أحمد عاطف (القاهرة)
مساحات شاسعة من الثلوج ناصعة البياض يتخللها هواء نقي وطبيعة لا ملوثات أو معوقات بشرية بها، فقط جبال ثلجية وبحيرات متجمدة، هذا هو الحال في قارة أنتاركتيكا البعيدة، أو ما يعرف بالقارة القطبية الجنوبية.
تتعدد الخصائص الفريدة لطبيعة أنتاركتيكا البيولوجية فهي القارة الأكثر جفافاً وانعزالاً في الكرة الأرضية، وحيواناتها الأكثر قوة وقدرة على التكيف مع البرودة الشديدة، وتغطى القارة بأكملها بالثلوج ما عدا 1% فقط من أراضيها لم تشهد أمطاراً منذ ملايين السنين.
عجائب بيضاء
تضم القارة 90% من الجليد على الأرض و70% من المياه العذبة، ولذلك إذا ذابت هذه الثلوج ستكون النهاية الحتمية للكرة الأرضية وسينتهي العالم بكارثة طبيعية، ورغم ذلك فإن نقاء الطبيعة في القارة الجنوبية يسمح للعلماء بدراسة النيازك التي تسقط على سطح الأرض لسهولة جمعها ودراستها. ورغم سيطرة اللون الأبيض على أنتاركتيكا، إلا أن اللون الأحمر الدامي يظهر على استحياء فيما يعرف بالشلالات الدموية التي تنتج بعد تفاعل المياه شديدة الملوحة، ونسبة الحديد المرتفعة مع الأكسجين لتتحول إلى شلالات مياه باللون الأحمر.
وبحسب الدراسات فإن أكبر جبل جليدي على الكرة الأرضية يقع في أنتاركتيكا وهو 15B، والذي يبلغ طوله 300 كيلومتر، وعرضه 40 كيلومتراً، فضلاً عن الجبال الجليدية مستطيلة الشكل والمكتشفة حديثاً من وكالة ناسا.
وبداخل هذا الكم من الجليد أيضاً عثر العلماء على أقدم أحفور في العالم، ويبلغ من العمر ملايين السنين، وهو بقايا أحفور لدودة اكتشف حديثاً العام 2016 بواسطة علماء سويديين.
وقبل عامين فقط كانت كل الدراسات تؤكد أن القارة القطبية الجنوبية هي الأقل تلوثاً في العالم والأقل تأثراً بالنشاط البشري، حيث أشارت دراسة نشرتها «وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم» إلى أن أنظف هواء في العالم هو الواقع فوق المحيط الجنوبي بالقرب من أنتاركتيكا.
وقالت الدراسة إن السحب التي تغذي الهواء فوق القارة خالية من أي ملوثات بشرية، وما تم اكتشافه من جسيمات في الهواء يعود فقط إلى البكتيريا البحرية القادمة من رذاذ البحر، ولا يوجد ما يعكر صفو القارة المنعزلة. لكن بداية العام الماضي 2020 اكتشف العلماء مواد دقيقة من البلاستيك في الثلوج، وبدأت دراسات جديدة تقيّم الوضع ليظهر أن الملوثات البلاستيكية وصلت بالفعل إلى القطب الجنوبي، بل إنها تسرع من عملية ذوبان الجليد مما يؤثر على طبيعة المناخ في النهاية.
ويواجه العلماء مخاوف من ذوبان الجليد في حال استمرار حدة التغيرات المناخية، وهو ما جاء في دراسة نشرت بمجلة «ذي كريوسفير»، حيث قالت: إن القارة الجنوبية أصبحت مصدر تهديد لمستقبل البشر إذا استمرت الملوثات البلاستيكية في الوصول إليها.