لكبيرة التونسي (أبوظبي)
القراءة تحفز على الخيال والإبداع، تزيد الأفق اتساعاً، تسهم في تحسين مهارات التفكير النقدي والتحليلي، ترفع قدرات الأفراد الفكرية، وتساعد على ابتكارات جديدة، وتمكّن القارئ من فهم الواقع والمعلومات وتحليلهما بشكل أعمق، وتزيد مفرداته وتحسن مهارات التواصل لديه، مما يساهم في تعزيز ذكائه اللغوي وقدرته على التعبير بشكل أفضل.
وأكد نخبة من القراء والكتاب والرسامين والشعراء أن القراءة أسهمت في تكوين وعيهم المعرفي وتنمية الابتكار لديهم وتطوير مهاراتهم الفكرية، وتكوين شخصيتهم كما نمَّت قدرتهم على التنبؤ وإبداء الرأي السليم، موضحين أن القراءة تلعب دوراً حاسماً في تحسين الذكاء وتطوير الإبداع واتساع المعرفة لديهم، فمن خلالها يكتشفون عوالم جديدة ويكتسبون معلومات متنوعة في مجالات عدة، مما يسهم في اكتشاف العالم من حولهم.
نور العقل
قالت وفاء الشامسي، معلمة لغة عربية لطالبات الثانوية العامة، وصاحبة صفحة على «انستجرام» تشجع عبرها على القراءة: إنّ القراءة مفتاح للإبداع والابتكار، فالكتب الجيّدة تفتّش عن قرّاء يتعمقوّن في عوالمها، ويتنقّلون بين أفكارها الثرية، بحثاً عن الأمل والضوء الذي ينير العقول، وأضافت «القراءة تنمّي الخيال والإبداع، وأنا أشجّع الجميع على القراءة لأنّني مدركة أنّ وراء كلّ كتاب فكرة ووراء كلّ فكرة خطوات إلى الأمام، فالكتب هي التي ترشد إلى النور الذي يصنع الأمم والحضارات، وبوابة لإدراك ما حولك، لتكون إنساناً أكثر وعياً، فلم تعد القراءة من كماليات الحياة فهي من لوازمها، ولا يحقّ لإنسان أن يربّي أولاده دون أن يحيطهم بالكتب، ففي اعتقادي أنّ أعظم هدية من الممكن أن يحظى بها الإنسان هي الشغف بالقراءة، فالكتب شمعة نحملها معنا أينما ذهبنا لتنير دروبنا».
تحديات
بدورها، ترى مروة كوكاش، صاحبة دار نشر، أن هناك تحديات تواجه تعزيز القراءة لدى هذا الجيل، ومنها غزو وسائل التواصل الاجتماعي، مما دفعها إلى تعزيز القراءة لدى الأجيال عبر العديد من الوسائط، ومنها مجموعات عبارة عن بطاقات، وألعاب تحفيزية ومسابقات، بحيث أن كل علبة تتضمن 50 سؤالاً وجواباً، وكل سؤال يتضمن احتمالات ومعلومة عن الجواب، منها أيضاً مجموعة «العبقري الصغير» المنوعة وتتضمن مجالات عدة من فنون ورياضة وعلوم ورياضيات، مؤكدة أنها تستهدف جميع الفئات العمرية من 4 إلى 18 سنة.
وأضافت: «بهذه الوسائط نواجه التحديات التي تعرقل القراءة، كما نشجع على الإبداع والابتكار عبر ألعاب الذكاء، بحيث يقرأ الطفل بشكل بسيط ومفيد، وفي نفس الوقت نمده بالمعرفة، كما أنها تحفز اللعب والمشاركة مع الأهل، وهي وسيلة تعليمية تضاف للكتب، وهذه الوسائط قد تشجع وتحفز على الإبداع.
كتب متخصصة
وأشار محمد الحلبي، مهندس معماري يروِّج لكتب أجنبية مستوردة في الهندسة المعمارية والفن والموضة والتصوير، إلى أنه يحرص على توفير كتب متخصصة وعميقة وجلبها للوطن العربي كتغذية بصرية ومعلومات جديدة عن هذه المجالات، موضحاً أن الفرد عندما يقرأ في الكتاب المتخصص لمدة طويلة تترسخ لديه معلومات وميول بهذا الحقل العلمي، ومنها يأخذ أفكاراً وتغذية بصرية وتدفعه للبحث أكثر، ولأن هناك صعوبة في توفير الكتب الاختصاصية، نوفر معلومات عن الطاقة المتجددة والعمارة المستدامة، وهذه المعلومات ترفد القارئ بمعلومات دقيقة، ورغم إمكانية الحصول على هذه المعلومات عبر شبكة الإنترنت، إلا أن الكتاب يوفر معلومات أعمق، ويمكّن المبدع من تطوير مداركه واستخلاص الأفكار المتجددة.
الطريق إلى الإبداع
لا شك أن الكتاب هو الصديق الوفي ورفيق الوحدة الذي لا يبخل بالمعلومات، هكذا أشارت الشاعرة ميرة القاسم، التي تنظم القصيد وتمارس الرسم، إلى أنها كانت تقرأ كثيراً وفي يوم ما وجدت نفسها في عزلة بسبب جائحة «كورونا»، فوظفت العزلة في ابتكار أشكال وأنواع من اللوحات والأعمال الفنية، وقالت: «القراءة سبقت عندي الشعر والكتابة والألوان، وخلال العزلة كنت أبحث عن متنفس، فاكتشفت أن القراءة والكتابة تختزنان لدي موهبة وقدرة على الرسم، فبدأت بالرسم مع أولادي وزوجي لأستكشف عوالم جديدة بداخلي، رسمت على فواصل الكتب وبدأت لوحاتي تتسع وتتنوع، حيث دخلت عدة دورات لاكتشاف عالم الفن التشكيلي، وبدأت في رسم «وجوه في الذاكرة»، وأغلب لوحاتي تركز على العيون الناطقة، وكل لوحة رسمتها أوحت لي بكتابة قصة قصيرة أو رواية، فالقراءة هي مخزون يمكن توظيفه في الإبداع بمجال الكتابة والرسم والابتكار.
لغة مشتركة
الكلمة لغة مشتركة بين الشعوب وجسر تواصل مع مختلف الأجناس والأطياف، هكذا قال الكوري «كيم تي جيو»، الذي يطلق على نفسه اسم «هارون»، موضحاً: «عندما جئت إلى الإمارات كنت أفكر في حضور بعض المعارض، وأعود من حيث أتيت، ولكني اكتشفت ثقافة وعادات وتقاليد جديدة عليّ، فبدأت أقرأ وأثقف نفسي وفكرت في البقاء والكتابة عن هذا البلد المضياف، وبذلك فإن القراءة، إلى جانب تجربتي بوطن التسامح، دفعتاني للإبداع والتفكير في الكتابة لأساهم ولو بقدر بسيط في تغيير نظرة الغرب عن العرب.
خارج الصندوق
عن أهمية القراءة ودورها في الإبداع، قال الكاتب محسن سليمان: «القراءة تفتح جميع المجالات الفكرية من اجتماعية وأسرية وتاريخية، وتنمي الذائقة الروحية وترتحل بك إلى عوالم مختلفة، حسبما قال أحد الفلاسفة: «من يقرأ يطوف بلاداً بعيدةً، ومن لا يقرأ يبق حبيس منطقته»، لذلك القراءة تفتح آفاق الإدراك وتعرفك على ثقافة وعادات شعوب وتفتح اللغات الشعرية، وكلما تعمق الفرد في القراءة أصبح مخزونه الثقافي واللغوي والمعرفي غنياً، ما يعينه على مجابهة التحديات واستكشاف قدرته على التعامل مع الناس، ومن ثم ينعكس عليه وينسحب على الابتكار والقدرة على التخيل، وفي مجال التخصص يجب أن يغذي ويستزيد ويقرأ في مجال تخصصه لينمي معارفه»، موضحاً: «القراءة تجعل المرء أكثر فهماً وعمقاً وتصقل القدرات الإبداعية، والقدرة على ابتكار الحلول المتجدّدة لمشاكله، والتفكير خارج الصندوق، وتمكنه من اختيار ما يناسبه من قرارات قد تكون مصيرية في محيط أسرته ومجتمعه.