خولة علي (دبي) 
يهوى الكثير من محبي المغامرات واستكشاف الطبيعة، توثيق الحياة البحرية، ومنهم الإماراتية يسرى الخياط الشغوف بتصوير الكائنات البحرية الدقيقة التي لا ترى بالعين المجردة، متخذه من عدسة «الماكرو» وسيلتها لتكشف عن أسرار الأعماق وعالمها الخفي، بعدما انبهرت في أول تجربة غطس، فحاولت جلب هذا الجمال غير المرئي من أعماق البحر إلى العالم الخارجي، لتبهر محبي التصوير والراغبين في تأمل الأعماق وسحرها، مع التوعية بضرورة الحفاظ على البيئة البحرية التي تُعد ثروة طبيعية ووطنية للأجيال.

انتسبت يسرى الخياط كعضوة في فريق جمعية الإمارات للغوص، ومع اكتساب الخبرة وصلت إلى مستوى الغواصات المنقذات، كما أن عضويتها في جمعية الإمارات للتصوير الضوئي كمصورة فوتوغرافية، ساعدتها في توثيق رحلتها والتقاط صور للحياة الفطرية في البيئة البحرية الضحلة والغنية بالكائنات التي لم يُكشف عنها بعد. وتقول الخياط: احترفت مهنة التصوير نتيجة لكثرة المناظر البديعة التي رغبت في توثيقها بعدستي والاحتفاظ بها، ولاسيما الكائنات الدقيقة التي تحتاج إلى عدسة «الماكرو» لرؤيتها عن قرب والاستمتاع بألوانها ومنظرها الزاهي، كما حملت رسالة توعية لحماية هذه الأحياء والاهتمام بها في بيئتها البحرية، وذلك بإزالة المخلفات والملوثات التي تفتك بها، خصوصاً أن حجمها لا يتعدى المليمترات. 

تطوير 
سعت الخياط إلى تطوير مهاراتها في تقنية التصوير تحت الماء، من خلال التحاقها بدورات وورش تدريبية، مع متابعة فيديوهات تعليمية لخبراء التصوير على «السوشيال ميديا»، إضافة إلى الحرص على التواصل مع نخبة من المصورين المحترفين في مجال تصوير الأعماق، سواء من داخل الإمارات أو خارجها، وأيضاً الاطلاع على كل ما هو جديد في مجال معدات وتقنيات التصوير الحديثة، والتي تتميز بخفتها وحجمها الصغير وتقنياتها الاحترافية، وتستخدم الخياط كاميرا 
«كانون R6» مع معداتها الخاصة بالتصوير تحت الماء لالتقاط الصور الفوتوغرافية المميزة. ولتصوير الفيديو تستخدم كاميرا «القوبرو»، وأحياناً الكانون حسب الكائنات البحرية وحجمها، كما قامت بتجربة استخدام كاميرا الهاتف مع جهاز خاص يحميه تحت الماء.

مخاطر
ترى يسرى الخياط أن تصوير الكائنات الدقيقة ليس بالأمر السهل، نظراً لصغر حجمها، فهي لا تتعدى المليمترات وغالباً ما تختبئ في أماكن وزوايا محاطة بصخور حادة أو كائنات سامة وخطيرة أو أنواع من المرجان الناري واللاسع. وذات مرة تعرضت الخياط أثناء اندماجها في التصوير للسعات من المرجان وقنفذ البحر، وعانت آلاماً مبرحة لمدة أسبوع، حتى زالت آلامها بعد استخدامها كمادات من الخل.

«فوبيا»
من التحديات التي واجهتها الخياط معاناتها لسنوات من «فوبيا» أعماق البحر، حتى قررت أن تتغلب على مخاوفها وتحترف مهارة الغوص، ووجدت أن هذا العالم الخفي تحت الماء فيه من الجمال والجاذبية ما يدفع المرء إلى امتلاك الإرادة للغوص واستكشاف سحر الغموض، لافتة إلى أن رحلات الغوص مكلفة لما تتطلبه من معدات دقيقة وحديثة للتصوير.

مدربة محترفة
شاركت الخياط تطوعاً في تصوير كائنات بحرية لمشروع أبحاث في المالديف، إضافة إلى فيلم وثائقي قصير في الأعماق، وقدمت ورشاً تعريفية وتدريبية حول التصوير تحت الماء في الإمارات وتنزانيا والفلبين. وتطمح لأن تكون أول مدربة إماراتية محترفة في التصوير تحت الماء، من خلال خطط وأهداف تطويرية تسعى إليها.

«بزاقات»
تخصصت الخياط في تصوير الكائنات البحرية الدقيقة التي يصعب رؤية تفاصيلها بالعين المجردة، مثل عاريات الخياشيم، وهي نوع من «البزاقات» من غير أصداف وقواقع. وتعتبرها الخياط لوحة فنية تحت الماء نظراً لألوانها الزاهية، بالإضافة إلى تصوير أسماك الضفدع وأنواع أخرى من الجمبري والسلطعون، ولم تتوقف عند تصوير البيئة البحرية المحلية فقط، وإنما غاصت في أعماق بحار دول عدة في سلطنة عُمان والسعودية وإندونيسيا والفلبين ومصر، وأيضاً تنزانيا بجزيرتي زنجبار ومافيا، ولم تقاوم تجربة الغوص في بحر المالديف، وكل هذه المحطات والمواقع شكلت لها تجارب شائقة من عوالم بحرية لا تنسى.