أحمد عاطف وعبدالله أبوضيف (القاهرة)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن التكاتف ووحدة الصف العربي واتساق المواقف تعتبر من أقوى السبل الفعالة لدرء المخاطر الخارجية عن الوطن العربي ككل. جاء ذلك خلال استقبال السيسي، أمس، الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، حيث تم بحث مختلف جوانب العلاقات الثنائية، فضلاً عن التشاور إزاء مستجدات القضايا ذات الاهتمام المشترك على الساحة الإقليمية، خاصةً ليبيا واليمن وسوريا والعراق، حيث تم التوافق على أن مسارات الحلول السياسية هي الأساس لحل تلك القضايا. وشدد الرئيس المصري على ثوابت الموقف المصري تجاه القضية الليبية، والسعي نحو تثبيت الموقف الحالي، وتقويض التدخلات الخارجية، ومحاربة العنف والجماعات المتطرفة والإرهابية، وذلك بهدف استعادة الأمن والاستقرار في هذا البلد الشقيق، وألا تتحول ليبيا إلى قاعدة ارتكاز للإرهاب تهدد الأمن الإقليمي وأمن القارة الأفريقية.
كما أشاد الرئيس السيسي بمتانة وقوة العلاقات المصرية السعودية، وما تتميز به من خصوصية، مؤكداً حرص مصر على تطوير التعاون والتنسيق الثنائي الوثيق، لما فيه مصلحة الشعبين الشقيقين، وكذلك الأمة العربية.
من جانبه، أكد الأمير فيصل بن فرحان تطابق موقف المملكة مع الجهود المصرية الحالية لتسوية مختلف النزاعات بالمنطقة، مشدداً على تلاحم الأمن القومي المشترك لكلا البلدين، وأن مصر ستبقى دائماً الشريك المحوري للمملكة بالمنطقة.
وعقد سامح شكري، وزير الخارجية المصري، مؤتمراً صحفياً جمعه بنظيره السعودي، حيث أكدا أن الموقف المصري ساعي لتحقيق السلام والاستقرار في إطار وقف إطلاق النار، وشدد شكري على أن مصر لن تقبل بأي نوع من التعدي، أو اختراق الحدود التي تم تعيينها للدفاع عن الأمن القومي المصري.
 وأكد وزير الخارجية السعودية دعم المملكة الكامل للموقف المصري وإعلان القاهرة، وأهمية حل الوضع الليبي من خلال المشاورات السياسية، ووقف إطلاق النار واحترام مقومات الأمن القومي المصري، وإبعاد ليبيا عن التدخلات الخارجية. وأضاف «سوف نستمر في التنسيق الكثيف بين البلدين لمحاولة إيجاد فرص لمعالجة هذا التحدي»، مشيراً إلى أن هناك توافقاً كاملاً بين الرؤية المصرية والسعودية بما يدور في المنطقة وسبل معالجتها، موضحاً: «سنكون على اتصال مستمر وسوف نكون يدا واحدا لتحقيق أمن وسلام المنطقة».
من جانبهم، اعتبر خبراء ومحللون سياسيون أن الاتفاق حول قضايا الأمن القومي في المنطقة بين مصر والسعودية يعتبر من أقوى السبل الفعالة لدرء المخاطر الخارجية عن الوطن العربي ككل، وأن الحلول الخاصة بالمنطقة هي حلول سياسية قبل القوة، موضحين في تصريحات لـ «الاتحاد» أن سياسة الدولتين تهدف في الأساس للتصدي للأطماع الخارجية في مقدرات وثروات المنطقة، ومنع تسلل العناصر الإرهابية التي تهدد الأمن القومي المصري والعربي والإفريقي.
وفي هذا الإطار، قال الدكتور أحمد الركبان، المحلل السياسي السعودي، إن العلاقات المصرية والسعودية طويلة المدى، ولذلك تشترك الدولتان دائماً فى الهموم العربية والإسلامية، والاجتماع يؤكد دعم السعودية للموقف المصري في ليبيا وحماية أمنها القومي، باعتبار أن المملكة يدها وقلبها معها في كل المحن.
وأضاف أن ليبيا أصبحت مضطهدة من التدخل التركي في خطط لتحويلها لبؤرة فساد وإرهاب، ولذلك يأتي الموقف المصري والسعودي حاسماً إزاء رفض التدخل الخارجي في ليبيا، لأن ذلك عندما حدث في سوريا دمرها وتم قتل وتهجير أهلها، بل صدر الإرهابيين والمرتزقة للمنطقة، ولذلك يسعيان لعدم تكرار الموقف في ليبيا.
وأشار إلى أن الوفد الذي زار مصر كان محملاً برسالة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بأن السعودية لن تتخلى على مصر في أي موقف، ولن تقف مكتوفة الأيدي، وترى الخطر يهدد الدول العربية بسبب التدخلات الأجنبية التي تستهدف نهب ثروات النفط الليبي، مؤكدين أنه لا يمكن أن يتم ترك ليبيا بهذا العبث، وهو ما أكده السعوديون لمصر باعثين بعدة رسائل للمنطقة وللعالم.
من جانبه، أكد اللواء عبد الرافع درويش الخبير العسكري والاستراتيجي أن لقاء وزير الخارجية السعودي مع نظيره المصري، ثم الرئيس عبد الفتاح السيسي هو رسالة واضحة بوحدة الصف العربي في وجه الأطماع التركية في المنطقة العربية، خاصة فيما يخص القضية الليبية، والتي تتصدر فيها مصر الصف العربي في اتخاذ كافة الخطوات، ومنها العسكرية بعد حصول الرئيس عبد الفتاح السيسي على تفويض من مجلس النواب بإرسال قوة عسكرية لأداء مهمة قتالية خارج البلاد.
وأضاف أن اللقاء الذي جمع المسؤولين المصريين والسعوديين في القاهرة كان بالتزامن مع تفقد رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية قوات قتالية للجيش المصري، ومدى استعدادهم، وهي رسائل واضحة وصريحة بحجم الاستعدادات المصرية لأداء أي مهام من قبل القيادة السياسية، في الوقت نفسه تعبر المملكة العربية السعودية كدولة كبرى عربياً وإقليمياً بدعمها الكامل للخطوات كافة التي من الممكن أن تقوم بها مصر.
وأشار خالد المجرشي المحلل السياسي السعودي إلى أن التأكيد السعودي المصري على مستوى وزراء الخارجية يؤكد ما سبقه من تأكيد على المستوى الأعلى، حيث أكدت القيادة السعودية والمصرية ضرورة حماية الأمن القومي العربي، مشدداً على ضرورة التصدي للمخاطر التي تواجه المنطقة العربية ليست بالجديدة، خاصة أن التنسيق بين السعودية ومصر هو على أعلى المستويات في ملفات المنطقة كافة. 
وأضاف المجرشي لـ«الاتحاد» أنه فيما يتعلق بليبيا، فإن مصر والسعودية على دراية بكافة التفاصيل التي يسعى لها اردوغان، حيث سعى الأخير إلى دعم سيناريو التقسيم في ليبيا ولم يفلح، إلا أنه وجد في السراج الحليف الذي يساعده على تنفيذ مخططه والاستيلاء على الغاز والنفط الليبي.