لندن (الاتحاد)
قديما كان كل كاتب موهوب ينعى حظه، لو أن مؤسسة كبرى – إعلامية أو دار نشر- لم تتبن أعماله أو أنه لم يتمكن من الالتحاق بجريدة ولو صغيرة، ينشر عبرها مقالاته أو تحقيقاته الصحفية.. كان كل كاتب حر (أي من دون ارتباط رسمي بمؤسسة)، كمن ضل طريقه في الصحراء. عليه أن يحفر في الصخر ليبقى على قيد الحياة «مهنياً». راح هذا الزمن. أصبح بمقدور الكتاب المبدعين، أصحاب الأقلام والأفكار اللامعة، التألق والنجاح بل وكسب الملايين، وهم جلوس في منازلهم أمام شاشات الكمبيوتر.. والفضل لمنصات مثل «سابستاك».يشبه الأمر كثيراً «أوبر»، حيث تدير شركة أساطيل نقل من دون أن تمتلك مركبة واحدة، أو «طلبات»، التي برعت في توزيع الطعام من غير أن تملك مطعماً واحداً. هكذا «سابستاك» منصة إعلامية هائلة لأصحاب القلم، من دون أن تمتلك صحيفة أو قناة تلفزيونية أو حتى محطة إذاعية.
يقول موقع برس جازيت: إن«عشرات» الكتاب في بريطانيا يكسبون الآن أكثر من مليون دولار سنوياً، عائدات مقالاتهم على «سابستاك».
وهناك قائمة تضم عشرة كتاب يحصدون أكثر من 25 مليون دولار سنوياً من المقالات التي يكتبونها على المنصة، مقابل اشتراكات يدفعها القراء المهتمون.
تقول المنصة: إن هناك أكثر من مليوني اشتراك مدفوع للكتاب، كما أن الشبكة لديها عموماً أكثر من 35 مليون اشتراك نشط. يقدم هؤلاء الكتاب مقالات رفيعة ومتخصصة، تستقطب اهتمام القراء الذين يبحثون عنهم بالاسم، تماماً مثلما يبحثون عن طبيب بعينه، يراجعونه، أو فيلم جديد لنجم يحبونه.
في العامين الماضيين، شهدت المنصة طوفان من الصحفيين والكتاب الذين قرروا أن يهجروا صحفهم للعمل لحسابهم الشخصي أو للحصول على دخل إضافي لتسديد الفواتير المتزايدة.
من هؤلاء الصحفيين المليونيرات، الكاتبة إيما جانون التي بدأت حياتها المهنية في مؤسسة Conde Nast الشهيرة والمجلة الإلكترونية The Debrief قبل أن تصبح مؤلفة ومقدمة مدونات صوتية وكاتبة مقالات. انضمت جانون في مارس 2022، إلى سابستاك لأنها، توفر «إحساساً بالمجتمع» تفتقر إليه النشرات الإخبارية العادية عبر البريد الإلكتروني، حسبما تقول. وقد انتشرت النشرات الإخبارية الخاصة خلال السنوات الأخيرة، بطريقة فيروسية، بعدما وجد فيها الكتاب والصحفيون فرصة لتقديم جهدهم الخاص بمقابل مادي في إطار علاقة مباشرة مع جمهور القراء بعيداً عن الصحافة التقليدية، التي يعتبرها البعض الآن أندية كلاسيكية، قاصرة في نشاطها على بعض الأعضاء والقراء المحترفين.
أطلقت جانون لأول مرة نشرة إخبارية في يناير 2016 عبر منصة Mailchimp قبل الانتقال إلى سابستاك في مارس 2022 لأنها، كما أخبرت برس جازيت، أرادت «مجتمعاً حقيقياً عبر الإنترنت.»
لن أكتب مجاناً بعد الآن
بدأت نشرة «ذي هايفين» التي تصدرها إيما جانون مسيرتها بمقالات طويلة، حول موضوعات مثل «الكتب والرفاهية والإبداع والفرح والحياة المعيشية» عبر سابستاك بقائمة مشتركين من 9.000، نمت إلى 25.000 في 18 شهراً. يبلغ الآن عدد القراء أكثر من 27.000، منهم أكثر من 1.000 مشترك يدفعون اشتراكات. من هذا المجموع، 38% موجودون في الولايات المتحدة و 24% في المملكة المتحدة، تليها أستراليا وكندا والهند.
قالت جانون: إن تويتر وإنستغرام، كانا في أسفل مصادر الإحالة العشرة الأولى للمشتركين الجدد إلى نشرتها، مع أهم المصادر الأخرى مثل البريد الإلكتروني وتطبيق سابستاك وجوجل وموقعها على الويب.
على الرغم من أن جانون جلبت معها متابعين من الأماكن التي كانت تعمل بها، إلا أنها أنها «رأت بعض الكتاب يبدؤون من الصفر ولديهم بالفعل الكثير من النمو في فترة زمنية قصيرة». تخلت جانون عن بعض مشاغلها، لتركز طاقتها كلها من أجل سابستاك التي منحتها نجاحاً كبيراً من الناحية المالية، مما مكنها من القيام بذلك بدوام كامل إلى حد كبير. كان لديها بودكاست خاص لمدة ست سنوات حول العمل والرفاهية والإبداع، والذي حقق 12 مليون عملية تنزيل - لكنها قررت إنهاء ذلك في يونيو لأن نشرتها الإخبارية تجلب نفس المبلغ من المال، إن لم يكن أكثر.
لذلك قررت جانون بعد عام على نشرتها الإخبارية عبر سابستاك أنها لن تكتب مجاناً بعد الآن، وجعلت كتابتها مدفوعة الأجر، دون تجربة مجانية، باستثناء عدد قليل من الاشتراكات المجانية لأولئك الذين لن يكونوا قادرين على تحمل تكاليفها، والنشر المجاني العرضي مرة واحدة في الشهر للمشتركين الذين لا يدفعون.