أبوظبي (الاتحاد)
«المريحانة».. واحدة من أشهر وأقدم الألعاب الشعبية في الإمارات، كونها تعتمد على مكونات بسيطة منتشرة في البيئة المحلية، وهي «الحبال» التي تربط بين النخيل، أو بين أشجار السدر، ليجلس الصغار من البنات والأولاد عليها، ويستمتعوا بممارستها عصر كل يوم برفقة أصدقاء الفريج، حين كانت ألعابهم دوماً تتسم بالبساطة، وتعود عليهم بالعديد من المنافع واكتساب المهارات واللياقة البدنية.
مكانة خاصة
اكتسبت «المريحانة» مكانة خاصة ومميزة في عالم الألعاب الشعبية منذ عشرات السنين، ولا تزال حتى الآن تمارس بالشكل التقليدي ذاته، حتى وإن اختلف شكلها، واتخذت مظهراً عصرياً نراه في الحدائق المنزلية، وفي المهرجانات التراثية والوطنية.
يطلق عليها بعضهم (الدورفة) و(الدرفانة)، وأغلب من تمارسها الفتيات الصغيرات، وهي عبارة عن حبل مربوط بين غصني شجرة ضخمة مثل شجرة السدر أو الرول، وعند اللعب تجلس البنت وسط الحبل، وتدفع برجليها إلى الأمام أو تقوم بعض زميلاتها بدفعها، ومن ثم تتحرك إلى الأمام والخلف، وأثناء ذلك يرددن الأناشيد المصاحبة لهذه اللعبة.
أغاني «المريحانة»
وقد اشتهرت «شجرة الرولة» في مدينة الشارقة والتي كانت تربط بين أغصانها حبال المراجيح، وكذلك في رأس الخيمة عرف الناس شجرة الرولة التي يتجمعون تحتها يوم العيد ويلعبون المراجيح، وينشدون ويغنون أعذب الأغاني، مرددين: «يا أمي يا أمي يا امايه.. راع البحر ما باه.. أبا وليد عمي.. بخنيره ورداه.. لا هد خطام الصفرا.. ولآ ضيّع عصاه»، وعند الانتهاء من اللعب على المريحانة يرفع الحبل إلى أعلى السدرة، لكي لا يتعثر به أحد.
ويمكن أن يربط حبلان مزدوجان للمريحانة وتجلس فتاتان متقابلتان، بحيث تفردان ساقيهما وتمسك كل منهما بإبهام وسبابة القدم في حبل الأخرى، وتشط بهما الأخريات مع ترديد الأهازيج بالتناوب، وهذه اللعبة تمنح الفتاة لياقة بدنية ورشاقة، ومتعة أيضاً.

بيئات مختلفة 
لُعبة «المريحانة» لها أهمية خاصة عند أهل الإمارات بمختلف بيئاتهم الجبلية، الساحلية، الحضرية، والزراعية، وكل بيئة كانت تعتمد على أشجار معينة لعمل المريحانة، فالبيئة البدوية تعتمد على شجر الغاف لكونه الأكثر انتشاراً فيها، في حين يعتمد أهالي البيئتين الساحلية والجبلية على أشجار السدر والسمر، بينما أهل المناطق الزراعية يعتمدون على جذوع النخيل.
أما الحبل الذي يربط بين طرفي المريحانة، فيسمى حبل «الكوبار»، وهذا الحبل يصنع من غزل ألياف النخيل، وفي وسط الحبال هناك لوح خشبي عرضه نحو 30 سنتيمتراً، لتسهيل الجلوس على المريحانة، وتشجيع الصغار على اللعب لفترات أطول.
صناعة
عن طرق صناعة «المريحانة»، أصبحت تُصنع من خشب «الجندل» القادم من الهند، وبعض البلدان الأفريقية، كما أن طقوس المريحانة، لم تقتصر فقط على الصغار، وإنما يقبل عليها نساء الفريج من الجيران والأقارب اللواتي كن يجلسن إلى جوار أبنائهن، أثناء ممارسة هذه اللعبة.