نيويورك (الاتحاد)
مع الصعود المدوي لوسائل التواصل الاجتماعي، دأب كثيرون على التحذير من خطر الخوارزميات على البشر. رأى البعض أن الوعي العام للأفراد والمجتمعات، تشكله الآن مصفوفات معقدة من البيانات، هي المسؤولة عما يراه ويقرأه مليارات الأشخاص عبر منصات السوشيال ميديا على مدار الساعة. بالتالي تتشكل أفكارنا ووجهات نظرنا بشأن قضايا كثيرة، بناء على ما تبثه لنا تطبيقات مثل فيسبوك وإنستغرام، من دون أن يكون لنا اختيار حقيقي وحاسم، فيما نتابعه. من ثم ظلت تتردد بإلحاح المطالب بضرورة إلغاء أو إبطال مفعول الخوارزميات لوقف انتشار المعلومات الخاطئة والأخبار المفبركة منعاً لتفاقم الاستقطاب السياسي والانقسامات العرقية وتفشي التطرف العنصري والديني.
لكن يبدو أن الأمر ليس كذلك بالضبط، بحسب 4 دراسات جديدة وجدت أننا ربما كنا نبالغ في تأثير الخوارزميات بدرجة تفوق الواقع.
وجد الباحثون نتائج معقدة من التجارب على خوارزميات فيسبوك وإنستغرام، مما يشير إلى عدم وجود حل سحري لإصلاح تلك المنصات، بحسب تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز.
يقول الكاتبان مايك إسحاق وشيرا فرينكل إن الدراسات الجديدة التي نشرت قبل أيام - بينها دراسة فحصت بيانات 208 ملايين أميركي استخدموا فيسبوك خلال الانتخابات الرئاسية 2020 - تشكك في مدى نفوذ الخوارزميات على أفكارنا وسلوكنا.
وجد الباحثون من جامعة تكساس وجامعة نيويورك وبرينستون ومؤسسات أخرى أن إزالة بعض الوظائف الرئيسية لخوارزميات المنصات الاجتماعية «ليس لها آثار قابلة للقياس» على المعتقدات السياسية للناس. في إحدى التجارب على خوارزمية فيسبوك، انخفضت معرفة الناس بالأخبار السياسية عندما تمت إزالة قدرتهم على إعادة مشاركة المنشورات.
أيضاً اكتشف الباحثون أن أكثر من 97% من الروابط للقصص الإخبارية التي تم تصنيفها على أنها خاطئة من قبل مدققي الحقائق على التطبيقات خلال الانتخابات الأميركية 2020 جذبت قراء أكثر تحفظاً من القراء الليبراليين.
تقدم الدراسات التي نشرت في مجلتي ساينس ونيتشر، صورة متناقضة ودقيقة لكيفية استخدام الأميركيين - وتأثرهم - باثنين من أكبر المنصات الاجتماعية في العالم. وتشير النتائج المتضاربة إلى أن فهم دور وسائل التواصل الاجتماعي في تشكيل الخطاب قد يستغرق سنوات حتى يتراجع.
تميزت الأوراق أيضاً بالأعداد الكبيرة من مستخدمي فيسبوك وإنستغرام الذين تم تضمينهم، وحصل الباحثون على البيانات وصاغوا وأداروا التجارب بالتعاون مع Meta التي تمتلك التطبيقات.
قالت تاليا ستراود، مؤسسة ومديرة مركز المشاركة الإعلامية في جامعة تكساس في أوستن، وجوشوا تاكر، الأستاذ والمؤسس المشارك لمركز وسائل الإعلام الاجتماعية والسياسة في جامعة نيويورك الذي ساعد في قيادة المشروع، إنهما «يعرفان الآن مدى تأثير الخوارزمية في تشكيل تجارب الأشخاص على المنصة».
لكن ستراود قالت في مقابلة إن البحث أظهر «القضايا الاجتماعية المعقدة للغاية التي نتعامل معها» وإنه من المحتمل ألا يكون هناك «حل سحري» لتأثيرات وسائل التواصل الاجتماعي. وقالت كاتي هارباث، مديرة السياسة العامة السابقة في Meta التي تركت الشركة في 2021 «يجب أن نكون حذرين بشأن ما نفترض أنه يحدث مقابل ما هو في الواقع». وأضافت أن الدراسات قلبت «التأثيرات المفترضة لوسائل التواصل الاجتماعي». وأوضحت أن التفضيلات السياسية للناس تتأثر بالعديد من العوامل، وأن «وسائل التواصل الاجتماعي وحدها ليست مسؤولة عن كل مشاكلنا».
وقال كليج، رئيس الشؤون العالمية في ميتا، إن الدراسات أظهرت أن «هناك القليل من الأدلة على أن السمات الرئيسية لمنصات ميتا وحدها تسبب استقطاباً (عاطفياً) ضاراً أو لها تأثيرات ذات مغزى على هذه النتائج». وتابع أنه في حين أن الجدل حول وسائل التواصل الاجتماعي والديمقراطية لن تحسمه النتائج، «نأمل ونتوقع أن يعزز فهم المجتمع لهذه القضايا».