لكبيرة التونسي (أبوظبي)
ضمن فعاليات وأنشطة متنوعة، تستقطب آلاف الزوار يومياً، يستحضر «مهرجان الشيخ زايد 2023» الحرف التراثية البحرية، وما رافقها من صور اجتماعية ومشاهد ومؤثرات بصرية وتجارب تفاعلية مستوحاة من التراث البحري، عبر أجواء تحاكي الحياة البحرية قديماً، حيث كان الاعتماد على الصيد والغوص بحثاً على اللؤلؤ.
أدوات الصيد
عبر أروقتهم التي تحاكي «القرى الساحلية» قديماً، يعكف مجموعة من الحرفيين على صناعة «الليخ»، و«القرقور»، و«المالح»، و«الديين»، و«الأشرعة»، و«الحبال»، و«المجاديف» وسواها من الحرف، ليُشاهد الزائر الحرفيين المهرة أثناء عروضهم الحية لصناعة أدوات الصيد المتوارثة على مرّ الزمن، وكيفية استخدامها، ضمن برنامج غنيّ بالحرف اليدوية ورواية القصص وعروض الأداء حول حياة البحّارة. 

احتفاء بالبحر
تحفل البيئة البحرية بالفعاليات الحية والأنشطة التفاعلية، احتفاءً بعناصر التراث البحري وبناء السفن والصيد، عبر الأسواق والقرى والدكاكين والمتاحف، إضافة إلى طرق إعداد السمك «المالح»، والغوص بحثاً عن اللؤلؤ وفلق المحار، بما يعكس بيئة وتاريخ أهل الساحل في الدولة، والاستمتاع بقصص مشوقة عن الماضي الجميل، حيث يسرد خبراء التراث البحري تجاربهم ومعرفتهم العميقة بالحرف والمهارات التي كانت تشكل عناصر هوية الحياة البحرية والساحلية.
صديقة للبيئة
كان اهتمام أهل الساحل منصبّاً على الأعمال البحرية، وكان للبحر دور مهم ومباشر في حياة الإنسان الإماراتي، على الصعيد الاجتماعي والثقافي والاقتصادي، سواء كانت أعمال غوص للبحث عن اللؤلؤ، أو صيد الأسماك، أو ممارسة الحرف البحرية التي كانت جميعها صديقة للبيئة، حيث كانت تستخرج أغلب أدواتها من النخلة، إلى ذلك قال الحرفي سيف بن سعيد إن النخلة كانت محور الحياة قديماً، فالبيت كان يُبنى من سعف وجذوع النخيل، كما كانت مفردات النخلة حاضرة في صناعة «القراقير» لصيد الأسماك، والحصير، كما كانت القوارب قديماً تُصنع من جذوع سعف النخيل ويتم توثيقها بالحبال.

أدوات بسيطة
من جانبه، أشار محمد بن أحمد، إلى أن صيد الأسماك كان يعتمد على أدوات مختلفة، كشباك الصيد المصنوعة من خيوط «الكتان» أو «القطن»، وإن كانت الشباك تُصنع حالياً من خيوط النايلون، موضحاً أن المهرجان يمثل وجهة مثالية لتعريف الزوار بهذه الأدوات البسيطة التي كان يستعملها البحّارة لصيد الأسماك، والتي كانت تراعي عدم الإضرار بالبيئة، حيث كانت تُصنع من أدوات الطبيعة والبيئة المحلية، أما «الليخ» فكان يُصنع من مواد قطنية وحبال.
مدرسة تراثية
وإلى جانب ما يقدمه الحرفيون، من مهن بحرية ضمن ورش حية أمام الجمهور، يحرص الرواة على نقل التراث الإنساني الذي يتعلق بالبحر وتفاصيل حياة أهل الساحل قديماً للزوار، لتبرز مدرسة تراثية لتعليم الكبار والصغار حرف الأجداد وطريقة عيشهم التي اتسمت بالكد والتعب، تعريف جمهور المهرجان من مختلف الجنسيات، بإرث الأجداد، واكتشاف أسرار الصيد والغوص وفلق المحار، وما ارتبط بها من قصص وحكايات حول تفاصيل هذه  الحرف البحرية ونقلها للأجيال، بما يضمن استمرارها، كما يقدم الغواصون تفاصيل رحلات الغوص ضمن مشاهد بصرية تسافر بالزوار إلى زمن البحث عن اللؤلؤ، والذي كان يشكل نشاطاً اقتصادياً رئيساً في المجتمع.

دور اقتصادي وثقافي
يتيح المهرجان فرصة تعريف الزوار بتفاصيل الحياة البحرية الضاربة في عمق تاريخ وتراث الإمارات بشكل عام، وأبوظبي بشكل خاص، بهدف تعزيز الوعي بالتراث البحري والاحتفاء بتاريخه الأصيل، إلى جانب احتفائه بعادات وتقاليد مجتمع البحّارة وحياة البحر، كما يسلط المهرجان الضوء على الدور الاقتصادي والثقافي الحيوي المرتبط بالبحر، لترسيخ استدامة الصيد البحري والحفاظ على الموارد والثروات البحرية.