لكبيرة التونسي (أبوظبي) الدكتور أحمد شاتيلا، أحد أبرز أطباء المخ والأعصاب، حائز على جائزة أبوظبي في دورتها الـ 11، وهو متعايش مع التصلب المتعدد، وداعم لمجتمع التصلب المتعدد في الدولة، ولديه مساهمات بارزة في خدمة المجتمع، أكد أن التصلب المتعدد هو اضطراب يصيب الجهاز العصبي المركزي، فيعطل تدفق المعلومات في الدماغ، ويوقف الرسائل بين الدماغ والجسم، وهو يصيب أكثر من 2.9 مليون شخص حول العالم، وينتج عن تلف الميالين، وهي الطبقة الواقية للألياف العصبية التي تسمح للأعصاب بنقل النبضات من الدماغ وإليه.


يصيب النساء أكثر

وأوضح أحمد شاتيلا، استشاري أمراض المخ والأعصاب، ومدير عيادة التصلب المتعدد الخاصة في مدينة الشيخ شخبوط الطبية في أبوظبي، ورئيس اللجنة الطبية الاستشارية للجمعية الوطنية للتصلب المتعدد، أن التصلب المتعدد يتسبب في ظهور ندوب صلبة في مناطق عديدة من الدماغ والحبل الشوكي، في المناطق التي يُفقد فيها الميالين، مشيراً إلى أنه مرض يصيب النساء أكثر من الرجال، وتبرز خصوصيته في أنه اضطراب مناعي، حيث يخطئ جهاز المناعة، الذي يساعد عادةً في محاربة العدوى، في الميالين باعتباره جسماً غريباً ويهاجمه، ولم يتمكن الباحثون حتى الوقت الحالي من معرفة السبب الدقيق الذي أدى إلى رد فعل هذا الهجوم على الميالين من قبل الجهاز المناعي للجسم، وفي محاولة لتحديد الأسباب، تركز الأبحاث الجارية على مجموعة من العوامل تتضمن العمر والجنس، والجينات والبيئة والمناعة، والعوامل المعدية.

وعن قصته الملهمة، لفت شاتيلا إلى أنه تم تشخيصه بالتصلب المتعدد في عمر الحادي والعشرين، وكان وقتها يدرس الطب، ولكن لم يكن يعرف شيئأ عنه، وساهم هذا التشخيص في اختياره التخصص في دراسة طب المخ والأعصاب، وأضاف: «في الواقع مهنة الطب مهنة إنسانية جداً، وقد حظيت بفرصة الانخراط في عالم الطب وجربت الشعور بالأعراض نفسها التي يمر بها الأشخاص الذين أساعدهم من خلال عملي طبيباً. وقد منحني التصلب المتعدد قدرة كبيرة على التعاطف والتأثير في الوقت نفسه، لذا فأنا أحمل مسؤولية توعية المجتمع لتفهم التصلب المتعدد ودعم المتعايشين معه، من خلال عملي مع الجمعية الوطنية للتصلب المتعدد». علاج وأمل وفيما يخص علاج التصلب المتعدد، أورد أنه حتى الآن لم يتم تطويرعلاج شافٍ للتصلب المتعدد، إلا أن الأبحاث تسير بوتيرة منتظمة، بحثاً عن هذا العلاج، والبعد الإيجابي في هذا الأمر أن خطط وبروتوكولات العلاج تقدمت وتطورت كثيراً، وحالياً تتم إدارة حالات التصلب المتعدد بوصف علاجات دوائية للنوبات الالتهابية الحادة أو الانتكاسات، ونقوم كأطباء بتوجيه المصابين للأدوية التي تقلل من خطر حدوث مزيد من الانتكاسات الالتهابية، والتي يمكن أن نطلق عليها أنها علاجات معدلة للمرض، بالإضافة إلى وجود علاجات تسهم في إبطاء تقدم المرض. وأؤكد أن الإدارة الناجحة للتصلب المتعدد تتطلب اتباع نظام غذائي صحي متوازن وممارسة الرياضة، والخضوع لجلسات إعادة التأهيل إن استلزم الأمر. وكرئيس للجنة الطبية الاستشارية للجمعية الوطنية للتصلب المتعدد في دولة الإمارات، شدد شاتيلا على أهمية الوعي الصحي كأحد العناصر المهمة لأي خطة علاج ناجحة، وأوضح أنه في حالة التصلب المتعدد، ولأنه مرض لا علاج حاسم له فمعرفة سبل السيطرة عليه والتعامل مع تداعياته وأعراضهم يسهل عبر تثقيف الأفراد بأسباب التدهور، وحثّهم على اتباع بعض السلوكيات الإيجابية التي من شأنها الارتقاء بأوضاعهم الصحية بصفة عامة. وأضاف: «من ملاحظاتي الخاصة الكثير من الحالات التي شهدت تدهوراً في الأعراض كانت نتاج ممارسات خاطئة ترتبط بأنماط التغذية السائدة، وقلّة ممارسة الرياضة، أو عدم الانتظام على العلاج».

وتابع قائلاً: «أحرص على تعريف من يزورني في عيادة التصلب المتعدد الخاصة في مدينة الشيخ شخبوط الطبية بهذه الأمور، وتثقيف مقدمي الرعاية الصحية لهم من أسرهم أو أصدقائهم. وبالطبع حركة التوعية بالتصلب المتعدد أخذت دفعة وقوة مع الجمعية الوطنية للتصلب المتعدد، حيث تنظم الجمعية الحلقات النقاشية مع المتخصصين بشكل منتظم، بالإضافة إلى برنامج اللياقة البدنية مع التصلب المتعدد، والذي يدعم أسلوب الحياة الصحي للمتعايشين مع التصلب المتعدد». تعايش وقال: «لا يوجد نمط واحد، أو شكل محدد لحال المشخص بالتصلب المتعدد، حيث تختلف أعراضه وتطوراته من شخص لآخر، وبالتالي يؤثر التصلب المتعدد في المشخصين به بطرق مختلفة، ولا يوجد شخصان يتعرضان للأعراض ذاتها، وتشمل أعراضه الشائعة التشنج الحركي، اضطرابات الرؤية، الإعياء وصعوبات المشي، قد تكون هذه التأثيرات مؤقتة أو طويلة الأمد، الأمر الجيد أنه بإعطاء المصاب الأولوية لصحته والالتزام بنصائح المتخصصين، يمكن إدارة هذه الأعراض جيداً، كما أن وجود مجتمع متفهم وداعم، سواء في إطار الأسرة، أو العمل يسهم في علاج هذه الأعراض».

ولفت شاتيلا إلى أن المتعايش مع التصلب المتعدد يواجه خطر الاكتئاب، لذا فإن الاهتمام بالصحة النفسية مهم جداً تماماً، كالاهتمام بالصحة البدنية، حيث من الممكن أن تؤثر الأفكار السلبية في صحة الجسد، وندعو إلى التركيز على الإيجابية، ما يسمح للمتعايشين مع التصلب المتعدد بمواجهة التحديات، وتحفيز عقولهم للبقاء في حالة نشاط وانتباه، لهذا نطلق على المصابين بالتصلب المتعدد المتعايشين، لأنه يمكنهم التعايش مع المعرض، وتجنب الكثير من مشكلاته بتغير نمط حياتهم. جهود عن جهود جمعية التصلب المتعدد، قال: «بدأت جهودنا في التوعية بالتصلب المتعدد وأعراضه وأهمية الكشف والتشخيص منذ لحظة تأسيس الجمعية الوطنية للتصلب المتعدد، كما أن حركة التوعية أخذت دفعة كبيرة مع تأسيس الجمعية في عام 2022، وجهود التوعية تسير على مسارين. المسار الأول: هو تعريف المجتمع بالتصلب المتعدد وأعراضه وطبيعته لحشد جهود مختلف الأفراد والمؤسسات لدعم مجتمع التصلب المتعدد، ولاسيما المتعايشين معه ومقدمي الرعاية الأساسية، والمسار الثاني: توعية المجتمع الطبي، ومن تم تشخيصهم حديثاً بالتصلب المتعدد بسبل التعايش معه والحفاظ على صحتهم، وعلى صعيد المسار الأول شهد عام 2023 قيام الجمعية بقيادة مشاركة دولة الإمارات في اليوم العالمي للتصلب المتعدد لأول مرة، وهذا العام أطلقنا فعاليات توعوية عديدة، شملت القطاع الصحي والمجتمع، كما أطلقنا المبادئ التوجيهية لدولة الإمارات حول التصلب المتعدد، لتوحيد الممارسات السريرية والعلاجات في رعاية التصلب المتعدد، وهذا يفيد الأطباء والمصابين، ويعزز معرفتهم بالتصلب المتعدد.