خولة علي (أبوظبي) في عالم تتسارع فيه التكنولوجيا وتتغير فيه معايير الصناعة، تبرز قصصاً ملهمة لشباب استثنائيين نجحوا في بناء مسيرتهم من الشغف إلى الاحتراف. أحمد سعيد الشامسي، شاب إماراتي استطاع أن يشق طريقه بخطى ثابتة في مجال صيانة السيارات.
بدأ شغفه منذ طفولته، مدفوعاً بفضولٍ فطري لفهم آلية عمل الآلات وأسرارها، ولاسيما السيارات التي كانت تأسر خياله. لم يكن شغف أحمد نتيجة مصادفة، وإنما من تجارب الطفولة العميقة، حيث كان يشاهد والده ينجز أعمال الصيانة بمهارة، ما زرع في نفسه حب الابتكار والرغبة في تعلم فنون الصيانة باحترافية. لا تمر قطعة من بين أنامل أحمد سعيد الشامسي إلا وتنال نصيباً من تجاربه التي تكللت بالنجاح، ويقول: دائماً ما تكون البداية بسيطة، لكنها محورية في مسيرتي، حيث انطلقت من تفكيك الأجهزة المنزلية وإعادة تركيبها، محاولاً فهم آلية عملها، حيث أشعلت بداخلي شغفاً حقيقياً مهد لي الطريق لاستكشاف عالم السيارات لاحقاً. أتذكر حين ساعدت صديقاً في إصلاح سيارة قديمة، وكانت لحظة فارقة، حيث أدركت أن هذا المجال هو ما أطمح للتعمق فيه. ويعزو الشامسي بدايات شغفه واهتمامه بهذا المجال إلى تلك اللحظات التي شاهد فيها والده يتعامل مع الأعطال بتفانٍ ومهارة، مما جعله يدرك أهمية هذه المهارة.

وعن التحديات يقول الشامسي: في بداية مشواري، كانت هناك العديد من الصعوبات، بدءاً من نقص الأدوات الضرورية، إلى صعوبة تشخيص الأعطال المعقدة، والتي كانت تتطلب وقتاً وجهداً لفهمها وتحليلها. ومن كل تجربة كنت اكتسب معرفة جديدة تعزز مهاراتي وتضيف لرصيدي المهني. وكثيرا ما يلجأ أحمد لحل التعقيدات وتحليل المشكلة بشكل عميق قبل البحث عن الحلول عبر الإنترنت أو استشارة الخبراء.

 

ويفضل تفكيك الأجزاء المتضررة وتحليلها خطوة بخطوة للوصول إلى حل نهائي، مما يعزز من قدراته التحليلية. شغفه بعالم صيانة السيارات دفعه إلى تأسيس ورشته في المنزل، ليتمكن من تطوير مهاراته في هذا المجال، وتضمنت الورشة مجموعة من الأدوات الأساسية مثل مفاتيح الربط، المفكات، الرافعات الصغيرة، وجهاز الفحص الإلكتروني. ومع مرور الوقت، أضاف بعض الأدوات المتخصصة لإصلاح أنظمة التبريد والكهرباء، مما ساعده على مواجهة التحديات التقنية المختلفة التي تعترضه في مجال الصيانة. وعن الوسائل التقنية الحديثة وأهميتها في صيانة وتصليح الأجهزة يؤكد الشامسي أن التكنولوجيا الحديثة أحدثت نقلة نوعية في مجال صيانة السيارات، حيث ساهمت في تسريع عمليات التشخيص والإصلاح وزيادة دقتها. وقد حرص الشامسي على الاستعانة بالتكنولوجيا من خلال أجهزة الفحص الإلكترونية التي تساعده على تحديد الأعطال بسرعة وكفاءة، مما يتيح له تحسين جودة الخدمة التي يقدمها.
ويؤمن الشامسي بأهمية دخول الشباب إلى القطاع الصناعي، حيث يعتبر أن هذا المجال يمثل ركيزة أساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. ويسهم في إيجاد فرص عمل جديدة وتعزيز الاقتصاد الوطني. ولاحظ الشامسي مؤخرا توجه الشباب نحو الصناعات الحديثة، مثل السيارات الكهربائية والتكنولوجيا الخضراء، لافتاً إلى أن هذا التوجه يفتح آفاقاً جديدة أمام الشباب، لاسيما أولئك الذين لديهم شغف بالتكنولوجيا والابتكار، مما يساهم في تعزيز جيل جديد من المحترفين في هذا المجال. الطموح لا يتوقف عند الشامسي فهو يسعى إلى إنشاء ورشة متكاملة تركز على السيارات الكهربائية والأنظمة الحديثة، وأن تكون هذه الورشة مركزاً لتدريب وتوجيه الشباب، حتى يصبحوا مهنيين محترفين ومتميزين في مجال الصيانة.