أبوظبي (الاتحاد)

شكلت مدينة العين، التابعة لإمارة أبوظبي منذ القِدم مستقراً مفعماً بالراحة والسحر والجمال الذي تضفيه واحاتها الغنّاء وأفلاجها التاريخية ومياهها العذبة، فضلاً عن آثارها التاريخية، والتي برهنت مكتشفاتها الأثرية أنها مدينة نابضة بالحياة منذ أكثر من 5000 عام.
تمتلك مدينة العين مقومات سياحية متميزة وتتمتع بتنوع طبيعي وتاريخي وتراثي ومنشآت فندقية ذات ريادة عالمية وخدمات سياحية متكاملة، فضلاً عن تميزها في سياحة المغامرات، الأمر الذي أهّلها لتكون عاصمة السياحة الخليجية لعام 2025.

حدائق وأفلاج
حجزت مدينة العين موقعها بوصفها واحدة من أبرز وجهات السياحة والاستجمام بين عيونها العذبة الفياضة بجوار جبل حفيت الشامخ الذي يُشرف على مدينة العين ويتيح للزوار الاستمتاع بإطلالات خلابة على المدينة الزاخرة بالحدائق الغنّاء، حيث يبلغ ارتفاع قمة الجبل 1249 متراً، وهي أعلى قمة في أبوظبي وثاني أعلى قمة في دولة الإمارات بعد جبل جيس في رأس الخيمة. 
ويُعتبر اعتدال مناخ منطقة العين صيفاً وشتاءً، وواحات النخيل والمساحات الخضراء التي تملأ الأفق في مختلف الجهات، وجمال المناظر الطبيعية التي تكسوها من كل جانب، والكثبان الرملية الساحرة، من أبرز العوامل التي جعلت منها إحدى أشهر المناطق السياحية في الدولة.
وتشكل النسخة الرابعة من حملة «أجمل شتاء في العالم»، فرصة للتعريف بجمال مدينة العين، حيث تتيح حدائقها ومتنزه الحياة البرية وأفلاجها ومواقع الآثار التاريخية في منطقة الهيلي وسواها من المناطق خياراً مثالياً للزوار المحليين والسياح من خارج الدولة للتعرف على الكثير من المعالم والطبيعة الخلابة في المدينة.

واحات غنّاء
تزخر مدينة العين بالعديد من الواحات الغنّاء التي تتغذى جميعها على مياه الأفلاج وقنوات أخرى مساعدة، وتغطي واحات النخيل المحملة بعذوق الرطب مساحات واسعة، كما تغطي ضواحي مدينة العين من حافة الصحراء المزارع الخضراء.
وتُعرف مدينة العين أيضاً بورودها وأزهارها، كما تلون المدينة والتلال المحيطة خلال فصل الربيع مجموعة جميلة من الأعشاب والحشائش ذات الألوان الخضراء.
وتُعتبر واحة العين أكبر واحات مدينة العين، وقد أُدرجت على لائحة قائمة التراث العالمي لـ”اليونسكو” عام 2011، وتم افتتاحها رسمياً للجمهور عام 2016 لتستقبل الزوار لاكتشاف المركز البيئي التعليمي والتجول بين مجموعة واسعة من الممرات المظلَّلة التي تتراصف فيها 147 ألف نخلة، ومساحات شاسعة ينمو فيها قرابة 100 نوع من النباتات بالإضافة إلى عدد من المزارع المنتجة، لمحاصيل العلف وأشجار الفاكهة، مثل المانجو والبرتقال والموز والتين والعناب.
وتضم واحة العين مرافق متنوعة، وهي: المركز البيئي، حديقة الواحة، الواحة المصغرة ومعرض الفلج، ويُعتبر المركز البيئي مبنىً صديقاً للبيئة يقدم تجربة فريدة ويعمل كآلة زمن تنقلنا من الحاضر إلى الماضي، وذلك من خلال شاشات تفاعلية وأنشطة تثقيفية. وتنقسم حديقة الواحة إلى 3 طبقات مختلفة تعرض كل واحدة منها النباتات الموجودة في مزارع الواحات التقليدية، بينما تُعتبر الواحة المصغرة نموذجاً مصغراً لواحة العين تستعرض كيفية نشوء واحة العين وأسباب ظهورها، كما تظهر أساليب توزيع المياه من قنوات السقاية المعروفة بالأفلاج، وتعرض أهمية موقع الواحة وأهم الحصون المحيطة بها والتي كانت تقوم بدور فعال في حماية الواحة والدفاع عنها من المخاطر الخارجية.

مدينة الأفلاج
تعتمد الواحات على مياه الآبار ونظام الأفلاج القديم الذي يعمل على توصيل المياه الجوفية البعيدة، حيث تتجمع في المناطق الجبلية الصخرية الواقعة على مسافة كيلومترات في بعض الأحيان، إلى المزارعين عبر قنوات بمستوى سطح الأرض أو ما دون ذلك.
وتنتشر الأفلاج في مدينة العين، حتى أُطلق عليها مدينة الأفلاج الـ 7، وهي: العيني، الداوودي، المعترض، المويجعي، الجيمي، القطارة وهيلي، وبذلك تكون العين المدينة التي تضم العدد الكبير من الأفلاج في الإمارات.
وقد اكتُشف نظام الأفلاج واستُخدم لأغراض الري منذ أكثر من 1000 سنة، إذ تم اكتشاف قناة رئيسة لفلج قديم بالقرب من أحد المواقع الأثرية القريبة من حديقة هيلي، يعود تاريخها إلى النصف الأول من الألف الأول قبل الميلاد. ويوجد في العين ما يقارب الـ 300 فلج، إلا أن معظمها قد جف، وقد سجل في الوقت الحالي 27 فلجاً فقط، ويتراوح عمق الأفلاج التي حفرها الأجداد بين 90 و95 قدماً من سطح الأرض. وتغذي الأفلاج بمدينة العين الواحات المرتبطة فيها بالمياه الكافية لزراعة النخيل.
وتشرف بلدية مدينة العين على الأفلاج والواحات داخل المدينة وتتابع أعمال الري والصيانة والنظافة والوقاية مع ضمان توزيع حصص المياه على مزارع النخيل للحفاظ على استدامة الواحات وطابعها التراثي والتاريخي.

أكبر مجمع أثري
في منطقة هيلي بمدينة العين، يقع أكبر مجمع أثري للعصر البرونزي في الإمارات، ويعود تاريخه إلى بداية الألف الثالث قبل الميلاد، واستمر حتى بداية الألف الثاني من دون انقطاع. وضُمت بعض أجزاء هذا الموقع إلى حديقة آثار هيلي، التي تم تصميمها لتسليط الضوء على الآثار التاريخية وإتاحتها للزوار.
ويُعتبر مدفن هيلي من أكبر المدافن الجماعية في مجمع هيلي الأثري المبنية بأشكال دائرية من الحجر المنحوت، فيما يصل قطره إلى 12 متراً، ويبدو أنه كان على ارتفاع 4 أمتار عن سطح الأرض.

حديقة الحيوانات
تتميز حديقة الحيوانات في العين كونها وجهة مثالية، ولاسيما للأطفال من خلال مرافق خاصة بهم، في مقدمتها حديقة الأطفال الاستكشافية، المخيمات الموسمية وحديقة حيوانات الأطفال. وتقدم حديقة الأطفال الاستكشافية تجربة تفاعلية تعليمية تعتمد على الحواس الطبيعية من خلال مناطق متعددة، منها منطقة ألعاب مائية بتكوينات حركية فيزيائية، ومنطقة الأحافير التي يكتشف فيها الأطفال بقايا الحيوانات المنقرضة. وتقدم منطقة الألعاب التحفيزية ألعاباً علمية مثل عوامل الطبيعة كالماء والرياح وخصائص المواد المعدنية والكهرباء والهاتف والأصوات الموسيقية وتصنيفات الألوان والتعرف على النبات من خلال حاسة الشم.
وتتضمن الأقسام الأخرى منطقة اللعب بالتراب والألعاب الحركية التي تنظم النشاط البدني للطفل، ومناطق المدرج والنباتات ومنطقة الأهالي. وفي حديقة حيوانات الأطفال يستمتع الصغار بنشاطات عدة مع الحيوانات، منها امتطاء الجمل وإطعام العصافير، كما يتعرفون على حيوانات كثيرة من حيث طباعها وخصائصه.
ويتميز المها العربي بمكانته الخاصة في حديقة الحيوانات بالعين كونه واحداً من الحيوانات القليلة التي شكلت النواة الرئيسة لإنشائها، حيث تمتلك الحديقة مجموعة من المها العربي تتمتع بحالة صحية ممتازة وبتوازن مثالي في أعداد الذكور والإناث الأمر الذي يصعب عادة السيطرة عليه في برامج الإكثار في الأسر.