لكبيرة التونسي (أبوظبي)
ضمن حديقة شاسعة، يقتني جمال البلوشي مجموعة من الحيوانات النادرة، يوفر لها الظروف الطبيعية المواتية والعناية البالغة، للحفاظ عليها وإكثارها وإعادتها للطبيعة، شغفه بهذه الكائنات، دفعه لزيارة أكثر من 50 دولة للبحث عن النوادر منها، أصبح يمتلك معلومات عن عالمها وسلوكها وما تحتاج إليه من عناية وأطعمة، تربطه بها علاقة قوية، يناديها باسمها، يعرف كل التفاصيل عنها، يشعر بسعادتها وحزنها أيضاً، يقضي جل وقته في رعايتها وعلاجها وملاعبتها، وبمجهود ذاتي استطاع أن يجمع أكثر من 500 نوع منها، تعيش ضمن بيئة مثالية، ويوفر لها كل ما تحتاج إليه من أدوية وأطعمة ونظافة ومرافق.
بيئة مناسبة
قال جمال البلوشي، إنه يقضي أغلب وقته في دراسة عالم الحيوانات، وتوفير البيئة المناسبة لها، فعندما يجلب حيواناً معيناً من موطنه الأصلي، يوفر له النباتات والأشجار المناسبة لبيئته، ليحافظ على صحته ودورة حياته، حتى نجح في امتلاك نوادر الحيوانات، صغارها وكبارها.
وتتوافر حديقة البلوشي في منطقة الباهية، على مجموعة متميزة من الحيوانات والطيور والزواحف، ضمن بيئة تتسع لأكثر من 200 نوع من الحيوانات المفترسة والأليفة، وما يزيد على 250 نوعاً من الطيور الجارحة والبوم والنسور والعقاب، وأكثر من 70 نوعاً من الزواحف والحيوانات المائية كالتماسيح و«أسماك البيرانة» آكلة اللحوم.
توعية
بدأت قصة شغف البلوشي بهذه الكائنات منذ طفولته، حيث كان يعتني بكلاب الشارع في منطقة الجميرا، ويطعمها كلما سنحت له الفرصة، ومع مرور الوقت ازداد ارتباطه بالحيوانات المختلفة، وتحول إلى هاجس للحفاظ عليها وإكثارها وجمع النوادر منها، والتوعية باستدامتها، إذ بات يشارك بجزء من حديقته في المهرجانات للتعريف بها، في خطوة جادة للتوعية بدور الحيوانات في التوازن الطبيعي للحياة.
حديقة مصغرة
عندما تلج إلى المكان، تشعر بأنك في حديقة حيوانات مصغرة، حيث تصادف مجسمات حديدية لحيوانات ضخمة، تفضي إلى ممرات وأقفاص كبيرة، مخصصة لكل نوع من الحيوانات، من ذئاب ونمور وأسود، وطيور نادرة، تم تقسيمها إلى «قسم الزواحف»، «قسم الطيور»، «قسم الخيول»، «قسم الماشية»، «قسم الكلاب النادرة»، «قسم الذئاب»، «قسم التماسيح»، و«قسم القردة»، فضلاً عن مساحات للغزلان والطيور البرية والسنجاب، والحصان البوني، والدجاج، والبط، والأرانب والكناري والطاووس وغيرها الكثير، كما أن هناك أنواعاً كثيرة من القردة، والنمر السيبيري والبنغالي الأبيض والأسد الأفريقي والغزلان وسلاحف «ألدابرا»، وهي نوع معرض للانقراض، والليمور المطوق المهدد بالانقراض أيضاً، وسحالي الـ«تيجو»، والتماسيح، وعدد من الثعابين، مثل «الأناكوندا»، وعدد من الثعابين غير السامة.
مهارة وخبرة
يؤكد البلوشي أن الغاية من اقتناء تلك الحيوانات هو الحفاظ عليها، لتستمر دورة حياتها، خوفاً من انقراضها، لذلك وفر لها كل الاحتياجات المطلوبة، قائلاً: «عشق عالم الحيوانات دفعني لاكتساب المهارات والخبرات، وجمع المعلومات الكافية عنها، من حيث الاهتمام بها وطرق ترويضها، وكمية الطعام التي تحتاج إليه»، موضحاً أنه أصبح يمتلك خبرة واسعة في علاجها والعناية بها، وإطعامها، مما يقلل من احتمالية إصابتها بالأمراض، كما أن منطقة الباهية في أبوظبي تعتبر بيئة مناسبة لتربية هذه الأنواع من الحيوانات.
حُب وشغف
ويرتبط البلوشي بجميع حيواناته والتي تبادله الشعور نفسه، فعندما يجول في الحديقة تشعر به وتنتظر قدومه، لتقفز الطيور فوق كتفه بحب وشغف، كما تقترب منه بعض الحيوانات التي تأمن جانبه وترتبط به، وهو يسعى جاهداً لأن يجمع المزيد من الأنواع المختلفة، خلال زياراته للعديد من البلدان، للتعرف على نوادرها وجلبها ضمن القوانين والمعايير الدولية لحمايتها والحفاظ عليها.
رسالة استدامة
أشار جمال البلوشي إلى أن الهدف من المشاركة في المهرجانات والانفتاح على الجمهور، هو تعزيز الوعي بأهمية ودور الحيوانات في الطبيعة، حيث يؤدي انقراضها إلى خلل في النظام البيئي، موضحاً أنه لابد من نشر ثقافة التعامل مع الحيوانات، والحفاظ عليها كشريك أساسي على هذا الكوكب، كما يجب تقريب الجمهور من هذه الكائنات اللطيفة، والتعرف على أهميتها ودورها بالنسبة للطبيعة والبيئة، مؤكداً أن هذا العمل رسالة استدامة من أجل تحقيق التوازن في الطبيعة، والحفاظ على هذه الكائنات وإكثارها.