لكبيرة التونسي (أبوظبي)
تتمتع الحنّاء بمكانة بارزة في ثقافة أهل الإمارات، وتتربع على عرش زينة المرأة في المناسبات السعيدة. استعملها الكبار والصغار، الرجال والنساء، واستُخدمت في الماضي للتداوي والعلاج، ولأهميتها الكبيرة تُزرع عشبتها في معظم البيوت الإماراتية، وكانت وما زالت جزءاً مهماً في حياة المرأة وفق طقوس وعادات أصيلة.
حرفة متوارثة
سعياً للحفاظ على هذا الموروث واستدامته، تنتشر الحنّاء كثقافة مجتمعية محلية في البيوت الإماراتية والمعارض والمهرجانات، حيث توارثتها الأمهات عن الجدات، وينقلنها بدورهن للشابات وصغيرات السن، حيث يسلطن الضوء على جوانب مشرقة من هذا التراث الإماراتي الأصيل. وكل ذلك ضمن أفكار متفردة تستلهم منها بنات الجيل شغفهن تأكيداً على هذا الإرث الأصيل وتطوره وانتشاره، وسط بيئة نابضة بالحياة، ويتعلمن من خبرات وتجارب الجدات طرق إعدادها وتحضيرها للحفاظ على الموروث وتطويره من دون المساس بجوهره.
تاريخ وطقوس
موزة المحيربي، حرفية متخصصة في دق الحنّاء وتخصيبها ونقشها بالطرق التقليدية، تشارك في العديد من المهرجانات، تتحدث عن الحنّاء ومدى ارتباطها بالذاكرة الثقافية الشعبية، وحضورها الواسع في المجتمع، وتستعرض الصور الخاصة برسم الحنّاء ونقوشها. كما تسلط الضوء على تاريخها وعاداتها وتقاليدها قديماً وحديثاً، حيث كانت المرأة تحرص على إعداد الحناء في البيت، وتزرعها أو تجلبها من البيئة المحلية طازجة خضراء، وتعمل على تجفيف أوراقها في الشمس وتحتفظ بها، وعند الحاجة تُعدها عبر دق أوراقها المجففة في «المنحاز» حتى تصبح ناعمة، ثم تمررها في «خرقة» دقيقة الثقوب للحصول على مسحوق ناعم. ولإضفاء نوع من الحمرة الداكنة، تجهز محلولاً من الليمون الحامض اليابس المدقوق والماء المغلي، والذي يترك ليلة كاملة، ثم تخلط به الحنّاء الناعمة لتصبح جاهزة للاستعمال.
الماضي والحاضر
أضافت موزة المحيربي، أنها تعمل على نقل هذا الموروث بصوره المجتمعية للشابات والفتيات الصغيرات، واستدامة كل ما يتعلق بمنتجاتها وطقوسها وعاداتها، موضحة أن شجرة الحنّاء كانت تُغرس في كل بيت، إضافة إلى الاحتفاظ بمعداتها، كما تستحضر العادات والتقاليد المرتبطة بهذا الموروث، ضمن حوار بين الماضي والحاضر، لترسيخ هذه الثقافة، وحث بنات الجيل على صون هذه الحرف التراثية.
«الغمسة والقصة والشراع»
أشارت موزة المحيربي إلى أنها تنقل ثقافة الحنّاء كوسيلة لزينة المرأة لتظهر في أبهى حلة، عبر الكثير من النقوش، ومن أشهرها «الغمسة»، وفيها تغمس اليد كاملة من الأمام والخلف، و«القصة» وتكون على الأصابع أو کامل راحة اليد، و«الشراع» وتكون على شكل مثلث، و«الروايب» وتكون على أطراف الأصابع، و«التيلة»، وتكون نقطة على شكل «تيلة»، وسواها من النقوش.
ورش حيّة
أشارت المحيربي، التي تمتلك خبرة كبيرة في استعراض طرق إعداد الحنّاء، من الغرس إلى التخضيب، إلى أنها ورثت هذه المهارات من البيئة التي عاشت فيها، حيث وجدت النساء شغوفات بالتزين بالحنّاء. وذكرت أنها سعيدة بوجودها في مختلف المهرجانات والمعارض لنقل هذا الموروث للأجيال، حيث تواصل تدريب الشابات ضمن ورش حيّة مفتوحة، وكيف كانت في السابق تُستخدم للزينة وعلاج الكثير من الأمراض الجلدية وسواها، ولم يقتصر استخدامها على النساء وإنما استعملها الرجال والأطفال أيضاً.