لكبيرة التونسي (أبوظبي)
يتطلب الاهتمام بالطفل الموهوب والمبدع، رعاية خاصة وجهداً مضاعفاً ووعياً من أولياء الأمور، فهو أمل المستقبل، ضمن عصر التقنيات والاختراعات. فكيف يمكن التعامل معه وتنظيم وقته ودعمه ليحقق التفوق؟ وكيف يمكن مساعدته على تحقيق التوازن للاستمتاع بطفولته؟ وما المجهود الذي يجب أن يبذله الوالدان لتنمية قدراته؟
ويرى أولياء الأمور أن رعاية طفل موهوب تتطلب الكثير من العمل والتنسيق والجهد والتضحية والوعي، ويرى خبراء وتربويون أن للموهوب صفات تميزه عن سواه من الأطفال من عمره، ويؤكدون على دور الأهل وأهمية التواصل مع المدرسة والمراكز المتخصصة للتعريف بقدرات الموهوب واختيار المجال المناسب لإثراء تجربته وتشجيعه.
رعاية خاصة
قال وليد محمد المرزوقي والد الطفلين الموهوبين في عزف الموسيقى والرسم راشد وخليفة، إن البداية كانت بإبعادهما عن الألعاب الإلكترونية وتقريبهما من الفنون الإبداعية، موضحاً أنه نقل لهما شغفه بالعزف على آلات متعددة، مما جعله يكتشف حب راشد للموسيقى.
وقال: كان لدي شغف بالعزف على البيانو ونشأ راشد ضمن هذه البيئة، تعلم النشيد الوطني وألحقته بمعهد متخصص، واليوم يقدم معزوفات إماراتية وعربية وغربية، يستثمر موهبته السمعية، يطور من المعزوفة التي يقدمها، ويضيف عليها من مشاعره الخاصة.
وذكر المرزوقي، أن دعم طفل موهوب من أصحاب الهمم يستدعي بذل المزيد من الجهد، حيث إن، ابنه خليفة يعاني من صعوبات في التعلم، حيث أشار: كان خليفة في البداية يميل إلى عزف الموسيقى، كما يحب إعادة تدوير الأشياء والتركيب، واستقر على الرسم، ولصقل مهاراته التحق بمعهد متخصص في الرسم، وبات يشارك في المعارض ويستعرض موهبته في مختلف الفعاليات إلى جانب أخيه راشد.
مواكبة
وأوردت وسمية راشد والدة الطفل الموهوب مصلح العرياني الذي يحب الزراعة، ويقدم ورشاً تراثية لزملائه أنها تحاول دعم ابنها وتعزيز مهاراته، وأن ذلك يتطلب الكثير من الجهد والصبر، لافتة إلى أنه من غير السهل مواكبة أفكار وإبداعات الطفل متعدد المواهب، مما يتطلب الكثير من الصبر، كما أن توفر المراكز المتخصصة لاحتواء أفكار الأطفال ومواهبهم المتعددة، يدعم الموهوبين وينمي إبداعاتهم.
عهود عبدالله سالم المخمري والدة الطفلة الموهوبة هداية صالح، أصغر حكواتي معتمد من هيئة الشارقة للتعليم الخاص، وحاصلة على لقب أصغر صانعة محتوى ضمن «قمة المليار متابع»، أشارت إلى أن رعاية الطفل الموهوب تتطلب الكثير من الجهد والتخطيط منذ الصغر، وتؤمن أن التنظيم من أهم مفاتيح النجاح، موضحة أنها تعمل إلى جانب زوجها على رعاية مواهب أبنائها هداية وعبدالله وعلي.
وأضافت: أحرص على أن يناموا على سرد الحكايات، كما عودتهم على زيارة معارض الكتب. وبالنسبة لهداية فإنها كانت تشارك في المناسبات الوطنية، وفي مسابقات القرآن الكريم، ومسابقات في اللغة العربية، وهكذا طورت من مهاراتها والتحقت بمراكز الأطفال الخاصة بتنمية المواهب.
وقالت: كأم أحضر ورشاً تعليمية لاكتساب مهارات إضافية، ومواكبة أساليب التعليم المبتكرة، وأتعامل مع كل طفل حسب قدراته ونمط شخصيته. كما أن دور الأب مهم جداً في الدعم، حيث نحرص على حضور المحافل الخاصة بالطفل معاً.
مهارات
عن مميزات الطفل الموهوب، أكدت ميثاء العامري رئيس قسم تثقيف الأسرة في مؤسسة التنمية الأسرية أن الطفل الموهوب يعتبر من الأفراد الذين يظهرون قدرات عالية في مجال معين، سواء كانت مهارات اجتماعية، أكاديمية، رياضية أو فنية، وقد تكون هذه الموهبة واضحة في مرحلة مبكرة من حياتهم، وتظهر في سلوكياتهم واهتماماتهم بشكل واضح.
ومن أبرز سمات الطفل الموهوب: الذكاء العالي، حيث يمتلك قدرة على التفكير النقدي وحل المشكلات، الفضول، ويظهر رغبة قوية في استكشاف ومعرفة المزيد عن العالم من حوله، الإبداع، حيث يستطيع التعبير عن أفكاره بطرق فريدة، «الحماس» حيث يظهر شغفاً واضحاً تجاه موضوعات معينة، «التعلم السريع» إذ يتعلم المهارات بسرعة مقارنة بأقرانه ويستطيع فهم المفاهيم المعقدة بسهولة، «التفكير النقدي» حيث يمتلك القدرة على تحليل المعلومات وطرح الأسئلة، «الشغف بالتفاصيل» قد يكون لديه تركيز عالٍ على تفاصيل معينة، مما يساعده على إتقان المهارات.
دعم
عن أساليب دعم الطفل الموهوب أشارت نورة مجاهد مسؤول خدمة تنمية مهارات الوالدية الفاعلة أن رحلة دعم الطفل الموهوب تبدأ من الأسرة لتحقيق إمكانياته الكاملة، من خلال فهم احتياجاته وتوفير البيئة المناسبة، في توجيهه نحو النجاح والتميز. ويكون ذلك من خلال استراتيجية داعمة تتمثل في توفير بيئة منزلية ملائمة تشجع على الإبداع والاستكشاف، من خلال توفير الموارد والأدوات. كما أن التشجيع على التعلم الذاتي يكون بدعم الطفل في البحث عن معلومات جديدة حول مجاله المفضل، وتحديد الأهداف ومساعدته على وضع أهداف واضحة وممكنة لتحقيقها، والتشجيع على المشاركة في الأنشطة وورش العمل والمسابقات والفعاليات الثقافية لتعزيز مهاراته، وإجراء حوارات مفتوحة مع الطفل حول اهتماماته وأفكاره، مما يعزز ثقته بنفسه. ومن المهم التأكد من أن الطفل يحصل على وقت للعب والاسترخاء، بالإضافة إلى وقت الدراسة والتدريب، كما يجب على الوالدين أن يكونوا قدوة حسنة لأطفالهم الموهوبين، من خلال إظهار الشغف بالتعلم والمثابرة.
وذكرت د. راما كنج اختصاصية علم نفس تربوي، أن التعامل مع الطفل الموهوب يتطلب الكثير من الحكمة والصبر والوعي، ومن أهم الخطوات مصادقته ومرافقته واللعب معه في الهواء الطلق، وزيارة المتاحف والمكتبات والمعارض والأماكن التعليمية.
وأوضحت، أن الوقت غير المنظم في الهواء الطلق له العديد من الفوائد للأطفال، إذ يقلل من القلق والاكتئاب ويزيد من التعاون والمرونة واللياقة البدنية، والمشاركة في القراءة. كما أن الاهتمام الفردي الذي يقدمه الآباء لأبنائهم يساعدهم على تطوير لغاتهم، وتنمية مهاراتهم الاجتماعية وممارستها، وتشجيعهم للتعرف على مواهب وقدرات الآخرين وتقديرها.