى السفارة تعرض لأضرار، وأصيبت موظفة في السفارة بجروح جراء الانفجار الضخم الذي ضرب مرفأ العاصمة اللبنانية. ونقلت وكالة «نوفوستي»، عن مسؤول في السفارة الروسية قوله، إن «موظفة في السفارة أصيبت بجروح طفيفة إثر تشظي زجاج النوافذ التي تحطمت جراء الانفجار». وأضاف أن «الموظفة بحالة جيدة، ولا يوجد أي خطر على حياتها».

أضرار بسفينة تابعة لليونيفيل وإصابة بعض أفراد حفظ السلام
قالت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان «اليونيفيل» في بيان أمس، إن سفينة تابعة للمهمة البحرية للقوة كانت راسية في مرفأ بيروت أصيبت بأضرار وأصيب بعض أفراد حفظ السلام، بعضهم في حالة خطيرة، جراء انفجار بيروت. وقال البيان إن القوة تنقل أفراد حفظ السلام المصابين إلى أقرب مستشفيات لتلقي العلاج. وأضاف البيان أن اليونيفيل تعكف حالياً على تقييم الوضع بما في ذلك حجم الأضرار التي لحقت بأفرادها، ومستعدة لتقديم المساعدة والدعم للحكومة اللبنانية.