لكبيرة التونسي (أبوظبي)
«المالح» من الموروث الشعبي الذي ارتبط بالذاكرة الجمعية الإماراتية، كمصدر غذاء أساسي لأهل الساحل، حيث تُعتبر صناعة «المالح» ثقافة متأصلة في المجتمع الإماراتي، رافقتها طقوس وعادات وتقاليد الأجداد لحفظ الأسماك بطرق تقليدية وصحية لتناولها طوال السنة، في وقت لم تكن الثلاجات متوفرة، ولا تزال منتجاتها تحظى بمكانة بارزة، ما دفع الشباب والشابات إلى تطوير هذه الحرفة والنهوض بها واستدامتها.
خبرة ومهارة
نازك الصباغ أخذت على عاتقها الحفاظ على «المالح» وتطويره والحفاظ عليه للأجيال، مؤكدة أن صناعته تُعتبر من أهم الصناعات الشعبية، وتحتاج إلى خبرة ومهارة لإعداده بطريقة جيدة، مع الاحتفاظ بعناصره وبمذاقه بدون تعرضه للتلف. وأوضحت أن إعداد اللذيذ منه رهين باختيار نوع السمك الطازج والمناسب للتمليح، وطريقة تنظيفه وحفظه وتعريضه للشمس واستخدام أجود الأنواع، لذا تحرص على اختيار السمك منزوع العظم وحفظه في عبوات من السيراميك للحفاظ عليه لمدة طويلة.
فكرة تطويره
قالت الصباغ، الحاصلة على ماجستير في الهندسة المدنية وماجستير في تطوير الأعمال من أميركا وصاحبة أحد محال تصنيع «المالح»، إن فكرة تطوير «المالح» مع الحفاظ على مذاقه الذي تميز به في زمن الأجداد، استغرق تنفيذها أكثر من عامين، لاسيما أن هذا الغذاء حساس ويحتاج إلى التعليب الجيد، ليستمر بجودته ومذاقه، ويلائم الأجيال الحالية حتى ينتقل من الإمارات إلى خارجها بشكل يتناسب مع السوق العالمي. وتابعت: يمكن للطلاب المبتعثين خارج الدولة استخدامه جاهزاً وتناوله مع السلطة أو العيش الأبيض، في أي وقت من السنة.
أسلوب عصري
وأضافت: جاءت الفكرة من أجل الحفاظ على تراث «المالح» باعتباره من الأكلات الإماراتية التقليدية، لتقديمه بأسلوب عصري، ما يسهم في تشجيع الأطفال على تناوله، وينافس الوجبات الحديثة التي يقبل عليها الشباب، وهو ما يصب في مصلحة استدامة هذه الأكلة التقليدية الشهيرة، لتظل محتفظة بحضورها على الموائد كموروث أصيل.
«القباب» و«الكنعد»
وتابعت الصباغ: نحرص على استخدام أنواع محددة من الأسماك لصناعة «المالح التقليدي»، ومنها «القباب» و«الكنعد» التي تتميز بلحمها الكثير وطعمها وتحملها للملح الخشن ولحرارة الشمس. أما «السحناة» أو «الأنشوجة»، عبارة عن فيليه جاهزة للأكل، تضاف إلى السلطات أوالأكلات العصرية، كما تتوفر على أنواع أخرى يمكن استخدامها، مثل «الجاشع» و«المهياوة» و«آجار اللومي».
موسم «القيظ»
أسهمت «صناعة المالح» في تأمين احتياجات أهل الساحل حيث اعتمدوا عليها بشكل كبير، ويزداد الإقبال على تناول «المالح» في موسم «القيظ» لعدة أسباب، حيث يعزف الصيادون عن الخروج للصيد ويكثر هروب الأسماك إلى المناطق الباردة، ما يدفع الناس إلى تعويض تناول السمك الطازج بطبق «المالح» ويُعتبر كذلك من المواد المفضلة التي يأخذها «القاظة» إلى مناطقهم بعد انتهاء موسم «القيظ»، أما اليوم ونظراً لوفرته وتطويره من طرف الشباب، فيمكن تناوله في طوال السنة، فيما ينقص الإقبال عليه في شهر رمضان ويزداد في عيد الفطر.