د. شريف عرفة

من أجل إنقاص الوزن، تتبادر لأذهاننا أمور كممارسة الرياضة وخيارات الطعام الصحي، إلا أن هناك زاوية قلما تخطر ببال أحد رغم تأثيرها الكبير في شهيتنا وقدرتنا على إنقاص الوزن.. وهي كيفية استخدامنا لمواقع التواصل الاجتماعي.  كانت «دلال» تتابع تلك الفيديوهات العجيبة التي تظهر أناساً يتناولون الطعام في شراهة أمام الكاميرا.. وتتابع أشهر الطهاة أصحاب الوصفات الشهية والكميات المهولة.. والمؤثرين الذين يرشحون المطاعم الجيدة ذات الجبن المنصهر واللحم الذي ينز منه الدهن.. في الحقيقة، لو نظرت لحسابها على مواقع التواصل لشعرت بالجوع.. الأمر الذي قد يفسر سبب عدم قدرتها على التحكم في وزنها. 
حين قررت «دلال» اتخاذ خطوة إيجابية، تابعت بطلات الرياضة وأصحاب الحميات الغذائية والنصائح الصحية.. فأصابها الإحباط حين قارنت بينها وبينهم.. فلجأت مرة أخرى لما يخفف عنها: الطعام! 
فماذا تفعل؟

تأثير مزدوج
وفقاً لدراسة حديثة تحمل عنوان «إذا قمت بإلغاء متابعتهم، فهذا ليس انتقاصاً منهم: تحليل سردي لاستخدام (إنستجرام) في التعافي من اضطرابات الشهية»، للباحثة  إلينكا نيكولوفا وزملاؤها من كلية علم النفس بجامعة ماسي في نيوزيلندا، وجد العلماء أن استخدام موقع «إنستجرام» قد يؤثر بشكل ملحوظ في قدرتنا على اتباع نمط حياة صحي. 
تم اختيار «إنسجرام»؛ لأنه يقدم محتوى مرئي فقط، يعزز بشكل ضمني قيمة الشكل الخارجي.. الصورة المثالية التي تم تعديلها أو ذات زوايا التصوير المختارة بعناية.. لما لذلك من تأثير نفسي، قد يؤثر في التحكم في الشهية. 
وجدت الدراسة أن لموقع «إنستجرام» تأثير مزدوج. قد يكون ضاراً، أو نافعاً، في التحكم في الوزن!
- فمن ناحية، تكرار التعرض لصور مثالية قد يؤدي لإحباط المقارنات الاجتماعية.. إما برسم صورة غير واقعية لما ينبغي للمرء أن يكون عليه، أو تعزيز عدم الرضا المبالغ فيه عن النفس وصورة الجسم.
- لكن من الناحية الأخرى، استخدام «إنستجرام» قد يكون مفيداً لإنقاص الوزن، بإيجاد الدعم الاجتماعي ومتابعة الأفراد الذين يشبهوننا ويقدمون نصائح مفيدة قابلة للتطبيق!

الاستخدام الأمثل
بعبارة أخرى، يتوقف الأمر على الطريقة التي يدير بها المستخدم حسابه. ومن وحي نتائج الدراسة يمكننا استخلاص مجموعة من الممارسات المفيدة في التحكم في الوزن. مثل:
احذر الخوارزميات
اختيارنا لمن نتابعهم على «إنستجرام»، قد يصيبنا بالإحباط، لكنه يمكن أن يوفر الإلهام والدعم. لكن ميزة «الاستكشاف explore» في «إنستجرام»، قد تقدم محتوى يجده المستخدمون جذاباً يدعو للمشاهدة رغم كونه ضار. هنا يجب على المستخدمين توخي الحذر وتجنب التعامل مع مثل هذا المحتوى ومنعه من الظهور بشكل متكرر.
اتخذ قرارات واعية بشأن من يجب متابعتهم أو التوقف عن ذلك، من دون أن يكون المقياس الوحيد هو متعة المشاهدة. لا تتابع المحتوى «المثير» الذي يحفز شهيتك، أو يثير المقارنات الاجتماعية فيجعلك يائساً من التغيير.

التقييم النقدي
بعض الحسابات على «إنستجرام» تروج لمحتوى تعتبره مفيداً لإنقاص الوزن واتباع نمط حياة صحي، لكن هذا لا يعني أن هذه الحسابات مفيدة بالفعل!  فمن الضروري إجراء تقييم نقدي لمحتوى هذه الحسابات؛ لأنها قد تروج لمعلومات مغلوطة أو تثير الإحباط لصعوبة النصائح التي تروج لها أو عدم مناسبتها للمستخدم.

وضع الحدود مع الأصدقاء والعائلة
هنا تأتي نقطة خطيرة تعرضت لها الدراسة. أحياناً يكون المحتوى الذي ينشره الأصدقاء أو أفراد العائلة ضاراً أو مثيراً لشهية.. لذا فكر في وضع حدود. قد يتضمن ذلك إلغاء متابعة حسابات معينة أو إيقاف الإشعارات القادمة منها.  عن هذه النقطة تقول إحدى المشاركات في الدراسة - وتدعى بيانكا - إن إلغاء متابعة شخص ما لا يعني أنك لا تحبه كشخص، بل يتعلق الأمر بإعطاء الأولوية لصحتك النفسية! كما أن عدم متابعة شخص على الـ «سوشيال ميديا»، لا يمنع صداقتكما في عالم الواقع! 

ابحث عن منصات بديلة
إذا أصبح «إنستجرام» صعباً، فكر في استخدام منصات أو تطبيقات تواصل أخرى أقل تركيزاً على الصور وأكثر تشجيعاً لتبادل الأفكار والدعم الاجتماعي. 

إعطاء الأولوية للتواصل الحقيقي
الانخراط في التفاعلات الاجتماعية وجهًا لوجه، وتفضيلها على التواصل الافتراضي، مفيد في التحكم في الشهية.. 
لأن قرار تناول الطعام يحدث في الحياة الواقعية لا الافتراضية!
والتحكم في الشهية معركة تخاض في العالم الحقيقي، لا الافتراضي!