يليق بك أن تكون إنساناً متوازناً، سوياً قادراً على استيعاب ذاتك، وقراءة داخلك، وضبط انفعالاتك، يليق بك أن تكون قدوة لغيرك، تحمل مشعل الأدب والسنع واللياقة واللباقة والوعي والفهم، تكون قادراً على احتمال تحولاتك لتكون مستعداً لتحمل تحولات الآخرين، فالحياة لا تأتي كما تود أن تراها، أو تتمناها، هناك الكثير من العثرات، كما هناك المزيج من القفزات نحو الفرح والسعادة.
يليق بك أن تنزوي بعيداً عن الضجيج، أن تكتبك، أن تتعامل معك بعيداً عن مؤثرات خارجية قد تسبب لك صداعاً، أو تُخرجك من عالمك الذي تحب، ذاك الذي حين تدخل إليه لا تود الخروج منه إلا بإنجازك، بإبداعك، ليس شرطاً أن تكون أديباً شاعراً أو قاصاً أو رساماً لتتخذ صفة المبدع، فكلنا مبدع في مجاله، فالطاهي الذي يعد لك الطعام هو أحد أهم المبدعين الذين يشاركونك الحياة، ويقدمون لك ما لذ وطاب من الطعام الذي تشهق فرحاً حينما يحقق ما توقعته من «طزاجة» ولذة كما يقولون.
ونحن حينما يليق بنا كل ذلك، فعلينا كلٌ في مكانه أن يتخذ موقع الصدارة فيما يقدم، ويبتكر، ويفعل، في سلوكه اليومي الاعتيادي، وفي تواصله مع الآخرين، وليس معنى أن تشارك في حوار وأنت غير معروف أو مرئيٍ لشريكك في الحوار أن تتطاول، أو تتجاوز حدود الحديث، أو تخرج عن النص؛ لأن الذي يليق بك حينها وأنت تتحدث أن ترى ذاتك لتخاطب الذوات الأخرى من حولك، فالذي لا يليق بك، لا يليق بالآخرين كذلك.
يليق بك حينما تتدحرج الفكرة أن تهرع إلى التقاطها واقتناصها والاحتفاء بها، لا تدعها تفرّ من بين أصابع وعيك، ومفاتيح معرفتك، اذهب إليها بكامل أناقتك اللغوية التي تليق بالكلمة وبالبوح والأفكار الوهّاجة، فكم من فكرة أخذتها الدقائق بعيداً لأنك لم تكن لائقاً ومستعداً لاحتضانها، فهي ما جاءتك إلا بشوق إليك، تكسر من أجلها قيود الوقت لتتعامل معها بكل محبة ومهابة، الفكرة هي أنت، وعليك أن تكون جديراً بها.
من البهيِّ الذي يليق بك ويمكن أن يُثلج صدرك، ويحقق لك المتعة والفرح والسعادة التي تتمناها أن تكون فخماً في حضورك، حنوناً، رقيقاً، لديك القدرة على الاحتواء، أن تحتوي أسرتك، أصدقاءك، زملاءك، كل مهنة تعبر عند بوابتها، وتعيش في داخلها تضعك أمام وجوه متعددة، من اللائق بك أن تكون جديراً بمحبة كل أولئك وعلى رأسهم الأسرة، فخذ بقلبك نحوهم لتكون جديراً بهم.