تامر عبد الحميد (أبوظبي)
انطلاقاً من أهمية القضايا البيئية، وضرورة توظيف «الفن السابع» في تسليط الضوء على إبراز المشكلة والمخاطر التي تهدد كوكب الأرض، أنتج صناع السينما العربية والعالمية في السنوات الأخيرة عدداً من الأفلام القصيرة والوثائقية التي تستعرض التحديات البيئية التي تواجه العالم بكافة أنواعها، وتبنت قضايا عدة أسهمت بشكل كبير في توعية الجمهور بالأخطار البيئية، وتعزيز مستقبل مستدام للجميع، كما سلطت الضوء على قضية المياه الحيوية وارتباطها بتغير المناخ والتوازن البيئي وبقاء النوع البشري.
سينما جديدة
تغير المناخ والكوارث البيئية التي تنذر منذ سنوات بخطورة مستقبل الجميع على كوكب الأرض، أسهم في ظهور نوع جديد من السينما والتي يطلق عليها «السينما الخضراء» أو «السينما البيئية»، وتم تأسيس مهرجانات سينمائية بيئية عدة في المنطقة العربية، وحظيت دولة الإمارات العربية المتحدة بنصيب الأسد بإقامة 3 مهرجانات تشجع الإبداع في مجال السينما الخضراء وتحفز المبدعين على الإنتاج المعزز لثقافة الاستدامة وتعزيز السلوك الفردي الذي يحافظ على الطبيعة، وهي: «مهرجان أبوظبي الدولي لأفلام البيئة»، الذي بدأ في عام 2013 ومن أهم فعالياته مسابقة «أفلام البيئة من الإمارات»، و«مهرجان السدر للأفلام البيئية» الذي تنظمه «هيئة البيئة – أبوظبي»، و«مهرجان المرموم: فيلم في الصحراء».
أبرز الأفلام
ومن أبرز الأفلام البيئية التي عُرضت في السنوات الأخيرة وشاركت في مهرجانات، حاصدة جوائز عدة، الألماني «مافيا الزواحف»، الصربي «قواعد ميشيل بولان للطعام»، الإماراتي «المياه الخضراء»، «تعلّمتُ من الأخطبوط»، الذي أنتج عام 2020، وحصد جائزة أوسكار كأفضل «وثائقي» عام 2021، «حياة على كوكبنا.. شهادة ورؤية للمستقبل» فيلم وثائقي بريطاني أُنتج عام 2020، فيلم «برونو مانسر.. صوت الغابة المطيرة»، و«احتضن الأرض».
«سباحة 62»
ويأتي (Swim 62)، «سباحة 62» أحدث الأفلام الإماراتية التي تم إنتاجها مؤخراً والذي من المقرر أن يُعرض في السينما المحلية تزامناً مع انطلاقة مؤتمر الأطراف «كوب 28» الذي تستضيفه الإمارات 30 نوفمبر الجاري، وتولى إنتاجه وإخراجه منصور اليبهوني الظاهري، انطلاقاً من مبادرة «سباحة 62» التي شاركت فيها عدد من الجهات الحكومية والخاصة، والتي تهدف إلى تعزيز الوعي المجتمعي بأهمية البيئة البحرية والسلامة المائية، حيث تم التنسيق مع البطل الإماراتي ولاعب الجو جيتسو منصور الظاهري لتنفيذ فيلم وثائقي يحمل العنوان نفسه «سباحة 62»، يتتبع قصته وفريقه في رحلة لا تصدق، فعلى الرغم من مخاوفه السابقة من السباحة، إلا أنه تمكن من قطع مسافة 62 كيلومتراً حول جزيرة أبوظبي في مدة 34 ساعة متواصلة، حيث تغلب على مخاوفه ليترك أثراً دائماً على حركة التغيير البيئي العالمية.
رحلة ملهمة
ولفت اليبهوني إلى أن فكرة الرحلة الملهمة وتنفيذ فيلم وثائقي عنها تعود إلى رغبة الظاهري في أن يكون جزءاً من حركة نشر الوعي البيئي، خصوصاً مع مؤتمر المناخ الدولي «كوب 28»، الحدث الذي تشارك فيه حكومات من جميع أنحاء العالم لتحقيق تغيير إيجابي على نطاق عالمي، إلى جانب تحديه في تحقيق المستحيل وتنفيذ مشروع ضخم، للتغلب على مخاوفه ويكون قدوة للأجيال الناشئة، كما يسلط الفيلم الضوء على أهمية الحفاظ على البيئة والاستدامة، فهو بمثابة تذكير مؤثر بالحاجة الملحة لاتخاذ إجراءات جماعية لمكافحة التغير المناخي.
برامج توعوية
وأشار اليبهوني إلى أن هذه النوعية من الأفلام المتخصصة عن البيئة تفرض وجودها في المهرجانات السينمائية، التي أنشأ بعضها برنامجاً يهدف إلى تحفيز صناع السينما لتوظيف لغة الفن السابع في الحفاظ على البيئة، لاسيما أن أفلام الطبيعة تهدف إلى توجيه رسالة عالمية لإنقاذ الكوكب ومعالجة مشكلات مزمنة كالتلوث البحري وتلوث الهواء وفقدان التنوع البيولوجي، بحيث يصبح محتوى هذه الأفلام أشبه بالمناهج التعليمية والبرامج التوعوية التي تشكل رافداً مهماً في بناء وعي الناشئة والمجتمع عموماً بقضايا البيئة.
«السدر للأفلام البيئية»
ومؤخراً عرض مهرجان «السدر للأفلام البيئية» الذي أقيمت فعاليات نسخته الثالثة في «مركز الفنون بجامعة نيويورك أبوظبي»، بالتعاون مع «هيئة البيئة - أبوظبي» و«جامعة نيويورك أبوظبي»، 10 أفلام عالمية وعربية ما بين وثائقية وقصيرة، تغطي الجوانب المتنوعة لقضية المياه، بداية من أهميتها الثقافية، ونهاية بدورها الحاسم في استدامة الأنظمة البيئية، ومنها: (The Whelming Sea)، الذي يجسد رحلة في حياة الحيوانات على حافة البحر، و(The First Days)، الذي يقدم معالجة ساحرة لقوة الطبيعة في تشيلي، و(Stepping Softly on Earth)، الذي يستعرض قصة نضال الشعوب الأصلية من أميركا اللاتينية، إضافة إلى (Everyday Life in a Syrian Village) للمخرج السوري عمر أميرالاي، والفيلم المصري (Drowning Fish).
قضية المياه
وأكد نزار أنداري، أستاذ العلوم الإنسانية، والمدير الفني للمهرجان أنه مع عام الاستدامة في دولة الإمارات، وبالتزامن مع انعقاد مؤتمر الأطراف «COP28»، ركزت دورة هذا العام في المهرجان على قضية المياه الحيوية، وارتباطها بتغير المناخ والتوازن البيئي، وتم عرض أفلام لتسليط الضوء على القضايا البيئية والقيادة الشبابية في هذا المجال، لتعزيز مستقبل مستدام للجميع، كما سلطت الأفلام الضوء على الأهمية الحيوية للمياه كأحد أهم الموارد الأساسية لاستمرار الحياة على كوكب الأرض، وحجم التحديات العالمية التي تواجهها. وأوضح نزار أن «السينما الخضراء» تلعب دوراً مهماً في التوعية البيئية للأجيال المقبلة، وتؤكد على أهمية «الفن السابع» في تسليط الضوء على القضايا البيئية، وإلهام الناس لفهم المخاطر التي يتعرض لها كوكب الأرض.
تصوير تحت الماء
(Le Monde du silence) فيلم وثائقي فرنسي، أنتج عام 1956 واستخدم التصوير السينمائي تحت الماء لإظهار أعماق المحيط بالألوان، وحصد في العام نفسه جائزة «السعفة الذهبية» في مهرجان «كان» السينمائي، وكانت تقنية التصوير الفوتوغرافي عن قرب واللقطات البطيئة خطوات أولى في مسار الأفلام الوثائقية التي تضع الطبيعة محوراً لمحتواها.
سفاري الشارقة
«سفاري الشارقة»، فيلم وثائقي من إنتاج هيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون، بالاشتراك مع «المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة» وبالتعاون مع «هيئة البيئة والمحميات الطبيعية»، يرصد مراحل هذا المَعلم السياحي البيئي في الإمارات، وقد حصد جائزة أفضل فيلم وثائقي طويل بمهرجان «جوائز نيويورك الدولي للأفلام» في الولايات المتحدة الأميركية، وترسخ هذه الجائزة أهمية هذا النوع من الأفلام، حيث إن الطبيعة تلعب دور البطولة ضمن رسالة عالمية للحفاظ على التنوع البيولوجي.