خولة علي (دبي) 
الترفيه خطوة نحو التوازن النفسي والجسدي، ووسيلة لزرع بذور الأمل والتفاؤل والبهجة والرغبة في الحياة. وإذا نظرنا إلى كبار السن، نكتشف أنهم يعيشون نمط حياة يقترب من العزلة، الأمر الذي يفرض على الجميع مساعدتهم ليكونوا أكثر تفاعلاً، وأكثر قدرة على كسر روتين حياتهم وإضفاء الفرحة، وهذا يتحقق بتوفر حزمة من وسائل المرح والتسلية ليواصلوا حياتهم بكفاءة. فكيف يمكن تحقيق ذلك؟ وإلى أي مدى يمكن أن يلعب الترفيه دوراً إيجابياً ومؤثراً في حياة كبار السن؟ 
تشير منى اللوغاني، تربوية، إلى أن الترفيه يساعد في تعزيز الصحة النفسية لكبار السن، لاسيما الذين يعانون من الشعور بالوحدة أو الاكتئاب نتيجة لعزلتهم وعدم مشاركتهم في أنشطة اجتماعية. فالترفيه فرصة للتفاعل الاجتماعي والتواصل مع الآخرين، ما يشعرهم بالسعادة.

وذكرت أن الترفيه يسهم في تحفيز العقل والحفاظ على قوة التركيز والقدرات العقلية من خلال القيام بأنشطة مثل حل الألغاز، ألعاب الذاكرة، وممارسة الهوايات الإبداعية، والمشي في الهواء الطلق، والقراءة، وممارسة اليوغا أو الاستماع إلى الموسيقى التي تساعد على تهدئة الأعصاب والاسترخاء. 
سعادة ورضا
وترى اللوغاني، أن الترفيه يرفع مستوى السعادة والرضا الشخصي لكبار السن، ويسهم في إضفاء الإيجابية والمرح على حياتهم، فهو أداة مهمة لتعزيز جودة الحياة وتحسين النواحي النفسية والاجتماعية والعقلية لديهم، كما يساعد في الحفاظ على اللياقة البدنية والصحة العامة. 
وذكرت اللوغاني، أنه من المهم توفير فرص الترفيه المناسبة والمتنوعة لكبار السن، سواء عبر الأنشطة الترفيهية في المجتمعات المحلية، أو من خلال الرحلات والمشاركة في الأنشطة الثقافية والاجتماعية المناسبة، مع توفير المساندة اللازمة ليواصلوا حياتهم بتفاؤل، بعيداً عن التوتر والضغوط اليومية.

هوايات وتواصل 
وأكدت فاطمة السيد، طبيبة نفسية، أن الترفيه في حياة كبار السن له فوائده على صحتهم النفسية والجسدية، فعندما يكبر الإنسان بعد سنوات من العطاء والإنجاز، ويتقاعد عن عمله، تقل مسؤولياته ومهامه اليومية وتحركاته وزياراته الاجتماعية، ما يولد الشعور لديه بالعجز والانعزال والوحدة، بالإضافة إلى شعوره بأنه شخص غير مفيد في المجتمع، وهذه المشاعر قد تتسبب بالحزن والاكتئاب في بعض الحالات. فمشاركة كبار السن في الأنشطة الترفيهية تُعتبر فرصة للتقليل من الضغوطات النفسية والأفكار السلبية وتساعدهم على التواصل مع الآخرين، حيث أثبتت الدراسات أن ممارسة الأنشطة الترفيهية وبعض الهوايات لها دور كبير في تعزيز الصحة النفسية وتحسين المزاج، وبالتالي ينعكس على الصحة الجسدية. 
«الصحة العالمية»
تؤكد فاطمة السيد، أن إحصائيات منظمة الصحة العالمية تؤكد أن 20% من كبار السن يعانون من اضطرابات نفسية لأسباب عدة، ما دفع المنظمة للتشجيع على بدء البرامج المجتمعية التي تركز على صحتهم النفسية وتعزيزها، ومنها التركيز على تطوير المهارات والخبرات والمشاركة في الأنشطة الترفيهية المجتمعية.

احترام وتقدير
وأوضحت مريم الزرعوني، مستشار أسري، أن كبار السن قد يعانون من الفراغ والملل لفترات طويلة، ما يعرضهم للمعاناة الصحية والنفسية، ولذلك فإن الترفيه يفتح آفاقاً واسعة لتجنب استسلامهم لأعراض تقدم السن والتثاقل عن الحركة والمسؤوليات، ويدفعهم للتفاعل مع الحياة وممارسة الأنشطة المتنوعة المناسبة التي تحسّن من الحالة الصحية والذهنية والنفسية وتعمل على تخفيف الضغوطات المختلفة. ولابد هنا من دمجهم في المجتمع الخارجي، وإخراجهم من محيط العزلة والوحدة، وتوفير نوع من التواصل مع من هم في أعمارهم، وكسر رويتنهم اليومي من خلال برامج تستهدفهم، لشغل وقت فراغهم بأمور تحظى باهتمامهم وتزيد ثقتهم بأنفسهم وترفع معنوياتهم. ويجب على الأبناء التعامل باحترام وتقدير وحنان مع كبار السن، ليشعروا بالسعادة والامتنان لما قدموه في حياتهم لأبنائهم وأحفادهم. 

تجديد النشاط
ويحرص عبدالجليل الطاهري، متقاعد، على مرافقة كبار السن في رحلاتهم الترفيهية التي ينظمها نادي ذخر الاجتماعي بدبي، حيث يقدم مجموعة من الأنشطة والفعاليات والبرامج اليومية التي تعنى بالجوانب الثقافية والاجتماعية والصحية. وقال: لقد أسهمت المراكز المعنية بكبار السن على دمج هذه الفئة بالمجتمع من خلال الفعاليات الاجتماعية والترفيهية التي تنظمها، ووفرت نوعاً من تجديد النشاط والبهجة. وقدمت هيئة تنمية المجتمع الكثير من الخدمات، ولم تهمل جانب الترفيه الذي يفتقده البعض لظروف مختلفة، حيث نظمت العديد من الرحلات الترفيهية والثقافية والفعاليات والمناسبات المجتمعية، ليتواصل كبار السن مع بعضهم البعض. 

أحاديث ودية
يعمل محمد إبراهيم البلوشي، من خلال نشاطه التطوعي، على إسعاد كبار السن ومد جسور التواصل معهم. وقال: إن الاهتمام بكبار السن والعمل على تقوية الروابط معهم نابع من ديننا الإسلامي الحنيف والتكافل في مجتمع دولة الإمارات، فهذه الفئة تستحق الاهتمام والتقدير بتوفير احتياجاتها ومتطلباتها، حيث يمثل الترفيه عنصراً لا يقل أهمية عن الاحتياجات الأخرى، فهو يسهم في تحسين المزاج. ونحن كمتطوعين نعمل على تنظيم الزيارات واللقاءات والفعاليات الترفيهية لإسعاد كبار السن، مع العمل على ترسيخ أواصر الترابط المجتمعي فيما بينهم. 

دعم نفسي
يرى الدكتور علي سالمين بادعام، كاتب وإعلامي، أن مشاركة كبار السن في الفعاليات الترفيهية، تضمن تواجدهم في دائرة المجتمع وتسهم في تفعيل الدمج الاجتماعي، لاسيما أن  الإمارات تتميز بتنوع مجالات وأدوات الترفيه، كما توفر برامج تدعم الجانب النفسي والبدني والذهني، ما يجعل كبار السن يشعرون بالاهتمام والتقدير على مستوى الدولة والمجتمع والأسرة بصورة مُثلى.