"القمر الثاني" للأرض لن يبقى في السماء خلال عيد الشكر، لكنه، تماماً كما هو الحال مع الكثير منا يوم الخميس (28 نوفمبر)، يبدو أن الكويكب كان في زيارة لأقاربه.
أظهرت تحليلات للكويكب 2024 PT5، الذي سيغادر الأرض يوم الاثنين (25 نوفمبر)، خلال فترة تواجده بالقرب من كوكبنا، أنه قد يكون قد نشأ من مادة تم قذفها من قمرنا الحقيقي بعد إحدى الاصطدامات القديمة التي تركت سطح القمر مليئاً بالفوهات والتشققات.
النظرية الرائدة حول تشكيل القمر، والمعروفة بـ "فرضية الاصطدام العملاق"، تشير إلى أن رفيق الأرض القمري وُلد بعد تصادم ضخم منذ حوالي 4 مليارات سنة، مما أدى إلى انبعاث مادة منصهرة من الأرض التي تجمدت وكونت القمر. وهذا يعني أن الأرض هي على الأرجح "جدة" هذا "القمر الثاني" أو "القمر الصغير".
قال كارلوس دي لا فوينتي ماركوس، المؤلف الرئيسي لاكتشاف الكويكب وأستاذ في جامعة كومبلوتنسه في مدريد، لموقع Space.com: "هناك عدة أدلة تشير إلى أن هذا الكويكب قد يكون له أصل قمري". وأضاف: "البحث الحالي يدعم فرضية دورانه السريع، حيث يتوقع أن تكون فترة دورانه أقل من ساعة، وهو ما يتناسب إذا كان 2024 PT5 إما صخرة كبيرة من سطح القمر أو شظية من جسم أكبر".

اقرأ أيضاً.. العلماء يدرسون القمر كمستودع بيولوجي

يشير الطيف الكيميائي للكويكب "القمر الصغير" إلى أن تكوينه الكيميائي يتناسب بشكل كبير مع المادة القمرية التي جلبتها بعثات لونا الروسية وبعثات أبولو التابعة لناسا إلى الأرض، مما يعزز فرضية أصله القمري.

كيف أسرت الأرض القمر الصغير؟
ينشأ الكويكب "القمر الصغير" من حزام الكويكبات أرجونيا، وهو حزام كويكبات ثانوي يتكون من صخور فضائية تدور في مدار حول الشمس مشابه جدًا لمدار الأرض، حيث يتواجد على مسافة متوسطة تقدر بحوالي 93 مليون ميل (150 مليون كيلومتر) من الشمس.

وأوضح ماركوس: "بعض الأجسام في حزام الكويكبات أرجونيا يمكن أن تقترب من الأرض على مسافة قريبة تبلغ حوالي 2.8 مليون ميل (4.5 مليون كيلومتر) وبسرعة منخفضة نسبياً تقل عن 2200 ميل في الساعة (3540 كم في الساعة). الكويكب 2024 PT5 لن يصف مداراً كاملاً حول الأرض. يمكنك القول إنه إذا كان القمر الصناعي الحقيقي مثل الزبون الذي يشتري بضائع داخل المتجر، فإن الأجسام مثل 2024 PT5 هي مجرد ناظرين من النافذة".

اقرأ أيضاً.. لماذا يعتبر إرسال الساعات إلى القمر ضرورة ملحة الآن؟

تنقسم أحداث "القمر الصغير" إلى فئتين: الأولى هي الأحداث التي تستمر لفترات طويلة، حيث يكمل الكويكب مدارًا كاملاً أو أكثر حول كوكبنا على مدار سنة أو أكثر. أما الفئة الثانية فهي الارتباطات القصيرة التي لا يكمل فيها الكويكب دورة كاملة، وهذه الارتباطات المؤقتة تستمر لعدة أيام أو أسابيع أو حتى أشهر قليلة.
قال ماركوس إنه لكي يصبح الكويكب "قمرًا صغيرًا"، يجب أن يقترب من الأرض ضمن نطاق حوالي 2.8 مليون ميل (4.5 مليون كيلومتر) وبسرعة تبلغ حوالي 2200 ميل في الساعة (3540 كم في الساعة)، وهي سرعة بطيئة نسبياً.

تم استيفاء هذه الشروط من قبل الكويكب 2024 PT5 في الساعة 3:54 بتوقيت شرق الولايات المتحدة (1954 بالتوقيت العالمي المنسق) في 29 سبتمبر 2024، مما أشار إلى بداية احتجازه القصير. سينتهي هذا الارتباط في الساعة 11:43 بتوقيت شرق الولايات المتحدة (1543 بالتوقيت العالمي المنسق) في 25 نوفمبر، عندما تؤدي الاضطرابات الناجمة عن جاذبية الشمس إلى تعطيل مداره.
عند مغادرته الأرض، سيعود الكويكب إلى عائلته بالتبني في حزام الكويكبات أرجونيا.
وأضاف ماركوس أنه، بفضل القياسات الفلكية الواسعة التي تم الحصول عليها من مرصد تيدي، تم تحسين تحديد مدار الكويكب 2024 PT5 بشكل كبير. وهذا يعني أنه أصبح الآن معروفًا بما فيه الكفاية لدراسة هذا الجسم باستخدام الرادار عندما يقترب مرة أخرى من الأرض في 9 يناير 2025.
لكن هذا ليس كل ما اكتشفه العلماء عن هذا "القمر الصغير" حتى الآن. كما تم مناقشته، أشارت عدة دراسات إلى أنه، قبل انضمامه إلى حزام الكويكبات أرجونياً، كان 2024 PT5 "طفلًا" للقمر، تم تكوينه عندما اصطدم كويكب بالقمر وتسبب في قذف مادة من سطحه. وقد تشير هذه الاكتشافات أيضًا إلى أن أجسامًا أخرى في حزام الكويكبات أرجونيا قد تكون قد نشأت من القمر.

اقرأ أيضاً.. علماء ينتجون الماء من تربة القمر

وقال ماركوس: "في سيناريو تكوين المواد المقذوفة من القمر، قد يكون 2024 PT5 صخرة كبيرة من سطح القمر تم قذفها إلى الفضاء ما بين الأرض والقمر بعد حدث اصطدام، ومن ثم تطورت ديناميكياً نحو مدار ضمن حزام الكويكبات أرجونيا". وأضاف: "لقد ساعد هذا الجسم المجتمع العلمي في إدراك أن المواد المقذوفة من القمر هي على الأرجح المصدر الرئيسي للمادة التي تشكل حزام الكويكبات أرجونيا".

وختم ماركوس قائلاً: "لن أشعر بالحزن حقًا لرؤية الكويكب 2024 PT5 يغادر؛ فالقمر الصغير يأتي ويغادر كما يشاء. أنا فقط أنتظر القادم". وأضاف: "لن يكون الانتظار طويلاً؛ من المحتمل أن يحدث الارتباط التالي خلال الأشهر القليلة القادمة. فالمسح المستمر للأجسام القريبة من الأرض أصبح الآن حساساً بما يكفي لالتقاط هذه الأجسام بانتظام".
الجدير بالذكر أن ماركوس هو أحد مؤلفي ورقة بحثية جديدة عن 2024 PT5 وخصائصه، والتي تم قبولها للنشر في مجلة الفلك والفيزياء الفلكية (Astronomy & Astrophysics) ومتوفرة على مستودع الأبحاث المبدئي
 arXiv.