السفر، تلك الكلمة التي تحمل بين طياتها أحلاماً عريضة وتطلعات بلا حدود، قد تتحول لدى البعض إلى ما يشبه الإدمان، أو ما يُعرف بـ «داء السفر»، هذه الحالة التي قد تبدو مثيرة للإعجاب على السطح، تخفي وراءها تحديات ومخاطر قد تؤثر على الصحة النفسية والمادية للفرد.. في هذا المقال، نستكشف معاً أبعاد هذا الإدمان، بين الفوائد العظيمة والمضار المحتملة.
إدمان السفر ليس مجرد شغف أو حب للاستكشاف، بل هو حاجة ماسة ومستمرة للسفر بشكل مفرط ودون توقف، بحيث يصبح الشخص مهووساً بفكرة الرحيل دون التمتع بالأماكن التي يزورها، هذا النوع من الإدمان يمكن أن يؤدي إلى تجاهل الفرد لواجباته الأساسية، أو حتى إلى إنفاق أمواله بطريقة غير مسؤولة.
للسفر فوائد جمّة، فهو يوسع الآفاق ويفتح العقول، ويغني النفس بثقافات وحضارات جديدة، هو بمثابة العلاج الطبيعي الذي يمكن أن يخفف من الضغط النفسي والتوتر العصبي، ويجدد النشاط ويقدم فرصة للهروب من روتين الحياة اليومية الممل، كما أن التعرض لثقافات جديدة ولغات مختلفة يحفز الذكاء ويقوي الذاكرة وينمي القدرات العقلية.
على الرغم من هذه الفوائد، فإن الإفراط في السفر قد يأتي بنتائج عكسية، أول هذه المضار هو الإرهاق الجسدي والنفسي الناتج عن التنقل المستمر، حيث يمكن لهذا الإرهاق أن يؤدي إلى مشاكل صحية مزمنة مثل القلق والاكتئاب، كما أن الإنفاق المفرط في السفر قد يؤدي إلى مشاكل مالية جسيمة يصعب تداركها.
إدمان السفر قد يكون له تأثيرات سلبية على العلاقات الشخصية أيضاً، فالغياب المستمر عن الأهل والأصدقاء يمكن أن يضعف هذه العلاقات ويسبب مشاكل عاطفية عميقة، ليصبح الأفراد المدمنون على السفر أحياناً منعزلين وغير قادرين على تطوير أو الحفاظ على علاقات طويلة الأمد.
من المهم التعرف على علامات إدمان السفر وأخذ الخطوات اللازمة لمعالجته، يمكن للأشخاص المتأثرين أن يبحثوا عن الدعم النفسي لفهم دوافع هذا السلوك وطرق التحكم به، مع ضرورة إنشاء ميزانية سفر واضحة ومحددة، والالتزام بجدول زمني متوازن قد يساعد في تجنب المشاكل المالية والصحية.
في النهاية، السفر بحد ذاته ليس مشكلة، بل الإفراط فيه هو ما يؤدي إلى التعقيدات، مثلما في كل جوانب الحياة، فالاعتدال هو مفتاح الاستمتاع بالفوائد دون التعرض للمخاطر. 
إدمان السفر، مثل أي إدمان آخر، يحتاج إلى فهم ومعالجة لضمان عدم تحول الشغف إلى هوس يستنزف الجسد والروح.